حماية غير المدخنين في أوروبا ـ أستراليا كنموذج
١٧ أغسطس ٢٠١٢عبارة "التدخين يسبب سرطان الرئة" مع صورة لتليف سرطاني..هذا هو الشكل الجديد لعلب السجائر في أستراليا اعتبارا من كانون الأول/ ديسمبر المقبل أما اسم العلامة التجارية للسجائر فسيظهر بخط صغير على العلب التي سيكون لها لونا موحدا وهو البني المائل للخضرة. وتأتي هذه الإجراءات ضمن القانون الجديد لمكافحة التدخين والذي قضت به المحكمة العليا منتصف الشهر الجاري بعد أن رفضت الدعوى التي تقدمت بها شركات التبغ ضد هذه الإجراءات.
وقوبل هذا القرار بترحيب واسع النطاق من قبل منظمات مكافحة التدخين في مختلف أنحاء العالم والتي دعت بدورها الساسة في دول أخرى للسير على النهج الأسترالي.
من جهتها قالت مارتينا بوتشكيه - لانغر من المركز الألماني لأبحاث السرطان في هايدلبرغ، في تصريحات لـDW: "رصدنا خلال الأعوام العشرة الأخيرة زيادة كبيرة في معدلات الإصابة بسرطان الرئة بين الشابات لذلك نأمل أن تنتهج الحكومة الألمانية نفس النهج الأسترالي وتصدر مثل هذه القوانين الصارمة".
أوروبا على طريق تشديد القوانين
لا يمكن إنكار أن دول الاتحاد الأوروبي خطت خلال الأعوام الأخيرة خطوات جيدة في مجال مكافحة التدخين وحماية غير المدخنين لكنها لم تصل إلى صرامة الإجراءات الأسترالية الجديدة. فمنذ عام 2003 تحمل جميع علب السجائر التي تباع في الاتحاد الأوروبي عبارات تحذيرية مكتوبة بخط واضح مثل عبارة "التدخين يسبب الوفاة" كما أن إعلانات التبغ ممنوعة في الإذاعة والتليفزيون والإعلام المكتوب والإنترنت، لكن علب السجائر المتداولة في الاتحاد الأوروبي لا تحمل مثل هذه الصور الصادمة للمدخنين.
وعندما بدأت الدول المعروفة بكثرة عدد المدخنين فيها، مثل فرنسا وبريطانيا باتخاذ إجراءات واضحة لحماية غير المدخنين، شجع هذا الأمر دولا أخرى لاتخاذ إجراءات مشابهة منها منع التدخين في المطاعم والحانات.
أما في ألمانيا فقانون حماية غير المدخنين مسألة متروكة لحكومات الولايات الألمانية تحددها بنفسها مما يضفي الكثير من التعقيد والصعوبة على تنفيذ القانون. فولاية شمال الراين ويستفاليا على سبيل المثال – وهي أكبر الولايات الألمانية من حيث عدد السكان– وضعت بعض الاستثناءات المثيرة للجدل في هذا القانون الأمر الذي أثار حفيظة خبراء الصحة ونشطاء حماية غير المدخنين.
ويرى نشطاء حماية غير المدخنين أن القوانين الأوروبية في هذا المجال لم تصل بعد إلى المدى المطلوب إذ تنتقد بوتشكه لانجر استمرار السماح بالإعلان عن أنواع التبغ المختلفة عبر اللوحات الدعائية في الشوارع وتقول:"لصق دعايا التبغ في محطات الحافلات وعبر لوحات الإعلانات في الشوارع يعني احتفاظ التدخين بمكانته في الشارع وهو أمر نتمنى أن يتغير للأفضل".
وتطالب المفوضية الأوروبية منذ فترة طويلة بقواعد أكثر صرامة فيما يتعلق بمسألة التدخين. ومن المنتظر أن يعرض المفوض الأوروبي للشئون الصحية ، جون دالي على دول الاتحاد الخريف المقبل مجموعة من الاقتراحات لتحسين حماية غير المدخنين.
ووفقا لوسائل الإعلام فإن هذه الاقتراحات تتضمن على سبيل المثال تكبير حجم العبارات التحذيرية لتغطي ثلاثة أرباع علبة السجائر. لكن من غير المنتظر أن يصل الأمر في أوروبا إلى وضع الصور المفزعة كما يقول العضو في البرلمان الأوروبي عن حزب الشعب المحافظ الذي ينشط على المستوى الأوروبي، كارل هاينز فلورنس: "أعتقد أنه سيتم تشديد الإجراءات القانونية لكن التشديد لن يكون بنفس الدرجة التي يتمناها نشطاء حماية غير المدخنين".
صور مفزعة على علب السجائر
وتتفق بوتشكه –لانغر مع هذا الرأي إذ لا تعتقد أن أوروبا ستشدد قوانين التدخين كما فعلت أستراليا وتوضح ذلك قائلة: "تشكل شركات التبغ جماعات ضغط قوية على الحكومات..هي تتمتع مع الأسف بتأثير كبير في أوروبا".
أما عن درجة فاعلية وضع الصور المفزعة على علب السجائر تقول بوتشكه –لانجر إن الدراسات أثبتت التأثير القوي لهذه الصور لاسيما على المدخنين الشباب كما أن استطلاعات الرأي توضح أن الكثيرين ممن أقلعوا عن التدخين قالوا إن هذه الصور أثرت فيهم بشكل كبير.
لكن منع إعلانات التبغ في وسائل الإعلام وسيلة فعالة أيضا كما تشير نتائج الدراسات التي أجرتها منظمة أسترالية رصدت تبعات قانون حظر إعلانات التبغ وخلصت إلى أن عدد المدخنين الرجال في أستراليا تراجع بشكل واضح منذ عام 1983 من 40 إلى 16%. أما في الاتحاد الأوروبي فإن نسبة المدخنين تقدر بحوالي 28% كما أن ما يقرب من 700 ألف أوروبي يموتون سنويا بسبب التدخين.
فريدريكا شولتس/ ابتسام فوزي
مراجعة: أحمد حسو