حتى أصدقاء إسرائيل.. تصاعد القلق من تداعيات اجتياح رفح!
٢١ فبراير ٢٠٢٤عبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن رأيه صراحة وبلا مواربة. فقد خرج قبل أيام ليؤكد أن الجيش الإسرائيلي سيتقدم إلى مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة حتى لو تمكن المفاوضون من التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يشهد إطلاق حماس سراح جميع الرهائن الإسرائيليين المتبقين.
وأضاف في خطاب متلفز أن عملية رفح سيتم تنفيذها "حتى لو تم التوصل إلى اتفاق للإفراج عن الرهائن... حتى إذا أنجزنا ذلك، سندخل رفح".
وتقول إسرائيل إن 130 رهينة ما زالوا محتجزين لدى حركة حماس التي هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
وتقول منظمات الإغاثة إن عدد سكان مدينة رفح في أقصى جنوب القطاع قرب حدود مصر بلغ حوالي 1,5 مليون نسمة. وقبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كان يقطن مدينة رفح حوالي 300 ألف شخص فقط، وبعد أن قصدها الكثير من النازحين أصبحت الظروف المعيشية فيها كارثية.
ويعاني النازحون من ظروف معيشية صعبة وسط نقص في الغذاء ومياه الشرب والأدوية، فيما اضطر الكثيرون منهم إلى العيش في خيام رغم برودة الطقس.
ودخل الصراع طوراجديدا بعد الهجوم الإرهابي الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي الذي أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص. وتلا ذلك، إعلان إسرائيل الحرب على حماس فيما أسفرت العمليات الإسرائيلية العسكرية في غزة إلى مقتل أكثر من 29 ألف شخص حتى الآن، بحسب السلطات الصحية في غزة.
وقد يتفاقم الوضع قريبا في حالة مضي نتانياهو قدما في خطته لشن هجوم بري على رفح وهو ما أثار قلقا دوليا متناميا في جميع أنحاء العالم.
الولايات المتحدة
رغم أنّ الولايات المتحدة - أقوى حلفاء إسرائيل - قالت إنها ستستخدم حق النقض ضد مشروع قرار أممي قدمته الجزائر يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية ووصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى غزة مع رفض التهجير القسري للفلسطينيين، حذّر الرئيس الأمريكي جو بايدن من تداعيات أي هجوم بري على رفح.
بايدن أكد ذلك في اتصال هاتفي مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو حيث قال البيت الأبيض في بيان إن الرئيس الأمريكي "كرر موقفه بأن أي عملية عسكريّة يجب ألّا تتم من دون خطة موثوقة وقابلة للتنفيذ تضمن أمن المدنيين في رفح".
من جانبه، قال نتانياهو إن إسرائيل "تضع خطة مفصلة" للمكان الذي ينبغي أن يذهب إليه أكثر من مليون نازح طالبتهم إسرائيل بمغادرة أماكنهم عقب إصدار أوامر إخلاء في مناطق شمال ووسط القطاع مع بداية العمليات العسكرية.
وقال نتانياهو إنّ إسرائيل ستشن هجوما عسكريا في رفح بجنوب قطاع غزة، "لكن بعد أن نتيح للمدنيين الخروج من مناطق القتال والانتقال إلى مناطق آمنة"، مضيفا أن "المناطق التي قمنا بتطهيرها شمال رفح هي [آمنة] حيث توجد الكثير من المناطق هناك".
في غضون ذلك، قال موقع "أكسيوس" الأمريكي أن بريت ماكغورك، كبير مستشاري بايدن لشؤون الشرق الأوسط، سيزور إسرائيل ومصر خلال الأيام المقبلة.
ونقل الموقع عن مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين قولهم إن الزيارة تأتي بهدف إجراء محادثات حول العملية العسكرية الإسرائيلية المحتملة في رفح ومفاوضات إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. وأشار الموقع إلى أن ماكغورك سيلتقي في القاهرة مع رئيس جهاز المخابرات المصري، عباس كامل، فيما سيجتمع في تل أبيب مع نتانياهو ووزير الدفاع، يوآف غالانت.
ألمانيا
رغم أن ألمانيا من أشد المؤيدين لإسرائيل منذ اندلاع الصراع الحالي، إلا أن كبار مسؤوليها حذروا من مغبة مهاجمة رفح.
فقد خرج متحدث حكومي الاثنين (19 فبراير/ شباط) ليقول إن ألمانيا تشعر بقلق بالغ إزاء الهجوم الإسرائيلي المحتمل على رفح، مضيفا أنه "من الصعب تقييم الوضع الإنساني هناك (في رفح) بشكل صحيح، لكنني أعتقد أن الجميع يعلم أنه كارثي".
ونقلت رويترز عن الناطق تأكيده على أنه في حال تنفيذ الهجوم، "فيجب على إسرائيل الإجابة على سؤال حول كيفية إجلاء ما يصل إلى 1.3 مليون مدني يحتمون هناك حاليا."
وكانت رئيسة الدبلوماسية الألمانية أنالينا بيربوك قد حذرت في تغريدة من أن "أي هجوم يشنه الجيش الإسرائيلي على رفح سيكون بمثابة كارثة إنسانية. لا يمكن لشعب غزة أن يختفي ببساطة في الهواء".
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس في مقابلة مع صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" إنه في حالة قلق بالغ إزاء عواقب الهجوم البري المخطط له في رفح. وخلال كلمته أمام مؤتمر ميونيخ للأمن، قال المستشار الألماني إن الطريقة التي تدار بها الحرب في غزة يجب أن تتوافق مع القانون الدولي، مشيراً إلى أن بلاده تتحدث مع الحكومة الإسرائيلية بشأن هذا الأمر مع تأكيده على "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".
السعودية
وإقليميا، حذر وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان من "تداعيات بالغة الخطورة" في حال اقتحام مدينة رفح في قطاع غزة، مضيفا أنّ "احتمالية تنفيذ عمليات إسرائيلية في رفح جنوب قطاع غزة أمر غير مقبول تماماً".
وأضاف في مقابلة مع قناة "فرانس 24" أن السعودية طالبت منذ "البداية بوقف لإطلاق النار ونحن بحاجة إلى ذلك الآن أكثر من أي وقت مضى.. الحل الضروري الذي يجب أن نتحدث عنه، هو كيف نحمي المدنيين في غزة؟"
وكانت السعودية قد حذرت من مغبة استهداف مدينة رفح التي باتت الملاذ الأخير لمئات الألوف من المدنيين الذين أجبرهم القصف الإسرائيلي على النزوح، مؤكدة على رفضها "القاطع وإدانتها الشديدة لترحيلهم قسرا وتجدد مطالبتها بضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار".
وكانت السعودية وإسرائيل قبل السابع من أكتوبر / تشرين الأول الماضي في طريقهما إلى تطبيع العلاقات الثنائية، لكن قطار التطبيع تعثر عقب العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.
الاتحاد الأوروبي
حذرت دول الاتحاد الأوروبي جميعا باستثناء المجر، الاثنين (19 فبراير / شباط)، إسرائيل من شن هجوم على رفح فيما دعا بيان وزراء خارجية التكتل إلى "هدنة إنسانية فورية من شأنها أن تؤدي إلى وقف مستدام لإطلاق النار والإفراج غير المشروط عن الرهائن وتقديم المساعدة الإنسانية".
وقالت وسائل إعلام إن البيان صدر باسم وزراء خارجية ست وعشرين دولة في التكتل فيما كانت المجر الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي المؤلف من 27 دولة، التي لم توقع.
وحث الوزراء في بيانهم المشترك الحكومة الإسرائيلية "على عدم تنفيذ عمل عسكري في رفح من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني الكارثي بالفعل ويحول دون توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها".
جنوب أفريقيا
وفي لاهاي، رفضت محكمة العدل الدولية الجمعة (16 فبراير / شباط) طلب جنوب أفريقيا بفرض إجراءات عاجلة إضافية لحماية مدينة رفح، لكنها شددت على أنه يتعين على إسرائيل "الامتثال الكامل لالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية بما في ذلك ضمان سلامة وأمن الفلسطينيين في قطاع غزة".
وقالت المحكمة إن إسرائيل يتعين عليها "احترام الإجراءات السابقة التي فرضت أواخر يناير / كانون الثاني الماضي في مرحلة أولية في دعوى الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب إفريقيا ضدها."
وكانت جنوب أفريقيا قد رفعت دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية الشهر الماضي تتهم فيها إسرائيل بمزاعم "ارتكاب إبادة جماعية" في غزة. وفي حكمها الأولي، أمرت المحكمة إسرائيل باتخاذ كل التدابير التي في وسعها لمنع "أي أعمال إبادة جماعية في غزة."
بيد أن القرار لم يحمل في طياته إصدار أمر بإنهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع.
إسرائيل: لن نخسر الحرب
وفي ردها على التحذيرات القلقة، ترفض إسرائيل هذه الانتقادات الدولية حيث تصر على أن مهاجمة رفح "خطوة ضرورية نحو تحقيق هدفها المتمثل في تدمير حماس".
وفي ذلك، قال نتانياهو "أولئك الذين يقولون إننا يجب ألا ندخل رفح، يقولون لنا في الواقع إننا يجب أن نخسر الحرب، ونترك حماس هناك"، مضيفا "صحيح هناك أصوات معارضة كثيرة في الخارج، لكن هذه هي اللحظة التي نحتاج فيها للقول إننا لن نقوم بنصف أو ثلث المهمة".
أعده للعربية: محمد فرحان