حزب البديل في عين عاصفة الحظر وقطع تمويل الدولة عنه
٢٢ يناير ٢٠٢٤في الآونة الأخيرة، وصل حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي صنف مكتب حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) بعض أجزائه على أنها يمينية متطرفة، إلى أعلى مستوياته في استطلاعات الرأي. وفي الوقت نفسه، خرج مئات الآلاف من الألمان إلى الشوارع للتظاهر ضد الحزب المناهض للمهاجرين.
كما اشتعل في البرلمان (بوندستاغ) نقاش حام عن كيفية التعامل مع حزب البديل من أجل ألمانيا. وتقدم بطلب النقاش أحزاب الائتلاف الحاكم الثلاثة، الحزب الديمقراطي الاشتراكي (يسار الوسط)، وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي). وحمل النقاش عنوان "الديمقراطية الدفاعية في بلد متنوع – موقف واضح ضد أعداء الديمقراطية وخطط التهجير".
فيزر: "هذه الديمقراطية تعرف كيف تدافع عن نفسها"
كان سبب طرح النقاش هو التقرير الإعلامي عن اجتماع لمتطرفين يمينيين من ألمانيا والنمسا شارك فيه مسؤولون من حزب البديل من أجل ألمانيا. وكان بعض أعضاء الحزب المسيحي الديمقراطي من المشاركين في اللقاء السري. وحسب ما كشفت عنه منصة "كوريكتيف" الإعلامية طرحت في اللقاء خطط لتهجير ملايين الأشخاص من ألمانيا بما فيهم بعض حاملي جنسيتها.
ودافع بيرند باومان، الرئيس التنفيذي لكتلة حزب البديل في البرلمان، في النقاش البرلماني عن الحزب مدعياً أنه "تم تضخيم اللقاء ليصبح اجتماعاً سرياً خطيراً على العامة".
وردت وزيرة الداخلية الاتحادية نانسي فيزر: "نرى تحركات نشطة لتجاوز الحدود وجعل ازدراء الديمقراطية ومعاداة الإنسانية في قلب المجتمع". وأردفت الوزيرة المسؤولة عن أمن ألمانيا وعن حماية الدستور مخاطبة كتلة حزب البديل في البرلمان: "هذه الديمقراطية تعرف كيف تدافع عن نفسها". ولم تستبعد الوزيرة حظر الحزب، ولكن فقط كحل أخير. وتم تصنيف حزب البديل أنه "يميني متطرف" في ثلاث ولايات من أصل الولايات الاتحادية الـ 16.
بين الحكومة والبرلمان والاستخبارات والمحكمة الدستورية
بيد أن حظر حزب ما في ألمانيا أمر ليس بالسهل. وقد وضعت المحكمة الدستورية الفيدرالية شروطاً كبيرة لحظر أي حزب. ومنها أن يكون للحزب شعبية وازنة بما يمكنه من تحقيق أهدافه في مرحلة ما، كما يوضح الخبير بالقانون الدستوري كريستيان بيستالوزا في مقابلة مع DW.
ولكن الأسهل من الحظر هو قطع التمويل الحكومي عن أي حزب مناهض للدستور. وفي ألمانيا، تمول الأحزاب نفسها من خلال رسوم العضوية، والتبرعات، وأموال الضرائب. والقاعدة المعمول بها ما يلي: كلما حصد الحزب أصوات أعلى في الانتخابات، زاد استحقاق الدعم من خزانة الدولة. بالنسبة لحزب البديل من أجل ألمانيا يبلغ حصته من أموال الضرائب اليوم أكثر من عشرة ملايين يورو.
يقول كريستيان بيستالوزا إن مكتب حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية)، الذي يضع الحزب وبعض فروعه في الولايات تحت المراقبة، يعرف أفضل من غيره بشأن توافر شروط الحظر أو قطع التمويل.
وتقوم الاستخبارات الداخلية بمراقبة فروع الحزب في ولايات تورينغن وساكسونيا وساكسونيا-أنهالت باستخدام وسائل سرية مثل التنصت على المحادثات الهاتفية.
ويعتقد كريستيان بيستالوزا أنه من الممكن استبعاد الحزب من تمويل الدولة، على الأقل في هذه الولايات الثلاث. والشرط الأساسي للبدء بمسار قطع التمويل هو تقديم طلب بهذا الخصوص من الحكومة أو البرلمان. ولكن يبقى للمحكمة الدستورية الكلمة الفصل بهذا الشأن، وقد لا تتفق بالرأي مع تقييمات سلطات حماية الدستور. ولكن مع ذلك، ليس لدى الخبير بالقانون الدستوري كريستيان بيستالوزا أي شك في إمكانية حصول ذلك التضارب بالآراء بين الاستخبارات الداخلية والمحكمة الدستورية.
وفي مقابلة مع DW، شكك المحامي الدستوري عظيم سيميزأوغلو من جامعة لايبزيغ بشأن احتمال نجاح محاولات استبعاد حزب البديل من أجل ألمانيا من تمويل الدولة. ويرجع ذلك إلى عدم سهولة نجاح المحكمة الدستورية في تصنيف برنامج حزب البديل من أجل ألمانيا على أنه غير دستوري.
ما مدى قوة الديمقراطية في ألمانيا؟
توجد طريقة أخرى لمكافحة أعداء الدستور المحتملين، وهي تجريدهم من الحقوق الأساسية، بما يحول دون ترشحهم للمناصب العامة. وبهذه الطريقة، تريد عريضة عبر الإنترنت منع بيورن هوكي، رئيس كتلة حزب البديل في برلمان ولاية تورينغن، من أن يصبح رئيساً لوزراء الولاية في حال فوز الحزب بالانتخابات المحلية في أيلول/سبتمبر 2024. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن حزبه يتقدم بأكثر من 30 بالمئة.
ومع ذلك، يشكك المختص بالقانون الدستوري عظيم سيميزأوغلو في إمكانية تجريد بيورن هوكي من حقوقه الأساسية: "باءت محاولات مماثلة بالفشل لصعوبة الشروط والإجراءات". ولكن المختص يستدرك بالقول: "ومع ذلك، المحاولة ليست ميؤوس منها تماماً لأن التحقيق في الاشتباه في عدم الدستورية أقل سهولة في حال الفرد الواحد منه في حال الحزب بأكمله".
وبغض النظر عن المناقشات حول الحظر والعقوبات الأخرى المحتملة ضد حزب البديل من أجل ألمانيا أو ضد أعضائه، يعتقد عظيم سيميزأوغلو أن الديمقراطية في ألمانيا قوية بما يكفي للدفاع عن نفسها ضد أعدائها: "عندما أرى الكثير من الناس يخرجون إلى الشوارع ضد المواقف العنصرية، فهذه لحظة تمنحني الشجاعة".
أعده للعربية: خالد سلامة