حلبجة: المحافظة رقم 19 تمحو ذكرى الكويت
٣ يناير ٢٠١٤خرجت مدينة حلبجة بعد 25 عاما على المجزرة التي قام بها نظام صدام حسين وقتل الآلاف من سكانها، من ظلمة النسيان لتبصر النور في وادي سيد صادق الفسيح المترامي وتصبح محافظة تبعد عن السليمانية أكثر من 80 كيلومترا جنوبا. حكومة إقليم كردستان ترى في هذه المبادرة شيئا من رد الاعتبار للمدينة العراقية الوحيدة التي أبيد أهلها بالغازات القاتلة. وقررت أن تلحق بها أقضية سيد صادق وبنجوين وشاربازي لتصبح محافظة يفوق عدد سكانها 400 ألف نسمة.
وقد يعترض البعض من الناحية الإدارية على صغر حجم المدينة وقلة كثافتها السكانية بما يؤهلها لتكون محافظة، لكن الإعلامي والكاتب كفاح محمود كريم المستشار الإعلامي في مكتب رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني الذي شارك في حوار برنامج العراق اليوم من DWعربية، رد على هذا الاعتراض مشيرا أن المتلقي في كل أنحاء العالم ما عاد يتعامل مع حلبجة بمنظار مساحتها الجغرافية وكثافتها السكانية، بل باعتبار سمعتها الدولية التي نالتها باعتبارها رمزا، فـ"هي كانت واحدة من المدن التي أنتجت مئات الشعراء والأدباء والفقهاء وعلماء الدين وشيوخ التصوف. وكان الرئيس مسعود بارزاني هو الشخصية التي حركّت قضية حلبجة. وربما ستصبح هذه المحافظة خلال أقل من عقد زمان واحد واحدة من أشهر المدن على مستوى العالم".
"حلبجة لم تتأثر بالمد المذهبي الذي تحاول الإدارة الإيرانية تصديره"
يلفت نظر المراقب للمشهد أن حلبجة يخطط لها أن تصبح مركز محافظة وهي تبعد 15 كيلومترا عن الحدود الإيرانية، وتاريخ الخلافات بين العراق وبين إيران، وبين كردستان وبين إيران بشكل أخص يضع أكثر من علامة سؤال حول مستقبل هذا المشروع. إلى هذا الاحتمال قارن الإعلامي كفاح محمود كريم الموضع الجغرافي للمحافظة المزمع إقامتها في حلبجة وبين البصرة التي تقع على مرمى حجر من الجانب الإيراني للحدود، وكذلك عبادان التي تقترب من البصرة واقضينها إلى حد التداخل أحيانا. ثم لفت كريم إلى وجود حساسية في العلاقة مع إيران "كيف ستقوم هذه المحافظة وهي قريبة جدا من حدود دولة ذات نظام ديني إسلامي مذهبي، يقابلها في الإقليم تجربة تدعي كل النخب السياسية بأنها تنجز نظاما علمانيا يفصل الدين عن الساسية على الأقل، الإشكالية ( تكمن) هنا". وبيّن الإعلامي الكردي كفاح محمود كريم أنّ "حلبجة - وهي قضاء صغير - لم تتأثر بالمد المذهبي الذي تحاول الإدارة الإيرانية تصديره".
إجماع قوى بشان حلبجة
ولا يفوت المراقب وهو يتطلع إلى خارطة إقليم كردستان السياسية إلا أن ينتبه إلى حدود الخلافات بين القوى السياسية في الإقليم، فحلبجة تقع في المنطقة التي يسيطر عليها الاتحاد الوطني الكردستاني، ولكنها واقعة إلى حد كبير ضمن تأثير القوى الإسلامية التي تبسط نفوذها على مناطق بيارة وطويلة وحوض بنجوين وسيد صادق، وهذا يثير أسئلة حول قدرة المفاوض الكردي على إقناع هذه الأطراف بهذا المشروع. في هذا السياق اعتبر الإعلامي الكردي كفاح محمود كريم أن الأكراد متفقون على القضايا الإستراتيجية وعلى "الثوابت الوطنية" ولا يمكن أن يختلفوا فيها. وحول "موضوع حلبجة الفعاليات السياسية كلها متفقة على أنها من الثوابت الوطنية المتعلقة بمصالح الإقليم العليا".
ويصعب التكهن فيما سيفعله مجلس النواب العراقي بشأن المسودة التي مررها مجلس الوزراء، وفي هذا الصدد أعتبر كفاح محمود كريم أن المجلس قد يوافق على تمرير القانون مع "بعض الاعتراضات التي قد تصدر عمن وصفهم بالشوفينيين من البعثيين الصداميين وأشباههم الذين يرفضون كل ممارسات العراقيين منذ عام 2003" . وكشف كريم عن حجم الجهود التي بذلها التحالف الكردستاني لإقناع ممثلي الشعب في البرلمان بمضمون قانون محافظة حلبجة.
تسلسل 19 للمحافظات العراقية مرتبط دائما بمآسي نظام صدام
وبذلك ستكون حلبجة المحافظة العراقية التاسعة عشرة والرابعة لإقليم كردستان، وتنبأ الإعلامي كفاح محمود كريم بأن سلطة الإقليم ستنجح خلال اقل من عقد في إقامة محافظة ومدينة ستكون من بين الأهم في الشرق الوسط. مشيرا بالقول: " صدام حسين أراد بعد احتلال الكويت وإحراقها وتدميرها أن يجعل منها المحافظة العراقية التاسعة عشر، إلا أن إرادة الشعوب جعلت من المدينة التي أحرقها بالكيماوي تنهض لتكون المحافظة التاسعة عشر في العراق".
وفي وقت سابق من سنة 2013 قررت حكومة إقليم كردستان أن تكون حلبجة محافظة جديدة. ويتبع قضاء حلبجة حاليا محافظة السليمانية على حدود إقليم كردستان مع إيران وقصف نظام صدام حسين سكانها في السادس عشر من آذار (مارس) عام 1988 بالأسلحة الكيماوية مستخدما طائرات الرش الزراعي المعروفة (BO) ما تسبب بمصرع 5600 من سكانها وإصابة نحو 20 ألفا حسبما أوردت إحصاءات وتقارير رسمية محلية ودولية.