حماس ـ براغماتية إعادة التموضع والتأقلم مع المتغيرات
١٤ ديسمبر ٢٠١٢شكلت الثورات العربية وصعود الإسلاميين إلى سدة الحكم في كل من مصر وتونس ووجودهم ديمقراطياً في تركيا، ربيعاً لحركة حماس، التي تحاول أن توظف المتغيرات الإقليمية للخروج من عنق الزجاجة والترويج لنفسها بأنها استطاعت كسر الطوق المفروض عليها منذ سنوات في قطاع غزة. في هذا السياق يتحدث أحمد يوسف، القيادي في حركة حماس، في حوار مع DWعربية عن تغيير كبير في العلاقات الخارجية للحركة، زاعما أن الحركة "الآن أصبح لها سند من كل الدول التي تشكلت على خارطة الربيع العربي، وأصبحت تساعدنا في تحقيق اختراق وفتح آفاق في علاقاتنا مع دول الغرب أيضا". وأضاف " علاقات حماس الإقليمية توسعت بشكل كبير في الآونة الأخيرة، وهناك أطراف كثيرة انفتحت على الحركة، فهناك علاقات صريحة ومعلنة من دول عربية وإسلامية، أما دول الغرب فتمارس علاقاتها معنا من خلف الكواليس، من خلال دبلوماسيين سابقين أو أكاديميين، من اجل الاطلاع على رؤية حماس السياسية في العملية السياسية والمصالحة".
براغماتية سياسة
كانت حركة حماس قد اضطرت لنقل مقرها الرئيس في الخارج من الكويت بعيد حرب الخليج الثانية إلى المملكة الأردنية الهاشمية التي اضطرت أيضاً للانتقال منها قسراً إلى العاصمة السورية دمشق مروراً بمحطات مؤقتة في قطر والسودان. وتصنف علاقات حماس الخارجية في ثلاث دوائر وهي؛ علاقات صداقة، وعلاقات فاترة، وعلاقات عداء وخصومة، مع تغيير في انضمام بعض الدول وخروجها من دوائر العلاقات الثلاث تبعاً للتغييرات السياسية والميدانية في المنطقة العربية والدولية.
وقال إياد البرغوثي الكاتب السياسي الفلسطيني في حوار مع DWعربية "حماس حركة سياسية براغماتية، وأيديولوجيتها الفكرية وإستراتيجيتها العسكرية لا تمنعها من الانتقال من مكان إلى آخر نظراً لمصالحها السياسية والظروف الموضوعية".
وأوضح أن الزيارات التي أعقبت المواجهة العسكرية الأخيرة جاءت للتضامن مع قطاع غزة كون القضية الفلسطينية موقع للاستثمار من قبل تلك الدول من جهة، وتأكيداً "على نجاح المعسكر المعتدل في مقابل المعسكر الآخر المتمثل في سوريا وإيران" من جهة ثانية.
الانتقال من الحلف الشيعي إلى الحلف السني
وفازت حركة حماس في أول انتخابات تشارك فيها عام 2006 بأغلبية برلمانية ساحقة مكنتها من تشكيل أول حكومة برئاسة إسماعيل هنية، مما دفع إسرائيل والمجتمع الدولي إلى فرض حصار سياسي ومالي على السلطة الفلسطينية واقتصار العلاقات مع مؤسسة الرئاسة الفلسطينية "المعتدلة" بزعامة الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وأوضح عدنان أبو عامر المحلل السياسي الفلسطيني في حوار مع DWعربية أن انضمام حركة حماس إلى الهلال الشيعي المتمثل بإيران، وسوريا وحزب الله في لبنان كان اضطرارياً بعد الحصار العربي والدولي عليها بعيد سيطرتها على قطاع غزة عسكرياً.
وقال " كانت إيران إلى حد قريب أنبوب الأوكسجين المالي والسياسي والعسكري لحركة حماس، وبدونه لم يكن ممكناً للحركة أن تصمد في حكمها للقطاع المحاصر" حتى اندلاع الثورة السورية مما شكل دفعة قوية لها للانتقال إلى معسكر آخر.
وبات واضحاً انتقال حركة حماس من "الهلال الشيعي" في الآونة الأخيرة بعد فوز الإخوان المسلمين في كل من مصر وتونس واشتداد أزمة الثورة السورية إلى "الحلف السني" والمتمثل في قطر، تركيا، ومصر.
وأشار أبو عامر إلى أن حماس تعمل على "إعادة تموضع لعلاقاتها الخارجية" لاعتبار علاقتها مع تركيا إستراتيجية كونها دول إسلامية سنية غير معزولة ولها علاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية عدا عن أنها عضو في حلف الناتو على خلاف إيران الشيعية والمعزولة دولياً.
استعداد للتكيف مع الواقع؟
ويأمل القيادي في حماس أحمد يوسف أن تقدم الدول الغربية على إجراء حوارات علنية معمقة مع حركة حماس من أجل الوصول إلى حل للصراع مع إسرائيل ووضع حل نهائي للقضية الفلسطينية، كون حماس أضحت "رقماً صعباً" لا يمكن تجاوزه على حد تعبيره.
وترفض الوفود الغربية التي تزور قطاع غزة الجلوس مع حركة حماس باعتبارها حركة "إرهابية"، ولا تسمح لقياديها بزيارات علنية لبلدانها باستثناء روسيا التي التقى وزير خارجيتها مع قيادات حماس في العاصمة الروسية موسكو، بينما تستضيف كل من سويسرا والنرويج لقاءات غير معلنة مع قيادات حماس مع سياسيين وأكاديميين.
وتشترط ألمانيا كما الرباعية الدولية (الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، الأمم المتحدة، وروسيا) اعتراف حماس بحق إسرائيل في الوجود، ونبذها للعنف والتزامها بالاتفاقات الموقعة بين الدولة العبرية ومنظمة التحرير الفلسطينية، للقبول بها والجلوس معها على مائدة الحوار، الأمر الذي مازالت ترفضه حماس.
وتتلقى حماس انتقاداً دولياً واسعاً لإطلاقها القذائف الصاروخية تجاه البلدات الإسرائيلية، كما حدث في عملية "عامود السحاب" مؤخراً، حيث حملت ألمانيا حماس مسئولية تفجير العنف، مؤكدة على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
وأوضح أبو عامر أن حماس تسعى حالياً إلى تهيئة الرأي العام الداخلي وقواعدها من أجل القبول بحل سياسي على قاعدة يقبل بها المجتمع الدولي للسماح للحركة بأن تكون لاعباً سياسياً رئيساً في المنطقة ولكن دون إجراء تغييرات على إيديولوجيتها وإنما الاعتماد على الزخم اللغوي في اللغة العربية واستخدام ألفاظ قد تكون مقبولة للطرفين.