حضور مراقبين أوروبيين، هل يضمن شفافية الانتخابات الجزائرية؟
١٣ أبريل ٢٠١٢رحبت أحزاب سياسية جزائرية بمشاركة الاتحاد الأوروبي بوفد يتكون من 120 ملاحظا لمراقبة الانتخابات التشريعية في العاشر مايو/ أيار المقبل، ودعت جميع أطراف العملية الانتخابية إلى الاستفادة من خبرة الاتحاد الأوروبي في مراقبة الانتخابات في العالم لتعزيز مسار التحول الديمقراطي السلمي في البلاد، وكشف أشكال التزوير الذي شابت الانتخابات السابقة.
وبدأت منذ 30 مارس الماضي زيارة الدفعة الأولى من وفد الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات التشريعية في 10مايو/ أيار 2012 بدعوة من الحكومة الجزائرية "كضمان إضافي لرغبة السلطة في تنظيم انتخابات شفافة ونزيهة تجنب البلاد الاضطرابات التي تحدث في بعض البلدان العربية"، وذكرت الممثلة العليا للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون في بيان لها "أن الإتحاد الأوروبي سيرسل فريقا قوامه 120 عضوا للمشاركة في مراقبة الانتخابات البرلمانية بالجزائر، وسيعملون على المدى البعيد والقريب لضمان النزاهة والشفافية والثقة في كل مراحل العملية الانتخابية وفي جميع أنحاء البلاد.
وتجري الدفعة الأولى من الوفد الأوروبي المتكونة من 10 مراقبين بقيادة عضو البرلمان الأوروبي الإسباني "خوزي لقناسيوسلافرانكا سانشيز ناير" لقاءات مع عدد من قيادات الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات، وصرح أحد اعضاء الوفد في لقاء مع أحدى الأحزاب "أننا لا نريد البقاء أسرى لتوجهات أراء وأفكار محددة، بل نريد الانفتاح والنقاش مع الجميع حتى نستطيع تكوين صورة واضحة لمجمل ما تحقق في مسار هذه العملية وما يمكن تحقيقه لنجاحها".
دور المراقبيين الأوروبيين محدود
لخضر بن خلاف عضو اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات عن حزب جبهة العدالة والتنمية (إسلامي معارض) حضر لقاء حزبه مع الوفد الأوروبي، قال:"لقد تبادلنا الآراء حول عدد من ملفات العملية الانتخابية مع وفد الاتحاد الأوروبي، وقد لمسنا التزامهم بمراقبة الحكومة في تحقيق انتخابات وفق المعايير الدولية، وهم على معرفة واسعة بكل ما يحدث في الساحة السياسية بالجزائر قبل انطلاق الحملة الانتخابية." وأضاف بن خلاف في حديث لـ DW " أراد الوفد معرفة موقفنا من بعض الخروقات التي تم تسجيلها لحد الآن من طرف لجنة مراقبة الانتخابات، كما طالبنا الوفد بضرورة متابعة سير العملية الانتخابية عن قرب، وسجلنا أيضا ملاحظتنا في هذا اللقاء بأن العدد المقرر ارساله غير كاف للقيام بمراقبة فعلية وفعالة لهذه الانتخابات".
وتطالب أحزاب سياسية جزائرية، الاتحاد الاوروبي بضرورة زيادة عدد المراقبين بما يتناسب وعدد مراكز الإقتراع كضمان إضافي لالتزام السلطة بتعهداتها أمام الأحزاب والناخبين والمجتمع الدولي في إجراء انتخابات فاصلة في تاريخ الجزائر المستقلة، ويقول موسى تواتي رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية (معارض)"نحن نأمل ان تقوم اللجنة الأوروبية لمراقبة الانتخابات بدورها في منع التزوير وفضحه إذا وقع، وهذا من شأنه تعزيز علاقة التعاون بين الشعب الجزائري والشعوب الأوروبية، ويخلق جسر من الثقة في المستقبل".
ولم تخف أحزاب سياسية تخوفها من طريقة عمل وفود المراقبة الدوليين، ويرون في العدد المقرر الوصول إلى الجزائر غير كاف لممارسة مهمة مراقبة هذه الانتخابات، ولذلك تطالب ذات الأحزاب بضرورة تعزيز سبل المراقبة الحزبية عن طريق خلق أطر تنيسق وتعاون بين مختلف التشكيلات الحزبية المشاركة، والتعاون مع لجان المراقبة الدولية في كشف أي خرقات أو تجاوزات تطال العملية الانتخابية من طرف الإدارة وعدم تكرار سيناريوهات الانتخابات الماضية التي وقعت فيها عمليات تزوير واسعة لم تتمكن هذه اللجان الدولية من رصدها، بل وأكثر من ذلك أعطت شرعية دولية لهذه الانتخابات المزورة في تقاريرها النهائية المرفوعة لمؤسساتها.
شكوك وتخوفات من تكرار السيناريو
ويرى النائب أمحمد حديبي الناطق بإسم حركة النهضة (إسلامي معارض)" أننا في الحزب من حيث المبدأ لا ننتظر كثيرا من المراقبين الدوليين انطلاقا من التجارب السابقة، بل نرى في هؤلاء عبء على الخزينة العمومية دون أن يقدموا إضافة تميز هذه الانتخابات عن غيرها فيما مضى"، ويضيف حديبي في حديثه لـ DW " نحن متخوفون جدا بأن يكون هؤلاء المراقبين جاؤوا لتزكية انتخابات لم تتوفر فيها شروط النجاح والشفافية، وما يحدث من صراع بين الداخلية ولجنة مراقبة الانتخابات لدليل على مواصلة السلطة في الجزائر إنتاج ممارسات الاستيلاء على صوت الناخب".
ويعتبر عثمان لحياني المحلل السياسي أن الوفد الأوروبي الأول المتكون من عشرة مراقبين هو وفد استطلاعي ستتبعه وفود أخرى على مراحل ليصل يوم الاقتراع بين 150 و160 مراقب، ومهمتهم في الأساس ملاحظة مدى التزام الحكومة الجزائرية بالمعايير الدولية للانتخابات، وليس الرقابة بالطريقة التي تتبعها المنظمة الأوروبية، ويضيف لحياني لـ DW "الجزائر لم تطلب مراقبين دوليين، وإنما ملاحظين فقط، الشروط الذي يضعها الاتحاد الاوربي لمراقبة الانتخابات غير متوفرة في الانتخابات الجزائرية ومنها، حضورهم قبل الانتخابات بأربعة أشهر، ومتابعة العملية الانتخابية في مراحلها الأولى بالإضافة إلى حرية تنقلهم في البلاد".
ويؤكد لحياني أن دور المراقبين الدوليين هذه المرة فلديه نوع من الجدية في متابعة العملية الانتخابية عن قرب ولقائهم مع الأحزاب السياسية دليل على هذه الجدية سواء من الاتحاد الأوروبي أو من الحكومة الجزائرية في أن يكون لهؤلاء المراقبين دور في تحقيق الشفافية لهذه الانتخابات.
توفيق بوقاعدة - الجزائر
مراجعة: منصف السليمي