حكاية الأميرة "بياض الثلج"... نسج خيال أم واقع؟
٧ أبريل ٢٠١٢من منّا لا يعرف حكاية الأميرة الجميلة "بياض الثلج" والأقزام السبعة، إحدى حكايات الأخوين غريم. هذه الحكايات الخرافية التي تحولت فيما بعد إلى أفلام عالمية، شاهدها أغلب الأطفال بل حتى الكبار منّا أيضاً.
ومنها قصة هذه الأميرة الجميلة التي كانت تعاني من المعاملة السيئة لزوجة أبيها، ملك البلاد. وهذه الزوجة النرجسية التي تنتابها حالات من الغضب والكراهية تجاه الأميرة الطفلة، عندما كانت تسمع جواب المرآة على سؤالها المعهود: "أيتها المرآة المعلقة على الجدار! من هي أجمل سيدة بين سيدات هذه البلاد؟" ويكون جواب المرآة السحرية كل مرة: "أيتها الملكة إنك جميلة ولكنني يجب أن أقول الحقيقة، أقسم أن جمال الأميرة بياض الثلج لا يفوقه جمال". هنا تزداد زوجة الأب غضباً.
خيال أم واقع؟
حسبما يؤكد الناس في مدينة لور أم ماين فإن المرآة المعروضة في متحف المدينة هي تلك المرآة السحرية، لكنها اليوم على خلاف ما جاء في الحكاية لم تعد تتحدث. إنها حكاية خرافية، لكن في هذه المدينة يرى الناس حقيقة هذه القصة بشكل مختلف قليلاً، فحسب قولهم إنه يمكن في هذه المدينة تتبُّع أثر الأميرة الجميلة. وحسبما يشاع أيضاً، على الأقل في منطقة نهر الماين، فإن بعض التحقيقات والدراسات كشفت أن الأميرة كانت تعيش بالفعل في مدينة لور أم ماين.
أصل الحكاية
في الواقع إن القصة مختلفة بعض الشيء عما جاء في حكاية الأخوين غريم. الطفلة الجميلة كانت تدعى ماريا صوفيا كاتارينا مارغريت وعاشت في بداية القرن الثامن عشر في مدينة لور أم ماين، ومن قبيل الصدفة في قصر شْبِسارت. وبالفعل كان لهذه الطفلة زوجة أب شريرة تعيش معها وتدعى كلاوديا إليزابيث فون ارتال. في هذا القصر يوجد اليوم متحف يسمى بـ"متحف شْبِسارت" ويضم كل الدلائل، التي توضح بدقة تامة محطات حياة هذه الطفلة. وبذلك يمكن للمهتمين تتبع بقية الحكاية: مثل مؤامرة القتل التي حاكتها زوجة الأب، أو فرار الطفلة "بياض الثلج" من فوق الجبال في منطقة شبِسارت، حيث احتضنها سبعة أقزام بمودة كبيرة ومنحوها حق البقاء عندهم.
وكان هؤلاء الأقزام في الواقع ربما عمال مناجم قاماتهم قصيرة وظهورهم منحنية جراء ظروف العمل البائسة في الأنفاق الضيقة، أو ربما كانوا أطفالاً يستخدمون للعمل تحت الأرض لصغر قامتهم.
طبيعة ساحرة تفوق الخيال
إن الطريق الحقيقية أو المفترضة، التي سلكتها الأميرة الطفلة "بياض الثلج" في الهروب من زوجة أبيها الشريرة، هي اليوم طريق للمتجولين في الغابة. هذه الطريق تمتد على طول خمسة وثلاثين كيلومتراً في منطقة شبِسارت، التي تعد من أكبر غابات ألمانيا كثافة لوجود الأشجار المورقة والمتلاصقة ببعضها البعض. هناك على طول الطريق آثار للدلالة على واقعية الحكاية الشهيرة إضافة إلى وجود ألواح معلقة على جوانب الطريق لاستقصاء المعلومات الكافية حول الحكاية. وإذا لم يكن هذا كافياً للإقناع بواقعية القصة، فإن المسير على هذه الطريق وسط الطبيعة الخلابة والساحرة هناك، يجعل المرء يسرح بخياله.
والجدير بالذكر أن المنطقة تعج بالمعالم الأثرية الرائعة مثل بوابة شبِسارت، والمدينة القديمة التي مازالت على حالها في صورتها المعمارية، حيث البيوت المبنية من الطين والخشب وحي الصيادين ومتحف المدارس ودار البلدية ومتحف قصر شبِسارت. ويضم القصر إلى جانب مرآة الأميرة "بياض الثلج" مجموعة من مرايا أثرية ترجع إلى قرون ماضية. هذا النوع من الزجاج، الذي لعب دوراً مهماً في تاريخ "شبِسارت"، كان عنصراً أساسياً في حكاية الأخوين غريم "الأميرة والأقزام السبعة" أيضاً.
فيم أبينك / فؤاد آل عواد
مراجعة: عماد غانم