جهاديون ألمان في سوريا: شباب يخاطر بحياته في بلد أجنبي
٧ مايو ٢٠١٤تشير تقارير الأجهزة الأمنية الألمانية إلى أن عدد المجاهدين الألمان في سوريا يقدر بنحو 320 شخصا تتراوح أعمارهم بين 18 و 25 عاما وتمثل النساء نسبة 10% منهم. الداعية الإسلامي في برلين فريد حيدر أقر بخطورة الأمر لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أنه لم يصل بعد للظاهرة خاصة أن هذه الأرقام تعد قليلة إذا ما قورنت بإجمالي عدد المسلمين في ألمانيا.
وقال حيدر خلال مشاركته في برنامج "شباب توك" على قناة DWعربية إنه لمس من خلال عمله كداعية، تحول بعض الشباب من الالتزام المعتدل والصحي إلى التطرف والذي يظهر عادة في صورة تقوقع وابتعاد عن المجتمع وانتقاد لأئمة المساجد واتصال متزايد ببعض المجموعات المتشددة.
أسباب متنوعة تدفع للتطرف
الصحفي الألماني مارتن لوغين المختص في شؤون الشرق الأوسط والذي عمل في سوريا، قال إنه لم يلتق شخصيا هناك بأي من هذه العناصر الجهادية التي سافرت من ألمانيا، لكنه لمس من خلال مواطنين سوريين مدى الخطر الذي يأتي به هؤلاء إلى سوريا. وانتقد لوغين المساعدات المالية الضخمة من بعض دول الخليج لتمويل عناصر جهادية والتي كان من الممكن أن تستخدم لتحسين البنية التحتية في سوريا، حسب رأيه.
من خلال عمله كباحث في الدراسات الإسلامية، التقى الصحفي عبد الرحمن عمار بشباب ألمان تبنوا الفكر الجهادي، وقال إن معظمهم ممن تحولوا للإسلام حديثا ولديهم الرغبة في إثبات وفائهم للدين والفوز برضا شيوخهم علاوة على إيمانهم بأن الجهاد فرض عين وليس فرض كفاية.
من المسؤول؟
يشير حيدر في هذا الصدد إلى كون كثير ممن يلجؤون للتطرف، من المهمشين وربما ممن كان لهم سوابق إجرامية. ويضيف الصحفي الألماني لوغين أسبابا أخرى للتطرف منها التهميش للشباب المسلم والعنصرية والتحريض ضد الإسلام مستشهدا بآراء لشخصيات شهيرة حول الإسلام أثارت جدلا واسعا، الأمر الذي يجعل الشباب المسلم في موقف الدفاع عن نفسه ودينه.
في الوقت نفسه يرفض حيدر تحميل دعاة المساجد وحدهم مسؤولية التطرف مشيرا إلى أن بعض الدعاة ينشرون هذا الفكر ليس عبر المساجد وإنما من خلال الإنترنت، ويشدد لوغين على أهمية دمج الشباب المسلم بشكل أكبر في المجتمع من خلال تكافؤ فرص التعليم والعمل.
موقف الدولة
تنوعت طريقة تعامل السلطات الألمانية مع ظاهرة التطرف بين نشر إعلانات تحت عنوان "مفقود" تحمل بيانات شباب ألماني غير حياته ولجأ للتطرف وبين حملات توعية بالأعراض التي يجب على الآباء والأمهات ملاحظتها على الأبناء والتي قد تكون مؤشرا على اتجاههم ناحية الفكر المتطرف.
أعرب حيدر عن رفض العديد من المؤسسات الإسلامية لفكرة إعلانات "مفقود" لأنها تضع كافة المسلمين في دائرة الاتهام كما رأى لوغين أن هذه الحملات غير فعالة، إذ قلما يوجد من يتصل بالأرقام التي تنشر في هذه الحملات طلبا للمساعدة. ورصد لوغين الخلل الذي يجب علاجه للقضاء على التطرف والمتمثل بحسب رأيه في ضرورة توفير آفاق مستقبلية للشباب كما وجه لوغين النقد لسياسة حكومة برلين تجاه سوريا وقطعها كافة الاتصالات الدبلوماسية مع الحكومة السورية وقصر التواصل على المعارضة فقط.
من جهته انتقل عمار لزاوية أخرى يمكن من خلالها مكافحة ظاهرة التطرف بين الشباب وهي توعية الشباب المسلم باحترام اختلاف الآخر وعدم شيطنته لمجرد الخلاف معه في الرأي أو القناعة.
ما هو دور المخابرات؟
رغم أن مسار تحرك الجهاديين في طريقهم إلى سوريا عبر الدول المجاورة واضح بشكل كبير إلا أن عدم تحرك أجهزة المخابرات في هذه الدول أو حتى في الدول الأصلية التي ينطلق منها الجهاديون يثير العديد من علامات الاستفهام.
لا يرى لوغين أي تفسير منطقي لهذا التقاعس من الأجهزة الاستخباراتية سوى انتظارهم أن يقتل هؤلاء الجهاديين على يد عناصر الجيش السوري تجنبا للضرر الذي يمكن أن يتسببوا فيه في المستقبل. وبعلامات استفهام عديدة حول التقاعس عن التضييق على تحرك العناصر الجهادية قبل وصولها إلى سوريا، اختتم برنامج "شباب توك" حلقته تاركا مساحة لمشاهديه لمحاولة الإجابة على هذا السؤال.