حصاد قمة لشبونة: أوروبا تسعى إلى إرساء تحالف استراتيجي مع إفريقيا
٩ ديسمبر ٢٠٠٧بعد قرن من تحويل دول أوروبا إفريقيا إلي سلسلة من المستعمرات تتطلع أوروبا الآن إلى إرساء نظام عالمي جديد بالتحالف مع القارة السمراء. هذا ما عبر عنه رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو أمام القمة الإفريقية الأوروبية في لشبونة أمس قائلا: "تخيلوا إذا ما أظهرنا أنه بعدد سكاننا البالغ 1.5 مليار نسمة وبلداننا الثمانين، أي نحو نصف عدد أعضاء الأمم المتحدة نستطيع أن نحقق تأثيرا حقيقيا على المستويين الإقليمي والدولي."
وفي الإطار نفسه قال الرئيس المصري أمام القمة، التي شارك فيها 26 زعيما أوروبيا و53 زعيما إفريقيا، انه يتعين على القارتين خلق مشاركة حقيقية من التضامن والاحترام المتبادل تدافع عن أولويات إفريقيا ومصالحها الخاصة.
الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي قوة مؤثرة
وبحسب الاتفاق، الذي صاغه ممثلو المنظمتين الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبيفإن التوصل لـ"ردود فعل مشتركة تجاه التحديات الدولية" في المنتديات الدولية بما في ذلك الأمم المتحدة، يعد من الأهداف الرئيسية للبداية الجديدة في العلاقة بين القارتين.
وفي معرض تحليله لمصادر قوة هذا التكتل الجديد صرح خبير الشأن الإفريقي بمركز السياسات الأوروبية، الذي يتخذ من بروكسل مقرا له، جون كوتسوبولس: "الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي يمثلان معا 80 بلدا. و80 صوتا في الأمم المتحدة هي قوة تصويتية كبيرة للغاية لذا فانه ما من شك أن مزيدا من التعاون الشامل سيكون مفيدا للجانبين".
كما حذر لويس ميشيل، مفوض المساعدات والتنمية بالاتحاد الأوروبي قبل انطلاق القمة من تداعيات التطورات الأخيرة قائلا: "إفريقيا صارت رقعة الشطرنج الكبرى التي تناور عليها القوى العالمية الكبرى. وتتصارع الصين والولايات المتحدة والهند واستراليا وماليزيا بالمناكب للسيطرة على احتياطات المعادن والبترول والغاز في إفريقيا "
القارة السوداء ميدان المعركة الجديدة للقوى العالمية
وبينما يخشى بعض القادة الأفارقة من تحول قارتهم لتصبح ميدان المعركة الجديدة للقوى العالمية البازغة فان نظرائهم الأوروبيين يخشون من أن نفس القوى يمكن أن تهمش أوروبا في القضايا الدولية الكبرى وهو ما يؤكده كوتسوبولس بقوله: "من المنظور الواسع لسياساتها الخارجية فان أوروبا تحتاج إلى مزيد من الحلفاء وأفريقيا تمثل بالتأكيد أفضل الفرص".
وبالفعل فان إفريقيا المتحدة يمكن من نواحي عديدة أن تكون الشريك المنطقي لأوروبا المتحدة في المداولات الدولية: فأوروبا هي الشريك التجاري الأكبر لإفريقيا واكبر مانحي المساعدات لها على نحو ما يشير مسئولو الاتحاد الأوروبي دائما.
كما أن ثمة شيئا آخر مشتركا بين القارتين: فأي منها ليس مقر الدول العملاقة، التي تتجه للسيطرة على القرن القادم مثل الصين والهند والولايات المتحدة وروسيا والبرازيل. فعلى سبيل المثال نيجيريا وهي اكبر الدول الإفريقية من حيث تعداد السكان الذي يقدر بنحو 120مليونا تقريبا، لكنها دولة صغيرة مقارنة بدول مثل الولايات المتحدة، ناهيك عن الصين والهند التي تربو كل منها على المليار. وحتى ألمانيا صاحبة اكبر اقتصاد في أوروبا تتجه على الأرجح للتراجع في التصنيف الدولي في العقد القادم حيث تواصل الصين والهند التوسع بسرعة هائلة.
ضعف مؤسساتي في أوروبا وإفريقيا
ومع غروب شمس القوة الأوروبية تدريجيا وعودة القوى العظمى للعب في إفريقيا فانه ليس بمستغرب أن تكتسب فكرة إقامة تحالف استراتيجي بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي كل هذا الزخم في كلا من القارتين. لكن تبقي رغم ذلك مشكلة هائلة، فكل من الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي ناد لدول ذات سيادة تغار كل منها على وضعها المتميز وتسارع
بالتعبير عن الامتعاض إزاء ما تعتبره تدخلا من جانب بيروقراطيات عابرة للقومية.
وتعاني المنظمتان كثيرا من الطرق المسدودة التي تجد نفسها فيها إزاء القضايا الأساسية حيث تتصدى الدول الاعضاء للقرارات المشتركة لحماية مصالحها الخاصة. وهذه هي القضية الشائكة بغض النظر عن مدى رغبة المؤسسات في بروكسل وأديس ابابا في نحت مكان في صخرة نظام عالمي جديد يبدو أعضاؤه على الأرجح راغبين في عمل صفقات مع القوى العظمي في النظام القديم . وعلى نحو ما يشير كوتسوبولس فانه "من الأيسر بكثير التعامل مع دولة مثل الصين تستطيع أن تقدم رأسمالا ضخما بشروط قليلة عن التعامل مع كتلة من 27 بلدا لا تزال خليطا متنافر، وهو ما يشدد عليه الرئيس السنغالي عبد الله واد بقوله: "الصينيين لا يتحدثون كثيرا بل يفعلون وبشكل سريع جدا جدا جدا".