حزب النور السلفي في مصر – بين دعم الجيش واحتمال الانهيار
٢٠ فبراير ٢٠١٤في لقاءاته مع الصحفيين يمكن للمصري الملتحي نادر بكار (29 عاما) أن يعبر عن آرائه السياسية دون تحفظ. ويعود السبب في ذلك إلى أنه أحد المؤسسين لحزب النور ، الذي يدعم الحكومة المصرية الانتقالية وهو أيضا الناطق الرسمي باسمه. ومن بين كل أطياف الجماعات الإسلامية ينفرد حزب النور بخصوصية الترحيب بالإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي من قبل الجيش صيف عام 2013. ويوضح بكار أن موقف حزبه هذا لا يعني الإبتعاد عن فكرة الإسلام السياسي، بل يشير إلى فشل مرسي وحزبه، حزب الأخوان المسلمين، حيث إن" للناس مواقفهم وتوجهاتهم حول تنظيم الأخوان المسلمين، غير أن ذلك لا يعني تعميم هذا التوجه ضد الإسلام السياسي كفكرة"، حسب قوله
قضية وجودية
قيام حزب النور بالتحالف مع الحكومة الانتقالية بما في ذلك القوى اليسارية والليبرالية، فاجأ الكثيرين، خصوصا وأن الجيش المصري، الحاكم الفعلي في الحكومة الانتقالية، لعب على مدى عقود طويلة دور المعارض الأكبر للإسلاميين في مصر. ويشرح المحلل السياسي المصري عادل رمضان أن هذا التوجه لحزب النور مرتبط سياسيا وبالدرجة الأولى بقضية وجودية للحزب، وأيضا بهدف تجنب مصير مشابه لمصير حزب الإخوان المسلمين، حيث ألقي بالآلاف منهم في السجن. يضاف إلى ذلك إلى أن حزب النور لم يستفد من فترة حكم الإخوان المسلمين، وهنا يقول رمضان:" تمكن الإخوان المسلمون خلال فترة حكمهم القصيرة للبلاد من إثارة حنق الجميع، حتى من بين السلفيين، وكأن في الأمر شيئا من الثأر". قبل ثلاث سنوات تعاون المتطرفون السلفيون مع الإخوان المسلمين الذين اعتبروا أكثر اعتدالا بعد سقوط الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك. غير أن الأخوان سرعان ما اعتلوا أهم المراكز الحكومية، وهمشوا السلفيين.
واجهة حزب النور للتغطية على قمع أنصار مرسي
بعد إسقاط الإخوان المسلمون من الحكم لم يود الجيش المصري أن تبدو أعمال القمع ضد أنصار مرسي كحرب موجهة ضد الإسلام، بل كحرب في مواجهة منظمة إرهابية تقدم مصلحة جماعتها على مصلحة الوطن. ومن هنا برز دور حزب النور في إضفاء نوع من الشرعية السياسية على الانقلاب العسكري، حسب الخبير في الشؤون الإسلامية عادل رمضان. ويضيف "إن عدم تعرض الجهات الأمنية لأعضاء حزب النور حتى الآن - خلافاً للإخوان المسلمين – يعود إلى أن قيادات حزب النور التزامت الصمت تجاه الإنتهاكات في حق أنصار مرسي، حيث لقي المئات منهم مصرعهم صيف العام الماضي. ولم يكن لحزب النور سوى إمكانية الدعوة إلى حل سياسي لإعادة إحلال السلام داخل مصر".
حزب النور ومصيره
لايمكن معرفة كم من الوقت سيدوم هذا التحالف المبني على المصالح المشتركة بين الجيش والسلفيين. فرغم دعوة قيادة حزب النور أعضاءها للتصويت لصالح الدستور الجديد في يناير الماضي ، فإنها انتقدت في نفس الوقت حذف بعض ما يشير إلى الشريعة الإسلامية من القانون الأساسي للبلاد. كما تمنع إحدى المواد الدستورية بوضوح الأحزاب المبنية على أسس دينية، حيث إن ذلك قد يؤدي في مرحلة لاحقة إلى حظر حزب النور. ويعلق الناطق باسم حزب النور بكار قائلا: "نحن نرفض هذه المادة الدستورية، إذ نرى أنها غير قابلة للتطبيق من وجهة نظر قانونية"، مشيراُ إلى أن الشعب المصري متدين بشكل كبير وتعود على الدور السياسي الذي يلعبه الإسلام.
في الأسابيع الأخيرة تعالت الخلافات داخل حزب النور نفسه ، مما أدى إلى استقالة عدد من القيادين في الحزب، كما وجهت لرئيس الحزب، يونس مخيون، تهمة خيانة الإسلام. ويعبر الخبير رمضان عن احتمال فقدان الحزب لأهميته قريباً حيث يقول:" لم يتمكن الحزب من تحقيق أي من الأهداف التي دعته إلى التعاون مع المتقلبين. لذا، أصبح الحزب موضع سخرية الآخرين وهو ما سيكلف الحزب خسارة استقطاب أعضاء جدد". ويحذر المتحدث من تبعات ذلك خاصة فيما يتعلق بالأعضاء الشباب داخل حزب النور، فقد يتحول هؤلاء إلى نهج المسار العنيف كما هو الشأن بالنسبة لبعض الأفراد من الأخوان المسلمين عندما يتكون لديهم شعور بعدم وجود من يمثلهم سياسياً داخل الحزب.