حقائق حول "العصابات العربية" في ألمانيا
١٣ أبريل ٢٠١٦إعلان
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الجريمة المنظمة التي ترتكبها عائلات بأكملها تنحدر من الشرق الأوسط، وذلك بعد أن داهمت الشرطة الألمانية في برلين عدداً من المنازل لأشخاص ينتمون إلى عائلة عربية يشتبه في أن بعض أفرادها نفذ سطواً مسلحاً على أحد أكبر مراكز التسوق في العاصمة الألمانية. فما هي مشكلة "العصابات العربية"؟ ولماذا تعاني منها ألمانيا بالذات؟ نستعرض هذا الموضوع في هذه الحقائق.
1. ما هي العائلات التي تقف وراء هذه العصابات، وماذا تقول الجالية العربية في برلين عنها؟
بحسب ما يقول الدكتور رالف غضبان، الذي أجرى دراسة معمقة حول اللاجئين اللبنانيين وتاريخهم في ألمانيا، فإن هناك مجموعة عرقية معينة يرتبط اسمها بهذه النشاطات الإجرامية، ألا وهي مجموعة "المحلمية"، نسبة إلى القبائل القديمة التي سكنت منطقة جنوب تركيا وشمال سوريا. وبحسب الدكتور غضبان، فإن هذه المجموعة العرقية "تعاني من أزمة هوية عميقة – فهم غير مقبولين من العرب كعرب ولا يقبلهم الأكراد كأكراد. ولذلك، فهم تارة ما يوصفون بالأكراد، وتارة أخرى بالعرب أو اللبنانيين".
أما بخصوص رد فعل الجالية العربية، فيوضح غضبان، الذي كان باحثاً اجتماعياً في برلين سابقاً، أن الجالية العربية متباينة الآراء، إذ لا يعتبر المنحدرون من أصول مغاربية أن مشكلة العصابات العربية تهمهم، وكذلك من ينحدرون من أصول مصرية أو يمنية أو غيرها. ويتابع : "يُنظر لهذه العائلات على أنها مشكلة لبنانية داخلية ما بين اللاجئين الأكراد واللبنانيين والفلسطينيين ... الإعلام الألماني يخطئ عندما يسميها عائلات عربية، وأنا أميل إلى تسميتها بالمحلمية".
2. متى تتحول العائلة أو العشيرة العربية إلى "عصابة"؟
في حوار مع DW عربية، يقول الناطق باسم اتحاد نقابات العاملين في الشرطة الألمانية، بنيامين يندرو، إن تسمية "عصابات عائلية" تنطبق عندما "يقوم فردان أو ثلاثة أفراد من عائلة بعينها بارتكاب جرائم أو جنح"، مضيفاً أنه، وفي حالة العائلات العربية الممتدة، فإن عدداً لا يستهان به من أفرادها متورط في ارتكاب جرائم متعددة، وبالتالي فإن عبارة "عصابات عربية" تستخدم عند الحديث عنها، لاسيما وأن هناك، بحسب يندرو، عشر عائلات في العاصمة الألمانية برلين تتم مراقبتها بعد وجود أدلة على تورطها في عدد من الجرائم، وأن أغلب تلك العائلات ينحدر من مهاجرين من لبنان جاؤوا إلى ألمانيا خلال العقدين الماضيين واستقدموا أفراد عائلاتهم فيما بعد.
3. ما هي أهم النشاطات الإجرامية لهذه العصابات؟
يوضح يندرو، من اتحاد نقابات الشرطة في ألمانيا، أن نطاق الجرائم التي ترتكبها تلك العائلة واسع، ويتراوح "بين جرائم تعد على الملكية إلى الاعتداء على أشخاص. كما أن بعض أفراد هذه العائلات العربية يسيطرون على أجزاء من صناعة الدعارة والمخدرات، إضافة إلى جباية الأتاوات بالقوة".
ولعل أبرز الجرائم التي تقول الشرطة الألمانية إن عصابات عربية قامت بها هي سرقة مجوهرات من أحد أشهر مراكز التسوق في العاصمة (كيه دي في) في وضح النهار، بالإضافة إلى عملية سطو مسلح على مسابقة دولية للبوكر أقيمت في العاصمة العام الماضي.
4. لماذا يصعب على الشرطة الألمانية مراقبة هذه العصابات والكشف عن جرائمها؟
بحسب ما يذكر المكتب الاتحادي لمكافحة الجريمة، فإن صعوبة التحقيق في جرائم هذه العصابات تكمن في عدم قدرة الأجهزة الأمنية على التغلغل في هياكلها عبر محققين سريين، بالإضافة إلى أن هذه العصابات تمارس ضغوطاً كبيرة وتهديدات على الشهود الذين يحاولون فضح ممارساتها الإجرامية. كما أن صلة القرابة التي تجمع بين أفراد تلك العصابات تجعل من الصعب جداً الحصول على أي معلومات حول نشاطاتها الإجرامية أو هياكلها وطرق تعاملها، أو "كسر جدار الصمت"، كما تسميه الشرطة.
من جانبه، يشير بنيامين يندرو إلى أنه من النادر القيام بمداهمات لمنازل ومقرات هذه العصابات بسبب الضغط الذي يتعرض له الشهود، ناهيك عن أن "هذه العصابات باتت تقوم بعمليات غسيل لأموالها عبر استثمارها في أعمال قانونية، ما يجعل من الصعب على الأجهزة الأمنية تتبع أثر تلك الأموال وإدانة أصحابها".
5. كيف نجحت هذه العائلات في التوسع بهذا الشكل الكبير؟
غياب الرقابة الحكومية وانعدام الأفق فيما يخص مجال العمل والتعليم وتسلق الهرم الاجتماعي شكل أرضاً خصبة لتلك العائلات من أجل دخول عالم الجريمة، بحسب ما يقول يندرو، الذي يضيف أن "مع مرور الوقت، قامت هذه العائلات باستثمار الأموال التي حصلت عليها بطريقة غير شرعية في أعمال شرعية، كالمطاعم ووكالات تأجير السيارات وغيرها، الأمر الذي صعّب تتبع أثر تلك الأموال ومصدرها".
6. هل تتواجد هذه العائلات في برلين فقط؟
يفيد المكتب الاتحادي لمكافحة الجريمة، بالإضافة إلى نقابة العاملين في الشرطة الألمانية، بأن هذه العائلات تنتشر في عدة مناطق بألمانيا تتميز بأنها آهلة بالسكان، مثل العاصمة برلين ومدينة بريمن شمال ألمانيا، إضافة إلى منطقة الرور في غرب البلاد. وعلاوة على تعدادها السكاني الكبير، فإن تلك المناطق تضم أيضاً جالية عربية كبيرة، ما يجعل من السهل على أفراد هذه العصابات الاندماج.
7. هل هناك صراعات بين العصابات العربية وعصابات أخرى؟
المنافسة والعداوة موجودة ما دام المال وإمكانيات التربّح السريع موجود، بحسب ما يعتبر يندرو، الذي يقول إن هذه العصابات العربية "تنظر أساساً بعداوة إلى كل المجموعات الأخرى"، موضحاً أنه لا يوجد تقسيم للأحياء أو النشاطات الإجرامية بين العصابات المختلفة، بدليل الشجارات وحوادث إطلاق النار التي تحصل بشكل متواصل بين أفراد العصابات المختلفة.
8. ما هي السبل الممكنة للتعامل مع هذه العصابات؟
يعتب بنيامين يندرو، الناطق باسم اتحاد نقابات الشرطة الألمانية، على النظام العدلي في ألمانيا عدم إتاحته الفرصة أمام الأجهزة الأمنية لإقامة سلسلة منطقية من الأدلة، وذلك بسبب القوانين الصارمة المعمول بها في البلاد. ويشير يندرو، في حديثه معDW عربية، إلى أن "هناك غياب للضغط من قبل النظام القضائي من أجل فرض مبدأ عبء الإثبات العكسي (أي أن المتهم هو من يقع عليه عبء إثبات عدم ارتكابه للجرم)، وذلك فيما يتعلق بمصادر الأموال، مثلاً".
أما توم شرايبر، عضو برلمان ولاية برلين عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، فيرى في مقابلة مع DW عربية أن هناك صعوبة في إقناع السلطات الإدارية والسياسية في ألمانيا بالتحرك ضد هذه العائلات، لاسيما وأنها كبرت إلى درجة يصعب معها التغلغل فيها وتفكيكها.
ويقول شرايبر إن المطلوب "جهد مشترك ما بين السياسة، بتعزيز جهود الاندماج وحماية الشباب منذ الصغر وفي المدارس من الانزلاق في عالم الجريمة، وبين منظمات المجتمع المدني، بالوقوف ضد هذه العائلات عبر مبادرات تهدف إلى التحذير مما تقوم به وتشجيع المواطنين على الوقوف في وجهها".
لكن النقص الحاد في الموظفين على كافة الأصعدة – الاجتماعية والتعليمية والأمنية – خاصة في ولاية برلين المثقلة بالديون، يجعل من الصعب ترجمة هذه الاقتراحات على أرض الواقع.
9. ما هو مستقبل تلك العصابات في ظل التدفق الكبير للاجئين على ألمانيا؟
يحذر الناطق باسم اتحاد نقابات الشرطة الألمانية من أن تلك العصابات قد تلجأ لتجنيد اللاجئين الذين قدموا مؤخراً إلى ألمانيا، لاسيما أولئك الذين لا يرون فرصاً سانحة لهم للاستقرار أو جني المال، وخاصة من الشباب. ويضيف بنيامين يندرو: "لقد وثقنا حالات تم فيها تجنيد لاجئين شباب للقيام بمهام قذرة لتلك العصابات، كبيع المخدرات أو القيام باعتداءات جسدية. العصابات تستغل بحث هؤلاء اللاجئين عن الأمان ومستقبل أفضل في ألمانيا، وتغريهم بوعود بحياة أفضل وفرص أكبر من خلال الانضمام إلى تلك الشبكات الإجرامية، لاسيما وأن هؤلاء اللاجئين لا توجد لهم أي سجلات قانونية لدى الشرطة".
إعلان