حامد عبد الصمد: حتى الذين لا يشاركونني آرائي يدعمون حريتي في التعبير
١٢ يونيو ٢٠١٣بعد أن ألقى الكاتب الألماني-المصري حامد عبد الصمد محاضرة في القاهرة الأسبوع الماضي عن الإسلام وفاشية المتشددين الإسلامويين أُطلقت دعوة لقتله. ويقيم عبد الصمد في ألمانيا منذ ربيعه الثالث والعشرين، وهو أحد أعضاء مؤتمر الإسلام الألماني وعرفه الرأي العام من خلال العديد من الكتب ومنها "سقوط العالم الإسلامي" و"الحرب أم السلام: الثورة العربية ومستقبل الغرب". كما شارك في حلقات تليفزيونية سياسية ساخرة في ألمانيا تتناول موضوعات مثل "رهاب الإسلام" و"الاندماج" و"العنصرية" إلى جانب هينريك أم. بوردر.
وبعد هذه المحاضرة وصفه عاصم عبد الماجد، أحد قيادات الجماعة الإسلامية في مصر، والداعية السلفي محمود شعبان في برنامجهما على قناة "الحافظ" التليفزيونية في مصر بـ "الكافر"، ودعت الكثير من صفحات الإنترنت إلى قتله. وبسبب هذه التهديدات توارى عبد الصمد عن الأنظار حالياً. DW عربية أجرت الحوار التالي مع الكاتب حامد عبد الصمد باللغة الألمانية، ومن خلال الفيسبوك لأسباب أمنية تتعلق بسلامته:
DW: أفادت وسائل الإعلام الألمانية أنك تواريت عن الأنظار، هل أنت بمأمن في ظل الحملة الداعية إلى قتلك؟
حامد عبد الصمد: نعم. أنا في مكان آمن.
كيف تتعامل على المستوى الشخصي مع هذه التهديدات؟ هل تخشى على حياتك؟
أحاول ألا أسمح للخوف أن يسيطر علي. لكن قلقي ينصب على عائلتي التي باتت معرضة للكثير من المضايقات بسبب هذه الزوبعة حول آرائي.
ربطت في محاضرتك بين الفاشية والإسلام، ألا يمكن لذلك أن يجرح المشاعر الدينية لبعض الأشخاص؟
ولماذا يجرح تحليل تاريخي- سياسي المشاعر الدينية؟ لماذا ينتظر بعض المسلمين المتدينين أي تصريح حتى تُجرح مشاعرهم؟ كل ما فعلته كان إسقاطاً لمصطلح سياسي حداثي مثل الفاشية على نشوء الإسلام: فهي حركة تستدعي وحدة الشعب، وترى في مبادئ التفوق الأخلاقي والطاعة العمياء جوهراً لأيديولوجيتها، وتضع نصب أعينها السيطرة على العالم. لكني قلت في محاضرتي أيضاً إنه من الطبيعي ألا يكون عادلاً أن نسقط مصطلحات ومفاهيم سياسية من القرن العشرين على دين، نشأ في القرن السابع.
لكننا إذا ما أردنا مراعاة الفارق الزمني، فيجب علينا أيضاً أن نعترف بالمقابل أنه ليس من العدالة في شيء أن نعطي شمولية في عصرنا الحالي لمفاهيم وقواعد لحياة جماعة المسلمين في القرن السابع وأن نضفي عليها مرجعية سياسية. كان هدفي إذن هو الدفع بفكرة أنه لا ينبغي علينا الحكم على النبي (محمد) والقرآن بمعايير القرن الواحد والعشرين، وأيضاً لا يمكن للنبي والقرآن أن تحدد حياتنا في القرن الواحد والعشرين. فما الذي يجرح في ذلك؟
برأيك هل توجد مثل هذه "الفاشية الدينية" في أديان أخرى غير الإسلام؟
طبعاً. في اليهودية والمسيحية أيضاً مثل هذه الجوانب الفاشية. ففي النهاية يقوم الإسلام أيضاً على تقاليد هاتين الديانتين. وهذه الأديان السماوية الثلاثة تتحمل عبر التاريخ المسؤولية على الكثير من الشقاء والتعصب والحروب، لأن كل منها يعتقد أن لديه مطلق الحقيقة. وهذا الإطلاق سبب من أسباب الفاشية.
مفوض الحكومة الألمانية لحقوق الإنسان أدان دعوات القتل ضدك، كما استدعت وزارة الخارجية الألمانية ممثلاً عن السفارة المصرية في برلين. هل تشعر بالرضا عن ردود الأفعال الألمانية الرسمية حتى الآن؟
كان هذا هو الحد الأدنى من ردود الفعل. أعتقد أنه ينبغي أن يكون رد الحكومة الألمانية مغايراً في مصر. التحفظ لم يعد مناسباً. أتوقع المزيد من الضغط على القاهرة، من أجل ألا تنأى الحكومة المصرية بنفسها عن دعوات القتل هذه فقط، بل وتتخذ إجراءات قانونية ضد (القيادي في الجماعة الإسلامية عاصم) عبد الماجد وضد كل الذين أطلقوا الدعوات لقتلي ومهدوا لها.
مصر بحاجة إلى الدعم المالي من ألمانيا ومن الاتحاد الأوروبي في هذه المرحلة الانتقالية. ليس من المنطقي أن تحصل مصر على هذا الدعم التنموي من دون تلبية أقل شروط ومتطلبات دولة القانون. يجب أن تكون الإشارات القادمة من برلين أكثر وضوحاً في هذا المجال.
وكيف هي ردود الفعل في مصر؟ هل تلقيت التهديدات والرفض والنقد، أم كان هناك نوع من الدعم والتضامن؟
بالطبع كان هناك تضامن من قبل الكتاب والصحفيين المصريين والعرب، وحتى من أناس لا يشاركونني الرأي نفسه، لكنهم يدعمون حقي في حرية التعبير. العديد من الصحف المصرية المستقلة تحدثت عن الدعوات لقتلي. ومن المفاجئ أن "الأهرام"، وهي أكبر صحف مصر اليومية وتعتبر صحيفة رسمية، دعمت موقفي.
ومن ألمانيا أيضاً أتلقى الكثير من الدعم من الأوساط المسلمة هناك، فقد رفضت الرابطة الإسلامية الليبرالية بشكل واضح الدعوات لقتلي. ولم ألحظ حتى الآن أي رد فعل من الجمعيات المحافظة. لربما ستقول في وقت ما: هؤلاء المتشددون لا يمثلون الإسلام. وسأجيبهم حينها: لماذا تقولون لي ذلك، أذهبوا إلى هؤلاء المتشددين وأخبروهم بذلك!
تحدثت في مقابلة سابقة عن توظيف مثل هذه الحملات سياسياً. في ضوء هذه الحملة كيف تنظر إلى حاضر مصر السياسي ومستقبلها؟
الوضع الاقتصادي في مصر بات بائساً. هناك نقص في الخبز والوقود. الرئيس مرسي بات تحت ضغط المعارضة. وحملة جمع التواقيع الداعية إلى تنحيه عن السلطة استطاعت أن تجمع 13 مليون توقيع خلال شهر واحد فقط. ومن المزمع تنظيم مسيرة مليونية في 30 يونيو/ حزيران الجاري نحو القصر الرئاسي. ويحاول الإخوان المسلمون تصوير آرائي الناقدة للإسلام على أنها آراء جميع أطياف المعارضة من أجل قذفها بكراهية الإسلام والحصول على المزيد من الدعم. ومن هنا تأتى أهمية عاصم عبد الماجد، الذي أطلق الدعوة لقتلي. وهو حليف مهم للرئيس مرسي ورئيس الحملة الداعمة له.
في نهاية دعوته لقتلي دعا كل المتدينين من المصريين إلى القدوم إلى القاهرة يوم 30 يونيو/ حزيران من أجل حماية الرئيس مرسي من غير المؤمنين من أمثالي.