جمال ولقاضي: قصة فنان بين الغرافيتي وهندسة الحروف
٢٣ أكتوبر ٢٠١٢بعد أن تعلم الرسم من تلقاء نفسه على طاولات المدارس المختلفة قرر جمال ولقاضي التخصص في فن الرسم والعمل بدوره كمدرس في هذا القطاع قبل أن يتحول إلى فنان يبدع بطريقته الخاصة، التي تجمع بين فن الكتابة على الجدران، الغرافيتي والاستفادة من أحدث تقنيات الحاسوب في أعماله الفنية. وهو ما يشرحه جمال ولقاضي في حديثه مع DWبالقول:"عندما كنت اعد أي تخطيط للقيام برسم ما على الجدران، كان التخطيط يتم بلون واحد وهو ما يعني ضرورة إعداد نفس التخطيط بكل لون على حدة إذا أردتُ أن أعرف الشكل النهائي بألوان مختلفة. وهذا ما دفعني في بداية الأمر إلى استخدام الحاسوب لتسهيل عملية تغيير الألوان. غير أن مجموعة من العمليات الأخرى بالحاسوب عملت على إبراز نتائج لم أكن انتظرها من قبل فأصبحت تشكل بصمة خاصة بلواحاتي".
من الحرف اللاتيني إلى رسم يوحي بالخط العربي
يعد الحرف اللاتيني وطرق كتابته العنصر المركزي في فن جمال ولقاضي. فما يسعى إليه من خلاله، هو الرغبة في الدمج بين الحرف وطريقة تصميمه أو كتابته لإبراز شعور عاطفي من خلال الرسم، كما يقول يشرح الفنان. فعلى سبيل المثال يتم وضع الحرف في وسط عالم من الخطوط والمنحنيات والأشكال والسطوح التي تتطور إلى ما لا نهاية. فمن خلال التكرار واستعمال انعكاس المرآة أوالدوران حول نقطة مركزية يتم استخراج أشكال غريبة يتعب معها البصر. إنها طريقة للتعبير عن محبته للحرف. ويؤكد جمال ولقاضي على انه بالرغم من وجود أوجه تشابه لهذه الأشكال مع فن الخط، الذي يحتاج إلى السيطرة على الحركة ورسم الزوايا ويتطلب سنوات من الممارسة، فإن فنه مختلف جذريا. حيث إن لوحاته عبارة عن انفجار ملون، يحمل آثار عدد من الفنون والثقافات.
وتحمل لوحات جمال ولقاضي تناغما موسيقيا في تشكيلها. وتذكر الأشكال الهندسية للوحات وألوان بعضها بالأصول المغربية لجمال ولقاضي، "الكاتب الهندسي"، كما يطلق على نفسه وعلى إبداعه الفني. المفارقة الجميلة في ذلك هي أن جمال ولقاضي لا يكتشف هذا التأثير سوى بعد إنهاء لوحاته، وكأن هذا التأثير موجود في لاوعي الفنان الذي يجد إعجاب كثير منالزوار من مختلف الجنسيات في معارضه. ويقول احد الزورار ل DW: "احببت كثيرا أعمال جمال ولقاضي خاصة تلك التي تطغى عليها الالوان ولا أخفي تفضيلي للوحات التي يكثر فيها اللون الأزرق كما في "فن الزليج المغربي". فهي تحتاج إلى تمعن دقيق لاكتشاف كل ما تتضمنه من قطع مختلفة وجميلة جدا".
ويقول احد الساهرين على تنظيم المعرض بان جمال ولقاضي: "لم يكتف بعرض اللوحات فقط، كما قد يفعل أي فنان، ولكنه احتل المكان بطريقته الخاصة عبر تزيين كل جدران المعرض برسوماته التي عمل عليها بطريقة مباشرة وهو ما يمنح صدى لهذا المعرض".
لوحات مفتوحة على تفسيرات مختلفة
ويمجع زوار المعرض على أن اللوحات تحتاج إلى التأمل الطويل لاكتشاف خفاياها. فالقوة التي تنبعث من أشكالها وألوانها تجعلهم يختلفون في وضع تفسير موحد لما تحمله من معاني. وهو ما يدفع بجمال ولقاضي للقول: "لا أريد تصنيف لوحاتي وحصرها في قراءة معينة، فكل اللوحات كونية". ويضيف في حديثه مع DW قائلا: "أعتقد أن لوحاتي تترك مجالا للخيال وهو ما أريده أيضا. فبعضها مثلا يتعب العين إذا ما تم التمعن فيها لتحديد محتواها. ما أسعى إليه هي المواجهة بين اللوحة والمشاهد حتى تجعله يفهمها كما يريد، فأنا لا أريد التأثير عليه عبر تقديم تفسيرات للوحات".
وقد ترك جمال ولقاض مهنة التعليم للتركيز على مهمة واحدة وهو الإبداع، كما يؤكد الفنان الذي لا يخفي أمنيته في عرض فنه - يوما ما - في بلده الأصلي، المغرب، حتى يحتفى به هناك كما هو الحال في بلجيكا.