جنرال في الناتو: قمة الحلف في وارسو ستكون تاريخية
٨ يوليو ٢٠١٦DW: ما الذي يمكن أن ننتظره من قمة وارسو نهاية الأسبوع؟ في بلدان شرق أوروبا هناك تطلعات لتحول تاريخي. هل هذا كثير؟
هاينريش براوس:قمة وارسو ستكون فعلا تاريخية. والاجتماع الذي عقد قبل ذلك في ويلز سنة 2014 كان خطوة مهمة، لأن حلف شمال الأطلسي أعطى آنذاك رده الجوهري الأول حول الوضع الأمني المتغير بشكل أساسي في شرق وجنوب أوروبا. ولكن الاجتماع الذي سيعقد نهاية الأسبوع في وارسو سيكون له أهمية كبيرة و بعيدة المدى.
لماذا؟
سيقوم قادة الدول الأعضاء بالكشف عن إستراتيجية الردع والدفاع الواسعة والمتماسكة لحلف شمال الأطلسي. هكذا يستجيب التحالف للواقع الاستراتيجي الجديد. وقد ظهرت هذه الإستراتيجية إثر السياسة العدوانية لروسيا تجاه أوكرانيا وحشدها العسكري، بما في ذلك إستراتيجية الحرب الهجينة. ومن ناحية أخرى من خلال الإرهاب الوحشي لتنظيم "داعش" وعدم الاستقرار المنتشر في شمال أفريقيا والشرق الأوسط. وهو الأمر الذي أدى إلى أزمة اللاجئين، التي تعاني أوروبا منها الآن. هذه التحديات الإستراتيجية ستكون لها إجابات خلال قمة وارسو، قد يكون لها أثر حتى عشرة إلى 20 عاما المقبلة.
القمة تعقد في هذا المكان بعد 25 سنة من حل حلف وارسو. وحتى المضيفين أكدوا هذا الجانب التاريخي، فقد وجهوا دعوة عشاء رسمية في نفس الغرفة، التي تم فيها التوقيع على القانون التأسيسي لحلف وارسو، هل هذه رمزية أو استفزاز؟
هذاليس استفزازا. حلف شمال الأطلسي يعترف بأن بولندا حليف مهم وأن أمن بولندا ودول البلطيق، فضلا عن رومانيا وبلغاريا، مستهدف. وبالتالي، من المهم أن يجتمع رؤساء وقادة الدول في عاصمة أحد أهم حلفائنا وإظهار أن الناتو يدافع عن أمن جميع الأعضاء.
ولكن يبدو أن وزير الخارجية الألماني ينظر لذلك بنوع من الانتقاد..
كممثل لحلف الناتو لا أعلق على تصريحات المسؤولين الحكوميين. ولكن الصحيح، هو أن الحلفاء الثمانية والعشرين ينهجون إستراتيجية مزدوجة مع روسيا: ضمان وتعزيز الردع والدفاع من جهة- وهذا هو الأساس. ومن جهة أخرى، بنفس القدر من الأهمية، ينبغي البقاء على اتصال مع روسيا، التي تعتبر لاعبا رئيسيا على المستوى الدولي. وذلك لطالما لا تنتهك موسكو التزاماتها الدولية. ولكننا نسعى لتحقيق الشفافية ورفع القدرة على التنبؤ في الأنشطة العسكرية، لتجنب سوء الفهم والحوادث. وفي النقاش السياسي العام يعبر السياسيون بلهجات مختلفة. ولكن كل الحلفاء قرروا ذلك.
على الرغم من أن حلف شمال الأطلسي يريد تعزيز وجوده في الشرق، لا يزال هناك خوف كبير من روسيا. فقد أظهرت دراسة حديثة أن أكثر من ثلث البولنديين يشكك في جدية تدخل التحالف لمساعدة بلاده في حالة الطوارئ. هل يبالغ البولنديون أم أنكم تتفهمون ذلك؟
أفهم أن دولا مثل بولندا ودول البلطيق تشعر بالتهديد، بسبب التسلح والمناورات والخطاب الروسي. كجنرال ألماني أفهم ذلك جيدا، فقد عايشنا نفس الشعور قبل سنة 1989، رغم أنه لا مجال للمقارنة بين تلك الفترة والوضع الحالي. ولكن سيكون لدي خيبة أمل إذا لم تثق دول شرق أوروبا في جدية التضامن والعزم والاستعداد للدفاع العسكري لحلف شمال الأطلسي. سيكون أمرا غير مناسب تماما.
لماذا؟
حقيقَة نشرنا الآن لوحدات متعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة وألمانيا وكندا والمملكة المتحدة، في بولندا ودول البلطيق، على أساس التناوب وبشكل دائم، تظهر قدرا عاليا من التضامن والوحدة والاستعداد لتحمل المخاطر. هذا يضمن أن يكون الناتو حاضرا في عين المكان بأكمله في حالة بداية أي صراع، وذلك لمساعدة حلفائه في شرق أوروبا. وليس بعد مشاورات طويلة. وأنا متأكد من أن ذلك يحظى بالتقدير في بولندا.
من ناحية أخرى: الولايات المتحدة الأمريكية ستقوم بإرسال وحدة عسكرية ثالثة لأوروبا - بالإضافة إلى الوحدتين الموجودتين في ألمانيا وإيطاليا. وسيجلبون معهم معدات لإنشاء وحدة رابعة. وانطلاقا من سنة 2017 ستكون الوحدات العسكرية قادرة في غضون فترة زمنية قصيرة على تعبئة أكثر من قسم للدفاع في أوروبا، حيثما كان ذلك ضروريا. وسيكون للولايات المتحدة قوات عسكرية في بولندا أيضا. هكذا تظهر قيادة حلف شمال الأطلسي أنها لا تقف سياسيا وعسكريا وراء أوروبا بشكل عام، بل أنها مستعدة أيضا لحماية حلفائها في شرق أوروبا.
هناك تركيز بشكل كبير على وجود حلف شمال الأطلسي في شرق أوروبا، ولكن ما هو الدور الذي يقوم به الحلف في البحر الأسود؟
إستراتيجيتنا للردع على 360 درجة، كما نسميها بلغة حلف شمال الأطلسي. أي باتجاه الشمال والشرق والجنوب الشرقي والجنوب. وسوف نعزز وجودنا العسكري في منطقة البحر الأسود أيضا. من الواضح أن منطقة بحر البلطيق ذات أهمية كبيرة، ولكن من الواضح أيضا أنه لا يجب أن يكون أو يصبح البحر الأسود تحت السيطرة الروسية.
ما هي ردود الفعل التي تتوقعها كجنرال في حلف شمال الأطلسي من روسيا بعد القمة؟
روسيا ليس لديها سبب للشكوى أو الشعور بالذعر، الوحدات الدولية الأربع، لا تشكل تهديدا لروسيا، فهم مجرد بضعة آلاف من الرجال مقابل عشرات الآلف من الجيش الروسي. قواتنا لديها مهام دفاعية وردعية بحتة- وذلك لإظهار أنه في حالة تهديد أو هجوم عسكري روسي، ستجد روسيا نفسها على الفور في مواجهة مع حلف شمال الأطلسي بأكمله.
*هاينريش برواس: جنرال ألماني وأمين عام مساعد في حلف شمال الأطلسي لشؤون سياسة الدفاع والتخطيط للقوات المسلحة.