حقوق المرأة العربية ـ قوانين غير مفعلة وتسييس للشريعة الإسلامية
٢١ نوفمبر ٢٠٠٩ظلت معظم التشريعات المتعلقة بحقوق المرأة، والتي تم سنها طوال العقود الماضية في مختلف دول العالم العربي، حبيسة السطور التي كُتبت عليها، بل ومن شبه المؤكد أنها ستبقى قوانين نظرية لفترة من الزمن، إلا إذا نجحت المرأة بنفسها في تغيير صورتها النمطية من خلال التنشئة المنزلية وعن طريق المؤسسات التعليمية والإعلامية.
إلى هذه الخلاصة انتهت مجموعة من الأكاديميات والناشطات المعنيات بحقوق المرأة في مصر والمغرب ولبنان وسوريا بعد مناقشات ساخنة دامت نحو5 ساعات في ندوة نظمتها شبكة "ومنيت" النسائية غير الحكومية (womnet) والوكالة الألمانية للتعاون الفني (GTZ) . الندوة التي استضافتها دويتشه فيلة يوم الجمعة (20 نوفمبر/ تشرين الثاني) شاركت فيها نساء من مختلف الدول العربية ومن ألمانيا وإيران وتركيا، علاوة على ناشطين وناشطات من دول مختلفة.
"إصدار القوانين ليس كافيا"
ماريز تادرس، الباحثة الاجتماعية في جامعة ساسكس البريطانية، حذرت من أن إصلاح القوانين والدساتير المكتوبة لا يؤدي بالضرورة إلى إصلاح المجتمع، واتخذت موضوع الخلع في مصر كدليل على ما تقول، مشيرة إلى أنه في الوقت الذي تم فيه تمكين المرأة من استخدام حقها الشرعي في خلع الرجل، مازال المجتمع يوبخها وينظر إليها نظرة سلبية إذا ما مارست هذا الحق. وأشارت الباحثة المصرية في هذا الصدد إلى ضرورة الحوار بين المؤسسات القانونية والاجتماعية، كما دعت إلى إقامة حوار صريح ومستمر بين المجتمع المدني والقضاة الذين يناط بهم في النهاية تحويل القوانين المكتوبة إلى أحكام قضائية تتولاها السلطة التنفيذية.
الناشطة السورية مها سيادة من الشبكة العربية للتنمية، التقطت خيط القضاة، فأكدت أن الكثيرين منهم لا يقومون بعملهم بالنزاهة المطلوبة، قائلة: "تطبيق القانون من جهة كثيرا ما يفتقر إلى النزاهة، والإعلام من جهة أخرى أصبح العديد منه تحركه دوافع ربحية تنظر للمرأة باعتبارها سلعة، فيركزون على أزياء النساء وليس على حقوقهن".
"تسييس الدين" عن عمد أو جهل
واعتبرت سيادة أن هناك عملية "تسييس للنصوص" القرآنية التي وردت في الشريعة الإسلامية، عازية ذلك إلى المجتمع الذكوري الذي مازال يتحكم في مقاليد الأمور لاسيما في العالمين العربي والإسلامي، لكنها أكدت أن المشكلة ليست في نصوص الدين، وإنما في تسييس الدين.
حول هذه النقطة، اتفق عبد القوي حسن، الناشط اليمني من الاتحاد الدولي لـ "قادة مسلمي الغد"، مع سيادة، مؤكدا بدوره أن هناك مشاكل كثيرة تواجه المرأة لا علاقة له بالدين، وأشار إلى أن المجتمع اليميني قبلي ومن ثم تحدث أحيانا ما وصفها بـ"المساهمات غير الحميدة" من قبل مؤسسات دينية، اعتبر أن سيطرتها تمثل أحد أبرز التحديات أمام المجتمع اليمني إضافة إلى عنصر الجهل العام بحقوق المرأة الفعلية في الإسلام، مؤكداً أن الشريعة الإسلامية تقر بحقوق المواطنة وبالتالي المساواة بين الرجل والمرأة.
وبدت ماليكة بن راضي، أستاذة قانون الأسرة في جامعة الملك محمد الخامس بالمغرب، أكثر حماساً وهي تطالب بضرورة التفرقة بين "الإسلام الشعبوي" و"الإسلام الحقيقي"، لافتة في ذلك إلى الكثير من العادات الاجتماعية الضارة بالمرأة والتي تنسب بهتانا للإسلام، وضربت مثلا على ذلك بتعدد الزوجات، وبعملية ختان الإناث.
جهل المرأة بحقوقها ودور الإعلام
ومن جانبها، اعتبرت نادية خليفة، الناشطة اللبنانية في منظمة "هيومان رايتس وتش"، أن أحد أهم معوقات تعزيز وضع المرأة هو جهلها بالكثير من حقوقها، وبالحديث عن الختان، أكدت أن كثيرات من السيدات غير واعيات بكم الضرر الصحي اللائي يمكن أن يتعرضن له بإجراء تلك العملية، وهي النقطة التي طرحتها فألقت بالكرة في ملعب وسائل الإعلام العربية ودورها في تنمية المرأة.
وبينما اعتبرت ماريز تادرس أن الإعلام يمكن أن يكون مؤثرا جدا في المجتمع بأكمله، ضاربة المثل بواقعة التحرش التي تعرضت لها عشرات الفتيات في القاهرة خلال أيام العيد قبل بضعة أعوام، والتي لم تفضحها سوى وسائل الإعلام، حذرت ماليكة بن راضي من أن الإعلام يمكن أن يكون سلاحا ذو حدين، لاسيما إذا لم يكن متوازنا، وترك الحبل للغارب لأصحاب القنوات المتطرفة دون إعطاء أنصار حقوق المرأة منبرا للتعبير عن أنفسهم بدورهم.
ظاهرة "الإسلاموفوبيا" في الغرب
ومن الحضور، تحدثت ميسير إيديلم، وهي ألمانية مسلمة من جذور تركية، عن نوع آخر من معاناة المسلمات في الغرب. فرغم فصل الدين عن الدولة في تلك المجتمعات إلا أن هناك أيضا بعض الضغوط الاجتماعية التي تتحدى قوانين المساواة، كما تقول إيديلم. هذه الضغوط تتمثل خصوصا في ظاهرة "الإسلاموفوبيا"، مشيرة إلى ما تواجهه من مشكلات بسبب غطاء الرأس، الذي اختارت أن تضعه على شعرها.
أميرة عبد الرحمن ـ بون
مراجعة: عبده جميل المخلافي