"جماعة خراسان" - تنظيم خطر ولد من رحم القاعدة
٢٤ سبتمبر ٢٠١٤أخذت جماعة خراسان الصيت الإعلامي مباشرة بعد أن ذكرها الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالاسم في كلمة ألقاها في أول يوم من بدء الضربات الجوية الأمريكية التي تستهدف التنظيمات الجهادية في سوريا. كذلك أعطى وليام مايفيل، مدير العمليات لهيئة الأركان الأمريكية المشتركة، تفاصيل مقتضبة عن هذه الجماعة التي لم تكن معروفة على الأقل إعلاميا، موضحا أن "التقارير الاستخباراتية أشارت إلى أن المجموعة كانت في المراحل الأخيرة من التخطيط لتنفيذ هجمات كبيرة ضد أهداف غربية وربما داخل أراضي الولايات المتحدة".
فمن هي هذه الجماعة؟ وما أهدافها؟ ولماذا تم الإعلان عنها في هذا الوقت بالذات؟
هي الأخطر؟
بينما كانت أنظار العالم متجهة خلال الأشهر الماضية إلى تنظيم الدولة الإسلامية، "داعش" سابقا، لما أظهره هذا التنظيم الإرهابي من قوة التوسع السريع على الأرض والجرائم التي ارتكبها بحق المسيحيين والأيزيدين في شمال العراق، وكذالك إلى التحالفات الدولية للقضاء عليه، كانت المخابرات الأمريكية تقيّم حجم الخطر الذي قد يشكله هذا التنظيم على مصالحها ومصالح حلفائها ومقارنته بجماعات متطرفة أخرى. ويبدو أن المخابرات الأمريكية توصلت إلى قناعة مفادها أن جماعات صغيرة كـ"جماعة خراسان" هي الأخطر مقارنة بتنظيم "داعش". و قال بن رودس، نائب مستشار أوباما للأمن القومي، للصحفيين "لبعض الوقت كانت واشنطن ترصد مؤامرات تدبرها جماعة خراسان". وأضاف "نعتقد أن مؤامرة لشن هجمات كانت وشيكة... كانت لديهم خططا للقيام بهجمات خارج سوريا."
ولعل خطر هذه الجماعة يكمن في "إستراتيجيتها وأهدافها التي تختلف تماما عن إستراتيجية وأهداف تنظيم الدولة الإسلامية، فخراسان تستهدف ضرب من تصفه بالعدو البعيد، أي الغرب، أكثر من أن تقوم بمواجهة نظام الأسد أو إقامة خلافة إسلامية أو إمارة على الأراضي السورية"، كما يقول جاسم محمد، الخبير في قضايا الإرهاب والاستخبار. ويضيف جاسم في حوار مع DWعربية: "لذا تعتبر الولايات المتحدة جماعة خراسان أكثر تهديدا وخطرا من داعش، فهي تتخذ من الأراضي السورية مقرا لها في سبيل الحصول على حرية الحركة والتنقل والحصول على المقاتلين. وبالتالي فإن سوريا بالنسبة لها ليست أرضا للجهاد وإنما أرضا تنطلق منها لتنفيذ عمليات في الخارج".
الفضلي وجماعة خراسان
وكانت الولايات المتحدة أعلنت الثلاثاء أنها قصفت و"قضت" على مجموعة صغيرة تعرف باسم "جماعة خراسان"، تتألف من عناصر سابقين من تنظيم القاعدة، واسم الجماعة مأخوذ عن منطقة تضم أجزاء من باكستان وأفغانستان يعتقد أن المجلس الرئيسي للقاعدة مختبئ فيها. ويبدو أن استهداف هذه المجموعة كان هدفه تصفية زعيم الخلية محسن الفضلي الكويتي المولد، وهو عضو سابق معروف من الدائرة المقربة من زعيم القاعدة السابق أسامة بن لادن. ويقول الخبير جاسم محمد إن "محسن الفضلي (33 عاما) هو مؤسس هذه الجماعة، وهو المطلوب على قائمة الإرهاب الدولية، إذ سبق له وأن تورط في أحداث 11 سبتمبر وكان عمره لا يتجاوز 19 عاما آنذاك". وقد أسس الفضلي هذه الجماعة الإرهابية من مقاتلين متمرسين للقاعدة اكتسبوا خبرة القتال في باكستان وأفغانستان. وقد "أعطت هذه الجماعة البيعة لتنظيم القاعدة بزعامة الظواهري وليس لتنظيم الدولة الإسلامية بزعامة البغدادي"، يضيف جاسم محمد.
وجاء في مذكرة للخارجية الأمريكية عام 2012 أن الفضلي، الذي رصدت الوزارة مكافأة قيمتها سبعة ملايين دولار لمن يقدم معلومات عن مكانه، كان من ممولي القاعدة وكان مقربا من بن لادن وأنه كان من بين قلة عرفوا مسبقا بهجمات 11 سبتمبر/ أيلول عام 2001.
ارتباطات بتنظيمات إقليمية
ولم تتحدث السلطات الأمريكية عن وجود هذه المجموعة علنا إلا يوم الخميس الماضي، حين قال مدير المخابرات الوطنية جيمس كلابر في مؤتمر لوكالات المخابرات إن خراسان قد تشكل خطرا على الولايات المتحدة بحجم تنظيم الدولة الإسلامية. ويرى جاسم محمد إن توقيت الحديث عن هذه الجماعة من قبل الإدارة الأمريكية "جاء لحشد المزيد من التأييد لإستراتيجية أوباما في حربه على داعش في العراق وسوريا".
فبحسب ما نقلته وكالة رويترز عن بعض الإسلاميين في سوريا، فإنهم لا يرون أن خراسان مجموعة منفصلة وهم يعتبرون أعضاءها جزءا من جبهة النصرة وهي من الجماعات الرئيسية التي تقاتل للإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد. وقال مصدر إسلامي في سوريا لرويترز "لسنا متأكدين عن أي جماعة يتحدثون. إنهم على الأرجح يفرقون بين قادة خراسان وقادة آخرين، لكن هذا مجرد مصطلح غربي. لكن بالنسبة لنا كل هذا كلام أجوف."
بينما يشير الخبير في قضايا الإرهاب جاسم محمد إلى العلاقات التي تربط جماعة خراسان بتنظيمات إرهابية أخرى في المنطقة، "وبالأخص ما يعرف بتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، حيث يعتبر السعودي إبراهيم العسيري المدعو أبو صالح (32 سنة) كبير صانعي المتفجرات في التنظيم". وتحدث جاسم عن أحداث تشرين الأول/أكتوبر 2010 حين صنع العسيري عبوتين ناسفتين وأخفاهما في آلتي حبر طباعة اُرسلتا في طائرتي شحن إلى شيكاغو وعبرتا كل أجهزة المراقبة. ولم يتم اكتشافها إلا بعد أن اخترقت أجهزة الاستخبارات السعودية، عبر أحد المخبرين، القاعدة في جزيرة العرب وحصلت على رقم الرحلة الجوية وحتى رقم الطرد، فضبطت واحدة في مطار دبي والثانية في لندن.