حركة الشباب الصومالية بعد غودان ـ تفكك أم رد ثأري دموي؟
٦ سبتمبر ٢٠١٤كان أحمد عبدي غودان الملقب بالمختار أبو الزبير، الذي قتلته الولايات المتحدة في غارة جوية، زعيما لا يعرف الرحمة لحركة الشباب الصومالية المتفرعة من تنظيم القاعدة الإرهابي. حركة الشباب الإرهابية استطاعت الاستمرار رغم مقتل زعيم الحركة الذي خلفه غودان في غارة صاروخية أميركية في 2008. ويرى سيدريك بارنز من مجموعة الأزمات الدولية أن "القضاء على غودان سيضعف حركة الشباب بشكل كبير على الأقل على المدى القصير".
بيد أن مقتله يمكن أن يكون مهما في التوجه الذي ستنتهجه الحركة: إذ يمكن أن تعود للتركيز على الصومال وتغرق في الخصومات القبلية المعقدة، أو أن تسعى إلى استكمال نهج غودان في توسيع أجندتها "الجهادية" عبر شن هجمات في أنحاء المنطقة. ويقول ويل ماكانتس مدير مشروع بروكنغز حول العلاقات الأميركية مع العالم الإسلامي، إن مقتل غودان "مهم للغاية" واصفا إياه بـ "القاتل الذي لا يرحم". ويرى ماكانتس أن غودان، أو أبو الزبير هو من دمج حركة الشباب بتنظيم القاعدة.
"مزيج مرعب من الوحشية المنفلتة والكاريزما"
ويرى خبراء في الشأن الصومالي أن غودان كان على يقين أنه سيقتل مع هدير الطائرات بدون طيار في سماء جنوب الصومال بدون انقطاع. إذ بات واضحا أن واشنطن تنوي القضاء عليه كما فعلت بسلفه عام 2008. لكن مع ذلك يبدو من غير المؤكد أنه رشح شخصا لخلافته. ويرى الباحث الصومالي عبدي اينتي أن غودان قاد المتطرفين "بمزيج مرعب من الوحشية المنفلتة والكاريزما القوية".
ويقول عبدي اينتي، مدير مؤسسة هيريتج التي تتخذ من مقديشو مقرا لها إن "المفارقة هي أن غودان قتل الشخص الذي كان الأكثر ترجيحا لخلافته وذلك بسبب خلاف داخلي العام الماضي". ويضيف اينتي "مع غياب غودان زعيما للحركة .. من الصعب تصور أن تبقى حركة الشباب كيانا متماسكا. فهو لم يقم بمحاولات واضحة لتحضير خليفة له".
أبو عبيدة خليفة لغودان
بيد أن الحركة، التي اعترفت بمقتل قائدها، اختارت أحمد عمر أبو عبيدة زعيما جديدا لها وفقا لمركز سايت الأميركي المتخصص في مراقبة المواقع الإسلامية. وجددت الحركة في بيان بثته مواقع إسلامية ولاءها لتنظيم القاعدة وزعيمها أيمن الظواهري. وفي حين لم يعط البيان تفاصيل عن الزعيم الجديد، فإن الحركة أكدت أنها "ستثأر" لمقتل غودان مشددة على أن "الثأر لمقتل مثقفينا وقادتنا واجب يقع على كواهلنا ولن نتخلى عنه ولن ننساه أيا كان الوقت الذي سيستلزمه".
وأعلن المتحدث العسكري باسم الشباب عبد العزيز أبو مصعب لوكالة فرانس برس أن "زعيم حركة الشباب استشهد بضربة شنتها طائرة أميركية من دون طيار الاثنين مع اثنين آخرين من رفاقه". وأعرب الرئيس الصومالي عن الأمل في أن يكون مقتل غودان بمثابة مفترق. وعرض على المقاتلين إلقاء السلاح في إطار عفو. وتخشى الحكومة الصومالية المدعومة من المجتمع الدولي في هذا البلد الذي تمزقه الحرب الأهلية منذ أكثر من 20 عاما، من ردود ثأرية دامية.
وغودان الذي كان في السابعة والثلاثين من العمر، يعتبر أحد أكثر عشر شخصيات مطلوبة من الولايات المتحدة بتهمة الإرهاب. وكانت الولايات المتحدة قررت مكافأة بقيمة سبعة ملايين دولار لمن يعطي معلومات تقود إلى إلقاء القبض عليه. وقد تدرب غودان على استخدام السلاح في أفغانستان وقاد عملية تحويل المجموعة من حركة تمرد محلية إلى حركة أصبحت منيعة في شرق إفريقيا.
مقتل غودان "خطوة إلى الأمام ولكن"
ويرى مصدر أمني غربي أنه رغم أن مقتل غودان يعتبر "خطوة إلى الأمام" في الحرب على حركة الشباب، إلا أنه "يفتح كذلك الباب واسعا أمام ما ستفعله الحركة تاليا". ويتوقع أن يتراجع مسلحو الحركة في وجه هجمات قوة الاتحاد الإفريقي في الصومال، بيد أن الهجمات في أماكن أخرى قد تكون أكثر دموية. وفي وجه الحملة العسكرية المتجددة التي تشنها قوة الاتحاد الإفريقي البالغ تعدادها 22 ألف عسكري، لا يتوقع العديد من المراقبين أن تستولي الحركة على أي بلدات كبرى جديدة.
إلا أنه ومع بقاء مناطق شاسعة من المدن تحت سيطرة الشباب، يخشى كثر أن تستغل الحركة المناطق التي تفتقر إلى القانون للتخطيط لشن هجمات واسعة في أرجاء المنطقة. وطبقا لتقديرات المصادر الاستخباراتية فإن عدد أعضاء حركة الشباب يتراوح ما بين 5 و9 آلاف عنصر. لكن من غير الواضح كم منهم يشكلون المتشددين، وكم منهم يرتبطون بزعماء حرب ينتمون إلى الحركة اسميا. وأعلنت حركة الشباب مسؤوليتها في أيلول/ سبتمبر 2013 عن مذبحة مركز وست غيت التجاري في العاصمة الكينية والتي قتل فيها 67 شخصا بعد أربعة أيام من الحصار.
أ.ح/ ف.ي/ ح.ع.ح (أ ف ب)