جيبوتي.. حضور قوي للثقافة العربية
١٩ يناير ٢٠١٣جيبوتي بلد أفريقي وعربي يقع على الشاطئ الشرقي لأفريقيا، يفصله عن الجزيرة العربية مضيق باب المندب، تبلغ مساحته 23 ألف كيلومتر مربع، وعدد سكانه أقل من مليون نسمة، جميعهم مسلمون.
يتكون النسيج المجتمعي في البلاد من القوميتين الصومالية والعفرية إلى جانب الجالية العربية المنحدرة من شمال اليمن المجاورة. وقد خضعت جيبوتي للاستعمار الفرنسي ما يزيد عن قرن من الزمان قبل أن تنال استقلالها يوم 27 يوليو/تموز 1977.
وتكمن الأهمية الإستراتيجية لجيبوتي في موقعها الجغرافي المتميز، الذي ازدادت أهميته منذ افتتاح قناة السويس التي تربط بين البحر الأحمر والبحر المتوسط، إذ صارت بمثابة ميناء "ترانزيت" للمنطقة، خصوصا لإثيوبيا التي تستورد ما نسبته 80% من احتياجاتها من السلع والمنتجات عبر ميناء جيبوتي.
وبعد الاستقلال الوطني مباشرة سارعت جمهورية جيبوتي للانضمام إلى جامعة الدول العربية. كما صارت العربية فيها اللغة الرسمية الثانية بعد الفرنسية بحسب الدستور، وقد عملت الحكومات المتعاقبة على المحافظة على هويتها العربية والإسلامية.
وشهدت العلاقات الجيبوتية مع معظم الدول العربية تطورا ملحوظا -وتحديدا في العقد الأخير- أفضى بدوره إلى تنوع مجالات التعاون والتواصل كالتبادل التجاري والتواصل الثقافي.
ويرى زائر جيبوتي اليوم أن للثقافة العربية حضورا قويا وملفتا في مجالات مختلفة، وأنها تلقى من الاهتمام الرسمي والشعبي ما لغيرها من الثقافات الأخرى وخصوصا الصومالية والعفرية المحليتين، ويتجسد ذلك بشكل واضح في مشاهد عديدة.
التعليم
فالتعليم العربي في جيبوتي يحظى بإقبال كبير بشكل عام، وإن كان التعليم الفرنسي لا يزال يحتل الصدارة بعد مضي 35 عاما على استقلال البلاد. وللمدارس الأهلية العربية -التي تشرف عليها وزارة التربية الوطنية- دور كبير في نشر اللغة والثقافة العربية، وفق المشرف العام على مدارس باب المندب النموذجية محمود بله.
ويرى بله أن مؤسسات التعليم العربي قد تحملت مسؤولية كبيرة تتمثل في تنشئة الصغار منذ نعومة أظفارهم على التربية الصحيحة وتعليمهم الثقافة العربية والإسلامية الأصيلة.
وبحسب عضو هيئة التدريس بجامعة جيبوتي الدكتور عمر برة، فإن الجيل الصاعد في جيبوتي سيكون أفضل حالا من سابقه، لأنه يتعلم اللغتين العربية والفرنسية في آن بحكم المنهج الدراسي الجديد -على خلاف ما كان عليه الأمر في الماضي- إذ تدرس اللغة العربية بوصفها مادة أساسية في المدارس الحكومية كافة من الابتدائية إلى الثانوية.
وأشار إلى أن جامعة جيبوتي -وهي الوحيدة في البلاد- تدرس بعض التخصصات بالعربية كالإدارة والمحاسبة واللغات. ويتولى عملية التدريس في الجامعة جيبوتيون تخرجوا من الجامعات العربية، وبعضهم حاصل على درجة الدكتوراه في اللغة والأدب.
الإعلام والفن
إذاعة وتلفزيون جيبوتي لعبا دورا مهما في نشر الثقافة العربية منذ عقود. فاللغة العربية في البث الإذاعي تصل لخمس ساعات في كل يوم.
وتقول ميسون عبد الله -وهي مذيعة ربط ومقدمة برامج في إذاعة جيبوتي- للجزيرة نت إن القسم العربي شهد تحسنا معتبرا في الفترة الأخيرة حاله في ذلك حال بقية الأقسام الصومالية والعفرية والفرنسية.
وتعزو ميسون السبب في ذلك إلى توفير الأجهزة والمعدات المتطورة لإنتاج البرامج، بالإضافة إلى إقامة دورات تأهيلية للصحفيين والفنيين، مضيفة أن القسم العربي يقدم برامج ثقافية واجتماعية ودينية متنوعة لمستمعيه.
وتبث الفضائية الجيبوتية كذلك برامج وأفلاما ومسلسلات عربية إلى جانب النشرة الإخبارية الناطقة بالعربية التي تذاع مساء كل يوم، كما تحظى جريدة "القرن" الناطقة بالعربية -التي تصدر مرتين في الأسبوع عن وزارة الإعلام والثقافة منذ ثلاث عشرة سنة- باهتمام القراء في البلاد.
وللفن وأهله مكانة جيدة في الوسط الجيبوتي، وفق الفنان طارق المريري، الذي يرى أن الفن العربي عموما واليمني خصوصا يحظى بشعبية كبيرة في أوساط الجيبوتيين إلى جانب الأغنية الخليجية.
المكتبات
في السوق المركزية بالعاصمة جيبوتي تنتشر العديد من المكتبات العربية التي تبيع الكتب الدينية والعلمية والفكرية والثقافية العربية إلى جانب الكتب المترجمة إلى العربية.
ويعزو حبيب عبدي حسين السبب في تزايد أعداد المكتبات العربية إلى الطلب المتزايد على الكتب من قبل خريجي الجامعات العربية العائدين إلى البلاد سنويا بأعداد كبيرة.
ويلاحظ حسين أن هناك توجها لاقتناء الكتب العلمية والأكاديمية العربية أكثر من الكتب الثقافية، لكن أحمد فارح -وهو صاحب مكتبة الهداية بوسط العاصمة- يقول إن ذوي الثقافة العربية يهتمون بجميع أنواع الكتب مهما اختلفت رغباتهم، وإن كانت المترجمة من الإنجليزية إلى العربية هي الأوفر حظا في هذه الأيام.
الأطعمة والأزياء
تعج مدينة جيبوتي بالفنادق والمطاعم التي توفر أنواعا مختلفة من الأطعمة والمشروبات من أفريقية وعربية وآسيوية. وهناك مطاعم مختلفة يمتلكها جيبوتيون من أصول يمنية تتوفر فيها الأطعمة اليمنية والشامية كالكباب والمندي والمخبازة والحنيد مثلا، وذلك بحكم القرب الجغرافي والتجانس المجتمعي بين البلدين.
وإلى جانب الأطعمة العربية، تجد في السوق المركزية الجيبوتية الأزياء العربية المشهورة كقمصان الرجال والعباءات النسائية وغيرها.
المصدر:الجزيرة (ع.غ)