"حرية التعبير حق لن يستطيع الدكتاتوريون إنكاره على المدى البعيد"
٣ مايو ٢٠١٢وضع حرية الصحافة في العالم العربي تغير كلياً بعد اندلاع ما يُعرف بثورات الربيع العربي. ولكن ليس كل هذه التغيرات بالضرورة إيجابي، ففي بعض الدول العربية هناك تحسن ملحوظ في مستوى حرية الصحافة، كما هو الوضع في تونس، ولكن في دول أخرى مثل سوريا والبحرين لا زالت السلطات تمارس انتهاكات فادحة لحقوق الإنسان وحرية التعبير وحرية الصحافة. عن هذا الوضع المقلق وبمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة أجرت DW عربية حواراً مع رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "مراسلون بلا حدود"، سوازيغ دوليه.
DWعربية: سيدة دوليه، في آخر إحصائيات أجرتها منظمة مراسلون بلا حدود هناك 19 صحافياً قـُتلوا و161 آخرون سُجنوا حتى الآن في عام 2012. ما هي دلالات هذه الأرقام حول وضع حرية الصحافة في العالم حالياً؟
سوازيغ دوليه: أريد أن أنوه بداية إلى أن هذه الأرقام تشمل فقط الصحافيين المحترفين، ولا تشمل "المواطنين الصحافيين"، أي المواطنين العاديين الذين بدؤوا القيام بعمل صحافي، والذين قـُتلوا وسُجنوا أيضاً. بشكل عام إذا أدخلنا هؤلاء المواطنين "الصحافيين" إلى الإحصائيات، هناك بالمعدل صحفي واحد يُقتل كل خمسة أيام منذ بداية عام 2012. وهو رقم ضخم مقارنة مع أرقام العام الماضي مثلاً. منظمتنا قلقة جداً من مستوى العنف الذي يواجهه الصحافيون والمواطنون الصحافيون في هذا العام. نحن قلقون بالأخص حول الوضع في دولتين، هما الصومال وسوريا. في الصومال قـُتل في 2012 أربعة صحافيين، وفي سوريا قـُتل حتى الآن أربعة صحافيين محترفين وخمسة مواطنين كانوا يقومون بعمل صحافي. وضع حرية الصحافة مقلق في هذا العام، وخصوصاً بعد نشوب ثورات الربيع العربي.
كيف تقيمين الوضع الآن في سوريا على وجه التحديد بالنسبة لحرية الصحافة؟
الوضع في سوريا معقد جداً، فالسلطات السورية تمنح التأشيرات للصحافيين الأجانب، ولكن وبشكل عام فقط للصحافيين من الدول الصديقة للحكومة السورية، مثل الصين وروسيا وإيران. ولكن هناك أيضاً صحافيون آخرون يحصلون على تأشيرات، ولكنهم لا يستطيعون أن يعملوا بحرية في سوريا. معظم الصحافيين الذين يغطون باستقلالية ما يحدث هناك يدخلون إلى البلاد بصورة غير قانونية عن طريق الحدود اللبنانية أو حدود سوريا الشمالية، ولكن مع استمرار العنف تزداد الصعوبة للصحفيين من دخول البلاد وتغطية الأحداث. لذلك يلجأ الصحافيون إلى المعلومات التي تردهم من المجموعات المقاتلة. ولكن بشكل عام من الصعب على الصحافيين أن يتحققوا من صحة الأنباء التي يستقونها من السكان في مختلف المناطق والبلدات.
هل ترين تغيراً إيجابياً بشكل عام في العام العربي في ما يخص حرية الصحافة بعد اندلاع ثورات الربيع العربي؟
من الصعب أن نعمم، لأن في كل بلد عربي حصل ربيع خاص به. لا نستطيع مقارنة الوضع في تونس ومصر والبحرين. ولكن بشكل عام فإن التطور في البلاد العربية إيجابي، لأن الشعوب هناك تناضل من أجل حقوقها، ولن تستطيع السلطات على المدى البعيد أن تنكر حق الشعوب في حرية التعبير. ولكن في بعض الدول سيستغرق التغيير وقتاً طويلاً. في تونس مثلاً، كانت الثورة سريعة جداً. الآن أصبح في تونس عدد كبير من الجرائد الجديدة، وهو شيء جيد، ولكن كثيراً من محطات الإذاعة والتلفزيون تواجه مشاكل في الحصول على تراخيص للعمل، والسلطات التونسية تضع الكثير من العقبات التقنية والقانونية في وجهها. نحن قلقون بسبب مواصلة السلطات العمل بقانون للصحافة الذي يسمح بإدانة وسجن الصحافيين وتغريمهم بمبالغ باهظة، ولم تبدأ بعد في العمل بقانون الصحافة الجديد الذي أقرته في نوفمبر الماضي. ولكن على الأقل هناك بعض التغيير.
ولكن هناك دول عربية أخرى شهدت العكس تماما....
نعم مثل البحرين. هناك أصبح الوضع أسوأ، حيث قامت قوات الأمن بتعذيب صحافيين ومصورين، العام الماضي وهذا العام. حتى قبل بضعة أيام كان هناك سباق للفورميولا 1 في المنامة، وقد منعت السلطات البحرينية العديد من الصحافيين من دخول البلاد. والعديد من الصحافيين المحليين تمت مضايقتهم جسدياً من قبل قوات الأمن البحرينية لأنهم غطوا موجة الاحتجاجات ضد النظام الحاكم وضد سباق السيارات هناك. التغيير في البحرين سوف يتطلب وقتاً طويلاً، لأن دول كثيرة تدعم البحرين، مثل الولايات المتحدة الأمريكية. وهناك أيضاً تساؤلات حول دور بعض وسائل الإعلام، مثل قناة "الجزيرة" القطرية، التي لم تغطِ بشكل كافٍ الثورة في البحرين، كما غطتها في ليبيا ومصر مثلاً.
ما هي الخطوات التي يمكن لمنظمتكم أن تقوم بها من أجل تحسين حرية الصحافة في الدول العربية؟
منظمتنا تسعى إلى تكثيف العمل في المنطقة العربية. لقد افتتحنا مكتباً لـ "لمراسلون بلا حدود" في تونس مؤخراً، يعمل فيه موظفيْن، وأنا سعيدة جداً لهذا. وهما يراقبان وضع حرية الصحافة في تونس بشكل يومي. و سيكون هناك أيضاً موظف من منظمتنا اعتبارا من أيلول/ سبتمبر المقبل في ليبيا لمراقبة وضع حرية الصحافة هناك ومتابعة إذا ما كان سيتم ترسيخ مبدأ حرية الصحافة في الدستور الليبي الجديد. أنا بنفسي قمت بزيارة ليبيا ثلاث مرات منذ تموز/يوليو الماضي، وأنا سعيدة لأننا لدينا الآن الفرصة أن نكون هناك وأن نتخذ خطوات على الأرض، وأن نكون بجانب السلطات الليبية والصحافيين الليبيين لمتابعة تطبيق مبادئ حرية الصحافة عن كثب، وليس فقط مجرد إصدار التقارير. وأنا بنفسي سأذهب الأسبوع القادم إلى البحرين وفي تموز/يوليو القادم آمل أن أذهب إلى اليمن، حيث يُقال أن تغييراً إيجابياً سيحدث هناك، ونحن نريد مراقبة الوضع في اليمن والتأكد من أن الصحافيين سوف يستفيدون من هذا التغيير، وأنه لن يبقى فقط حبراً على ورق.
أجرى الحوار: نادر الصراص
مراجعة: طارق أنكاي