جماعة "ساينتولوجي" المثيرة للجدل تفتتح مركزا لها في برلين
١٥ يناير ٢٠٠٧بعد العواصم الأوروبية الكبرى مثل لندن وبروكسل ومدريد، افتتحت جماعة الـ"ساينتولوجي" المثيرة للجدل يوم السبت الماضي 13 يناير/ كانون الثاني مركزا جديدا لها في العاصمة الألمانية برلين كنواة لنشاط الجماعة في ألمانيا. وباستثناء تظاهرة محدودة من قبل عدد قليل من السكان، الذين رفعوا لافتات كتب عليها "لا لغسيل المخ"، فقد مرت مراسم الافتتاح دون مشكلات تذكر. وفي الوقت الذي يحذر فيه الخبراء المتابعون لسلوك هذه الجماعة من خطر انتشار نشاطها المشبوه والمثير للريبة والشكوك، فقد أثار افتتاح مركز لها في برلين جدلا في الأوساط السياسية والأمنية التي طالبت بإخضاع نشاط الجماعة للمراقبة. الجدير بالذكر ان تواجد "ساينتولوجي" في المانيا يعود الى عقد السبعينات من القرن الماضي، لكن جهودها من اجل الاعتراف بها كطائفة دينية باءت بالفشل حتى الآن. وتبدو الأهداف المعلنة لهذه الجماعة مثالية: مثل محاربة المخدرات والجريمة والدفاع عن حقوق الإنسان وحل مشكلات التلوث البيئي والأمية، وكلها قيم وسلوكيات تتطابق ـ ظاهريا ـ مع القيم الديمقراطية. لكن النقاد وكذا الأعضاء السابقين في هذه الجماعة ينتقدونها بأنها "عدوة الديمقراطية".
جدل حول مشروعية نشاط "ساينتولوجي"
من الناحية السياسية هناك اختلاف في الرأي في المانيا حول الطريقة الواجب إتباعها مع هذه الجماعة، وبالتالي ما إذا كان يتوجب إخضاعها للمراقبة. وكانت هيئة حماية الدستور فرع برلين قد رفعت هذه الجماعة من قائمة المراقبة قبل عدة سنوات، الأمر الذي مهد لها فتح مقر لها في هذه الولاية لممارسة نشاطاتها. وهو ما أعاد الجدل والنقاش مرة اخرى الى بؤرة الأضواء. في هذا السياق وصف السكرتير العام للحزب المسيحي الديمقراطي، رولاند بوفالا، الامر بأنه "لا يحتمل"، مشيرا بأنه كان يتوجب على برلمان ولاية برلين ان يتخذ الإجراءات المناسبة لمواجهة ذلك. من جانبها أوضحت الخبيرة المتخصصة بشئون الطوائف في الحزب المسيحي الديمقراطي، انتيا بلومنتال، بأنه كان من الممكن الحيلولة دون إنشاء مثل هذا المركز في برلين، معربة عن استغرابها من عدم إخضاع هذه الجماعة للمراقبة من قبل هيئة حماية الدستور في برلين، كما هو الحال في بعض الولايات الألمانية الأخرى.
يذكر هنا أن المحكمة الإدارية في برلين كانت قد قررت عام 2003 بأن هذه الجماعة لا تشكل خطرا على "الدولة الديمقراطية" وبالتالي لا يسمح لهيئة حماية الدستور في الولاية بمراقبتها. اما وزير داخلية ولاية بافاريا، جونتر بيكشتاين، فقد قال بانه من الواضح ان هذه الجماعة لا تمثل "كنيسة دينية"، وإنما مؤسسة تسعى الى ممارسة التأثير السياسي والربح المادي، مشيرا الى ضرورة إخضاعها لمراقبة هيئة حماية الدستور باعتبارها منظمة معادية للدستور، حسب تعبيره. ووصف بيكشتاين هذه الجماعة بأنها تسعى لإخضاع الناس لنظامها الشمولي عن طريق غسيل الأدمغة، داعيا الى ضرورة محاربتها على المستوى الأوروبي أيضا. لكن اللجوء الى حظر هذه الجماعة في المانيا سيكون الوسيلة الأخيرة، حسب تعبير نائبة رئيس البرلمان الألماني وخبيرة السياسة الداخلية في حزب "اليسار الجديد" بيترا باو. لكن البرلمانية الألمانية ربطت أمر حظر الجماعة بوجود دلائل بأن جماعة الـ"ساينتولوجي" تسعى الى تقويض او إلغاء أسس النظام الديمقراطي او تنتهك مبادئ الدستور.
فلسفة "ساينتولوجي"
و جماعة الـ "ساينتولوجي" هي جماعة دينية نشأت بداية في الولايات المتحدة الأميركية وأطلقت على نفسها "كنيسة العلمولوجيا". وكانت قد تأسست عام 1952على يد الكاتب الامريكي رون هابرد، مؤلف روايات الخيال العلمي وتاجر السيارات المستعملة سابقا. أطلق هابرد على جماعته جماعته الدينية الجديدة اسم "ساينتولوجي"، المشتق من الكلمة اللاتينية "سيو" بمعنى "معرفة المعنى الكامل للكلمة" ومن الكلمة اليونانية "لوجوس" بمعنى دراسة وذلك لأنه يعتبر أن دينه يدعو إلى دراسة الروح وعلاقته مع نفسه ومع الآخرين ومع الحياة وتفسير حقائق الحياة الأساسية، وذلك للانتقال إلى "العصر الروحي الذهبي" في الأرض.
و وفقا لفلسفة ""ساينتولوجي" يتكون الفرد من ثلاثة أقسام: العقل والجسد والروح التي يطلقون عليها "ثيتان"، والتي يعتبرونها الجزء الأهم في الإنسان وهي التي تعبر عن هويته الحقيقية ولذلك فالتسامي على المادة والمكان والزمان هو الأساس. ولكي يبلغ المرء مرحلة الـ " ثيتان"، يتوجب عليه وفقا لهذه الرؤية الفلسفية الغريبة، ان يخضع للعلاج النفسي والذي تقوم به هذه الجماعة بنفسها. وهنا يكمن احد أهم أسباب النقد لهذه الجماعة باعتبارها تتعامل مع الشخص باعتباره مريضا نفسيا وتجعل منه إنسانا تابعا لها ومسلوب الإرادة، كما انه يبدد أمواله لها مقابل هذا العلاج النفسي. ناهيك عن انه يُطلب من العضو في الجماعة مقاطعة جميع من ينتقدون فلسفة "المعلم هاربرد"، كما يصفه أتباعه.