حظر التدخين في سوريا ـ مخاوف من قطع الرزق وتدخّل المستفيدين
١٨ أبريل ٢٠١٠لعل من أكثر ما يتمناه الكثير من المترددين على المقاهي والمطاعم في سوريا هو جود مكان خال من التدخين ينعمون فيه باستنشاق هواء نقي، فعادة التدخين تنتشر بسوريا بشكل كبير. وتشير نشرة إحصائية للمؤسسة العامة للتبغ أوردتها وكالة "سانا" السورية للأنباء إلى أن نسبة المدخنين تصل إلى 15 بالمائة من مواطني البلاد. وينفق هؤلاء نحو 26 مليار ليرة، أي نحو 600 مليون دولار سنويا، بمعنى أن كل مدخن ينفق 8 بالمئة من دخله السنوي لشراء نحو 3.6 كيلوغرام من السجائر.
وتشير دراسات غير رسمية إلى ارتفاع هذه النسبة إلى أكثر من 20 بالمائة، مما يعني خمسة أن حوالي ملايين سوري يدخنون. وحسب دراسة أجراها المركز السوري لأبحاث التدخين نشرت نتائجها مؤخرا فإن تفشي عادة التدخين تصل إلى نسبة 60 بالمائة بين الرجال و 23 بالمائة بين النساء، فضلا عن تعرض 98 بالمئة من غير المدخنين لدخان السجائر أو ما يعرف بالتدخين السلبي. ولا تتفشى ظاهرة التدخين في صفوف البالغين، بل تنتشر بكثرة في صفوف صغار السن.
مخاوف من خسائر اقتصادية
ومن أجل الحد من هذه الظاهرة صدر المرسوم الرئاسي رقم 62 لعام 2009 الخاص بمكافحة التدخين ومنع بيع منتجات التبغ أو تقديمها في الأماكن العامة المغلقة بما فيها الفنادق والمطاعم، عدا في أماكن تخصص للمدخنين تفصلهم عن غير المدخنين. وبذلك تكون سوريا إلى جانب الأمارات العربية المتحدة من بين أوائل الدول العربية التي أصدرت مثل هذه التشريع. وقد تم تحديد فترة تجريبية لتطبيق المرسوم تنتهي في الحادي والعشرين من شهر أبريل/ نيسان 2010 قبل البدء في التنفيذ النهائي للمرسوم.
حول فرص تطبيق هذا المرسوم تفاوتت الآراء. في هذا السياق يقدر السيد معن معماري، صاحب مقهى في مدينة اللاذقية بأن مبيعاته ستتراجع إلى أكثر من خمسين بالمائة كون المقهى قائم على تقديم النرجيلة وبعض المشروبات التي "يستمتع بها الناس مع تدخين السيجارة". ويرى ماهر العلي، صاحب مقهى انترنت في حلب بأن فصل منطقة المدخنين عن غير المدخنين في المطعم أو المقهى أو أينما كان ليس بالأمر السهل، لأن ذلك يعني تغيير هندسة المطعم بالكامل.
شكوك في إمكانية التطبيق
وبينما يتخوف البعض من الأضرار المادية التي ستلحق بهم جراء تنفيذ المرسوم، يتمنى آخرون أمثال المصور الصحافي جلال صبار عدم بقاء المرسوم حبرا على ورق أسوة بقرارات كثيرة صدرت خلال السنوات العشر الماضية لمنع التدخين. ويعزي صبار ذلك إلى احتمال تقديم رشاوى للقائمين على التنفيذ أسوة بما يحصل بالنسبة لبقية القوانين والقرارات. وفي هذا السياق يراهن بلال صبار، مصور صحفي على شطارة السوريين في التحايل على القوانين والأنظمة وارتكاب المخالفات والخروج منها بأدنى كلفة ممكنة "الناس تستهتر بمخالفات السير والكهرباء وغيرها بسبب القدرة على تخفيض تلك المخالفات بالواسطة، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بمشكلة تخص الإنسان وصحته" على حد تعبيره.
ويتوقع البعض تدخل المستفيدين لدى أصحاب النفوذ في الدولة لتفريغ المرسوم من محتواه. في هذا السياق يعتقد شمعون حنا، الطالب في قسم التحكم الآلي بجامعة حلب السورية، أن تجار ومزارعي التبغ والمستفيدون من هذه التجارة الرائجة سوف يتدخلون بغية إصدار استثناءات كثيرة "تمسخ" مضمون المرسوم بحيث يصبح الاستثناء هو القاعدة.
مدى فعالية العقوبات لتغيير سلوك الناس؟
أما الشرطي على الحجي فيشكك في تنفيذ المرسوم بسبب غياب الوعي العام بمخاطر التدخين على الصحة والبيئة، حتى على غير المدخنين. ويضيف الحجي بأن هناك الكثير من القوانين التي صدرت بخصوص النظافة العامة ولم تنفذ بسبب غياب الوعي بأهميتها. ومن هذه الزاوية ترى الصيدلانية إلهام برقاوي بأن التطبيق عن طريق التخويف والغرامات لن يكون مجديا.
وعلى عكس برقاوي يبدو حسن قاسم عضو المكتب التنفيذي المسئول عن قطاع الصحة في محافظة حلب متفائلا بتطبيق المرسوم في مؤسسات ودوائر الدولة التي تم توجيها لتجهيز حيز للمدخنين تمهيداً لتطبيق المرسوم، لكنه يرى بأن خطوات إضافية مثل رفع سعر السجائر أسوة بدول أوروبية قد يساهم في نجاح التطبيق أكثر من خطوات أخرى جاءت بها القوانين والتعليمات التنفيذية الخاصة بالمرسوم. ويرى موسى شامية مدير مكافحة التدخين في وزارة الصحة في تصريح لسيريانيوز بأن المرسوم متكامل وسيكون له أثر إيجابي في الحد من ظاهرة التدخين. وعن العقوبات المشددة التي فرضها المرسوم يرى شامية بأنها ضرورية لدفع الموطنين لإتباع سلوك إيجابي تحد من ظاهرة التدخين المتفشية في المجتمع السوري.
الكاتبة: عفراء محمد ـ حلب
مراجعة: عبده جميل المخلافي