حمد بن جاسم آل ثاني: الحل في سوريا بدعم المعارضة
٢١ أبريل ٢٠١٣في مقابلة مع DW قال رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني إن بلاده تستثمر في ألمانيا والعالم العربي لتعظيم ثروة الأجيال القادمة في قطر. ووصف الشيخ حمد الانتقادات الموجهة لسياسة قطر إزاء مصر بأنها إشاعات وأكاذيب. ونفى أن يكون لبلاده طموحات لقيادة الجامعة العربية معتبرا أن الأمر يتعلق برؤية قطرية لتطوير العمل العربي المشترك. وحول الأزمة في سوريا حمّل المسؤول القطري الحكومة السورية مسؤولية عدم التوصل إلى حل سياسي معتبرا أنها لم تقدم حتى الآن شيئا للمبعوث الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي سوى تضييع الوقت. وربط التوصل إلى مثل هذا الحل باستمرار دعم المعارضة السورية وتحقيق توازن عسكري بين طرفي النزاع، مضيفا بأن سوريا يجب أن تكون لكل السوريين، مسلمين ومسيحيين وأكراد. وفيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط دعا الشيخ حمد إلى إحلال السلام فيها ومع إسرائيل، وإلى استرجاع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، مضيفا بأن بلاده تريد عالما عربيا مستقرا ومتقدما ينشد التنمية وينبذ العنف، فيما يلي نص المقابلة التي أجريت مع الشيخ حمد خلال انعقاد منتدى برلين للأعمال والاستثمار في قطر خلال يومي 15 و 16 أبريل/ نيسان 2013.
DW: معالي الشيخ، بداية هناك توجه لدى قطر للاستثمار وخاصة في الدول الأوروبية والآن في ألمانيا، ما الذي يحرك هذا التوجه، وما هي القطاعات التي ترغبون بالاستثمار فيها؟
الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني: بالنسبة لاستثمارات قطر في العالم، وفي ألمانيا بالذات، نحن بدأنا في ألمانيا باستثمارات عديدة شملت شركات كبيرة. الهدف من هذه الاستثمارات هو تعظيم الثروة للأجيال القادمة لدولة قطر، واستغلال كل ما هو إضافي ولا يستخدم في الموازنة أو في التنمية الداخلية لتنمية هذه الأموال خارجيا حتى تكون مصدرا مهما للدخل عندما تنخفض إيرادات النفط أو الغاز في المستقبل. وتأتي هذه السياسة التي اتبعناها في آخر خمس سنوات بتعليمات من سمو الأمير وسمو ولي العهد. واعتقد أنها أثمرت كثيرا من ناحية العوائد، ومن ناحية الخبرة التي اكتسبناها في التعامل مع الأسواق العالمية.
إلى جانب الأسواق العالمية، هناك أيضا العديد من الاستثمارات في الدول العربية، وخاصة في دول الربيع العربي. ولاحظنا أخيرا أن الاستثمارات القطرية في مصر قد أثارت نوعا من الجدل. كيف تنظرون إلى ذلك؟
أولا: اعتقد أن هذا الجدل لا يقوم على أساس، أغلب الأمور التي أثيرت إشاعات غير صحيحة، أو كلها إشاعات غير صحيحة. ثانيا: لا اعتقد انه ذنب إذا أردنا مساعدة بلد عربي من خلال الاستثمار فيه، لأن الاستثمار في الدول العربية جزء من خطة قطر. ومن الأمثلة على ذلك الاستثمار بالزراعة في السودان وفي المغرب، أما في مصر فبدأنا منذ سنوات، ولكن كان هناك تأخير في الاستثمارات هناك بسبب الظروف السياسية بيننا وبين الحكومة المصرية في ذلك الوقت، وفي دول عربية أخرى مثل سوريا بدأنا قبل الثورة. نحن بدأنا هناك، أولا: لأن الدول العربية بحاجة لمثل هذه الاستثمارات، ثانيا: هناك تشغيل لعمالة عربية، وثالثا: نحن نعتقد أن هذا جزء من التكامل العربي، أي استثمار جزء من الثروة فيها. ما أثير في مصر في الحقيقة هو ذو أهداف سياسية. لأن كل قضية أثيرت هي كذب. وإذا كان هناك أدلة في قضايا تخالف القوانين في مصر، فنحن نحترم القوانين المصرية. مصر دولة عربية كبرى. نعتقد أن قوتها هي قوة لكل العرب. لذلك نعتقد أن دعم مصر في هذا الوقت واجب.
قطر كانت في بداية الدول التي تحركت للوقوف إلى جانب الحركات والانتفاضات الشعبية في تونس ومصر وليبيا. كيف تقيمون الوضع ألان في هذه الدول بعد عامين ربما على نجاح الثورات؟
عندما تبدأ الثورات في العالم، تبدأ على مراحل. وأنا اعتقد أن هذه الثورات لم تنضج بعد. حصل نوع من النزيف في الثورة، وفي الاحتياطيات في هذه الدول بسبب الثورات، ولكن أنا متأكد أن النظام سيسود في النهاية، أو هذا ما نتأمله؛ نتأمل أن يكون هناك نظام يقوم بنهضة شاملة تستعيد قوى هذه الدول، وأيضا تجعل الإنسان هو هدف التنمية، والهدف للرقي، وأن لا يكون الهدف فقط مجموعة أو حكومة بحد ذاتها.
من الملاحظ أن هناك تراجعا لبعض الدول على صعيد الجامعة العربية بعد الثورات، بينما هناك دور بارز لقطر والمملكة العربية السعودية على صعيد الجامعة. البعض يتحدث حتى عن قيادة خليجية لها، كيف تعلقون على ذلك؟
لا أريد تسميتها قيادة خليجية. أنت تعرف أن هناك دول تمر بالتغيير الذي يحصل في العالم العربي، وهناك دول لديها مشاكل داخلية، وهناك دول تقدم موقفا كلاسيكيا دائما في الجامعة العربية. ومجلس التعاون، وبالتحديد قطر أستطيع أن أتحدث عنها. لدينا رؤية، ولكن ليس لقيادة الجامعة، لأن هذا غير صحيح، وهذا غير ممكن. لدينا رؤية حول كيفية أن يكون هناك توجه لدى الجامعة العربية لتطوير العمل العربي المشترك، وأن يكون هناك نظام فعال في الجامعة، ليس فقط لقطر. ولكن فعال لكل العرب. هذا ما نطمح له، ولكن أنا اعتقد أن هناك وعي عربي على كل المستويات، بما فيها الحكومات، وبما فيها الجامعة العربية. علينا أن نستغل هذا الوعي لتطوير العمل العربي بشكل عام.
في سياق الحديث عن دور الجامعة العربية في سوريا، نفت الجامعة نية المبعوث الدولي لسوريا الأخضر الإبراهيمي الاستقالة. كيف تنظرون لمهمة الإبراهيمي. هل لا تزالون تدعمون هذه المهمة وتعتبرونها مجدية ؟
هناك نقطة مهمة في هذا الموضوع وهي أن الدعم ليس فقط من الجانب العربي، أو الجانب الدولي. هل تريد الحكومة السورية والنظام السوري أن يحل الموضوع سياسيا أم يريد أن يلعب ويأخذ وقته طيلة فترة وجود الأخضر الإبراهيمي الذي نثق به ثقة تامة، وندعم مهمته. الحكومة السورية لم تعطه شيئا. هناك كلام فقط لتضييع الوقت وقتل عدد أكبر من الأبرياء في سوريا. وهذا ما يحصل إلى الآن خلال هذه المهمة. علينا أن نحدد ما هي النتائج التي استخلصناها من الفترة السابقة كي نستطيع تقييم المهمة في الفترة القادمة.
بالنسبة للجامعة العربية أيضا، قررتم في القمة الأخيرة السماح للأعضاء بتسليح المعارضة السورية أو بمدها بالسلاح. هل بدأت قطر بتسليح المعارضة السورية؟
هذا قرار سيادي طبعا، لكن جامعة الدول العربية والقمة العربية أقرت هذا المبدأ سواء وجد الدعم أو لم يوجد، المهم ما هي النتيجة؟ المهم كيف نستطيع أن نوقف حمام الدم في سوريا. أنا اعتقد إذا كان هناك من حل سياسي فلن يتحقق إلا إذا كان هناك توازن بين القوتين في سوريا. وللأسف يتم دعم الحكومة من قبل أطراف أخرى بدلا من أن نسعى كلنا للحل. لا تستطيع أن تقول أن هناك طرف يتم دعمه بالسلاح، وطرف آخر يتم دعمه بالمواعظ فقط. يعني نريد فعل شيء عملي بخصوص هذا الموضوع.
أفهم من هذا أن قرار مساعدة المعارضة السورية بالسلاح قد اتخذ من قبلكم ؟
أنا أتكلم بشكل عام، ولم أتحدث عن قطر بشكل خاص.
كيف تتعاملون مع المخاوف من التيارات الإسلامية في المعارضة السورية خاصة بعد إعلان جبهة النصرة في الأسبوع الماضي مبايعة قائد تنظيم القاعدة أيمن الظاهري؟
جزء من الموضوع هو نتاج لتأخير الحل في سوريا، هناك اتجاه للتطرف نوعا. طبعا نحن نعلم أن الشعب السوري موزاييك والديانات فيه متعددة، وهناك أيضا فصائل مختلفة من الشعب، ولذلك لا يستطيع أحد أن يفرض رأيا أو يقود. يجب أن تكون سوريا لكل السوريين، مسلمين ومسيحيين وأكراد. هذا أساس للدعم وللنظرة المستقبلية . سوريا لم تكن للجميع في الماضي. سوريا كانت نوعا ما أيضا ستارا للإرهاب في الماضي. نحن نعرف أن هناك إرهاب كان ينطلق من سوريا. ونعرف أشخاصا متسترين عليهم. هذه القضايا لا نريد أن نبحثها الآن، لأنه من المعيب أن نبحث شيئا في غير وقته. لكن نعتقد انه كلما تأخرنا ستكون هناك حدة للتعامل في سوريا. و أنا اعتقد أننا نتحمل مسؤولية هذه الحدة.
سؤال حول لبنان. كلنا نعرف أن مؤتمر الدوحة كان في الفترة الأخيرة ينظم الوضع السياسي إلى حد ما في لبنان. الآن بعد استقالة الحكومة، وتكليف رئيس جديد لتشكيلها هناك حديث عن تعاظم للدور السعودي. هل تراجع الدور القطري على ضوء ذلك؟
هذه قضية نفهمها نحن والأخوة في السعودية. هناك الكثير من الناس يعتقدون أننا في دور تنافسي مع الأخوة في السعودية. هذا الكلام غير صحيح. نحن دائما نقول أن السعودية هي الدولة الكبرى، والعمود الفقري في مجلس التعاون. ونحن سنساند أي دور تضطلع به السعودية، وسندعم الدور السعودي في لبنان. حتى مؤتمر الدوحة كان داعما لهذا الدور. نحن لا نريد دورا مهيمنا لقطر في أي مكان. ليس هذا هو هدف السياسة. هدفنا أن نرى عالما عربيا مستقرا ومتقدما؛ ينشد التنمية وينبذ العنف. نحاول أن نركز على كيفية إيجاد وظائف للناس، وكيفية إيجاد تعليم جيد، ووجود خدمات صحة للناس، وإحلال السلام في المنطقة، حتى مع إسرائيل يجب أن يكون هناك سلام، واسترجاع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ولكن يجب العيش بسلام. وهذا ما تقوله المبادرة العربية أيضا. نحن لا ننشد قيادة، نحن ننشد السلام والاستقرار في العالم العربي. مررنا بظروف في وقت من الأوقات، حيث رأينا أن هناك تخاذل من قبل بعض الدول العربية، الآن هناك تغيير في هذه الأنظمة نتيجة للربيع العربي، وأعتقد أن قواعد اللعبة قد تغيرت في العالم العربي بشكل كبير جدا.