حرية التعبير في مصر في قلب منتدى الإعلام العالمي في بون
٣٠ يونيو ٢٠١٤أحداث كبرى تتوالى في "أرض الكنانة"، والتغطية الصحافية المواكبة لها عاشت أوقاتا صعبة خلال الفترة الماضية. مؤسسة DWاهتمت بهذا الموضوع وأفردت في منتداها الإعلامي السنوي حيزا واسعا لمناقشة القضية. الإعلامي المصري باسم يوسف كان حاضرا في افتتاح المنتدى، وهو الذي تعتبر تجربته خير مثال يمكن أن يعكس حقيقة الأوضاع في مصر، بعد أن اضطر للإعلان عن إيقاف "البرنامج" الذي أطلقه مع بدايات ما يعرف بالربيع العربي وثورة 25 يناير 2011.
باسم يوسف انتقد الوضع الحالي في بلاده مصر وألمح إلى أن التقييد على حرية التعبير وصل إلى حالة صعبة. وعبر عن ذلك بالقول: "لا يمكن أن تحكم بلدا بوسائل تعود إلى 30 أو 40 عاما خلت. إلا إذا كنت في كوريا الشمالية"، ثم عقب على ذلك، مستخدما طريقته المعروفة المعتمدة على السخرية والتهكم اللاذع، فقال: "آمل أن لا نصبح في النهاية (في مصر) مثل كوريا الشمالية".
تضييق غير مسبوق
"ثورتان" في مصر خلال عامين. ومنذ الثورة الأخيرة قبل عام من الآن والتي أدت إلى تدخل الجيش والإطاحة بالرئيس الإسلامي محمد مرسي، لم يتغير شيء فيما يخص حرية التعبير والعمل الإعلامي وحرية نقل المعلومة، لا بل تراجعت أوضاع الحريات الصحفية، وفقا لكثير من المراقبين. ومؤخرا أصدرت محكمة جنايات مصرية أحكاما بالسجن من سبع إلى عشر سنوات على ثلاثة صحافيين، إضافة لأحكام غيابية بحق ثلاثة صحافيين أجانب. وأثار الحكم ردود فعل دولية غاضبة لم تهدأ إلى الآن.
فالأمين العام للأمم المتحدة التقى بالرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي وحثه على "حماية حرية التعبير"، خلال لقاء بينهما على هامش قمة الاتحاد الإفريقي في غينيا الاستوائية.
هذا الوضع يجعل الصحفيين والنشطاء يخشون من استهدافهم في أي لحظة، كما يقول المصور الصحفي مصعب الشامي، الفائز بجائزة "مدونات DW" (البوبز) لعام 2014: "أصحاب الكلمة يتعرضون الآن ربما لتضييق لم يتعرضوا له منذ فترة طويلة جدا". والشامي يرى نفسه "محظوظا" لأنه لم يستهدف حتى الآن، و"لكن هناك كثير من الزملاء الذين يقبعون الآن خلف القضبان. وبالتالي فالمسالة الآن هي متى سيتم استهدافك، وليس هل سيتم استهدافك أم لا"، يقول الشامي في حديث لـDWعربية.
بيتر ليمبورغ، مدير عام مؤسسة DW، حث على المضي قدما في نقل الحقيقة. وقال خلال كلمة ألقاها في افتتاح المنتدى: "الصحفيون لا يجب أن يكونوا أصدقاء لكل واحد. إنهم يخدمون العموم". وأكد ليمبورغ، بأن DWستواصل العمل "على إيصال صوت باسم يوسف - وخاصة في أوروبا".
هل انتهى المطاف؟
وأمام هذا التقييد على العمل الصحفي، يجد الكثير من أبناء المهنة أنفسهم مضطرين إما للهجرة إلى خارج بلدهم أو للصمت والانعزال، والخيار الثالث الانضمام للموجة التي تحظى برضا السلطات.
مصعب الشامي، الفائز بجائزة "البوبز" العالمية، يرى أن أي صحفي في مصر يمكن أن يقبض عليه "عاجلا أو آجلا" طالما أنه "لم يتبع الرواية الرسمية" أو "حاول قول الحقيقة بصوت عالٍ". وصار مجرد "وجودك في الشارع مع كاميرا شيئا في منتهى الخطورة. وبالتالي العمل الآن يتطلب العمل بشكل سريع وأحيانا بشكل متخف، خصوصا أثناء الاشتباكات".
وهذا الأمر تطور منذ يوليو/ تموز الماضي، بحسب الشامي، "فلم يعد يقتصر على الإسلاميين، وإنما انتقل الآن إلى استهداف النشطاء والصحفيين والمصورين وحتى من كانوا في السابق مناصرين للسلطة، لأن الحقيقة تزعج من هم في المكاتب".
ولكن باسم يوسف، يرى أن هذا ليس نهاية المطاف، ومازال النجم الإعلامي الشهير متفائلا بإمكانية حدوث التغيير في العالم العربي عموما، وفي بلده مصر خصوصا: لأن "الشباب العربي كسر حاجز الخوف" بحسب باسم. وهو ما يتفق معه الشامي، الذي يرى أن الوضع في مصر مفتوح على جميع الاحتمالات و"يصعب تخيل حدوث استقرار، لأنه لا يمكن لدولة بنيت على القمع والمذابح من أول يوم أن تجلب الاستقرار".