جريمة زولينغن.. جدل في ألمانيا حول الترحيل وحمل السلاح
٢٦ أغسطس ٢٠٢٤"كفى"، كتب رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المعارض(CDU) فريدريش ميرتس، على موقعه الإلكتروني بعد جريمة القتل في زولينغن. يُقال إن ميرتس لديه حاليا علاقة باردة نوعاً ما مع المستشار الألماني أولاف شولتس من الحزب الديمقراطي الاشتراكي (SPD)، لكنه الآن يخاطب شولتس كزعيم لأقوى حزب معارض في البوندستاغ: "أطلب منكم (شولتس) اتخاذ قرارات سريعة معنا ودون تأخير إضافي، تهدف إلى منع هجمات إرهابية أخرى مثل الهجوم الذي وقع يوم الجمعة الماضي في بلادنا".
واقترح ميرتس عقد اجتماع في الأيام المقبلة مباشرة وقدم قائمة شاملة من الإجراءات التي قد تكون صارمة مثل: "يمكن ترحيل الأشخاص إلى سوريا وأفغانستان، لن نقبل لاجئين آخرين من هذين البلدين. أي شخص يسافر كلاجئ من ألمانيا إلى بلده يفقد فوراً أي وضع إقامة في ألمانيا".
صعوبة الترحيل إلى سوريا وأفغانستان
تدرس وزيرة الداخلية نانسي فيزر من الحزب الديمقراطي الاشتراكي - حزب المستشار شولتس - إمكانيات الترحيل إلى سوريا وأفغانستان منذ عدة أسابيع. وفي الوقت نفسه تشير بشكل متكرر إلى أن هذه العمليات ليست سهلة التنفيذ: على سبيل المثال، لا توجد أي علاقات دبلوماسية مع طالبان في أفغانستان. فعليًا، يوجد وقف لعمليات الترحيل إلى أفغانستان منذ أن تولت طالبان السلطة في أيلول/ سبتمبر 2021.
قد تكون الأحزاب الثلاثة في الحكومة - الحزب الديمقراطي الاشتراكي، والخضر، والحزب الديمقراطي الحر FDP - أكثر احتمالاً للموافقة بسرعة على مطالب أخرى لميرتس، وهي وفق ما كتب ميرتس: "نقوم بمراقبة الحدود الألمانية بشكل دائم، ونرفض دخول الأفراد بشكل صارم هناك ونعيد تفعيل قواعد اتفاقية دبلن. بعد ذلك، ليس لأحد حق البقاء في ألمانيا إذا دخل من دولة ثالثة آمنة".
بعد هجوم الطعن في زولينغن ، سلّم سوري يبلغ من العمر 26 عامًا نفسه معترفا كمرتكب للجريمة. ووفقًا لتقارير الصحف، كان الرجل قد دخل الاتحاد الأوروبي عبر بلغاريا وكان يجب عليه وفقًا لاتفاقية دبلن أن يقدم طلب اللجوء هناك. بعد رفض طلب لجوئه في ألمانيا في عام 2023، كان يجب ترحيله إلى بلغاريا. ولكن لم يحدث ذلك لأنه اختفى. وفي مساء الأحد، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في كارلسروه مذكرة اعتقال للمشتبه به. المحكمة الألمانية العليا مسؤولة لأن الجريمة تعتبر عملاً إرهابيًا.
صعوبات أمام مراقبة الحدود
كررت وزيرة الداخلية فيزر عدة مرات أن العديد من دول الاتحاد الأوروبي، مثل بلغاريا أو رومانيا، تسمح لطالبي اللجوء الذين يدخلون أراضيها بالعبور إلى ألمانيا. وتجري الشرطة الفيدرالية حاليًا عمليات تفتيش عشوائية على جدود عدد من الدول المجاورة - مثل الحدود مع بولندا وجمهورية التشيك والنمسا. من المقرر أن تنتهي هذه العمليات في كانون الأول/ ديسمبر، لكن فيزر أشارت قبل أيام قليلة إلى إمكانية تمديد فترة مراقبة الحدود لمدة نصف عام على الأقل. لكن فيزر تعلم أيضًا أن الشرطة الفيدرالية، المسؤولة عن مراقبة الحدود، بحاجة ماسة إلى المزيد من الأفراد، بالإضافة إلى حوالي 56 ألف ضابط يعملون حاليًا. ولكن من الصعب زيادة الأعداد المطلوبة في ظل الظروف المالية الصعبة.
تشديد قوانين حمل السلاح
يشير روبرت هابيك ، نائب المستشار (من حزب الخضر)، الذي تحدث من منزله في فلنسبورغ على الحدود الألمانية - الدنماركية، إلى أن مكافحة الجرائم الإسلاموية في ألمانيا تتطلب الكثير من المال: "لا أحد يعلم ما إذا كان يمكن منع جريمة زولينغن البشعة بقوانين أكثر صرامة"، حسب قوله. وفي منشور على منصة "إكس" طالب: "بالمزيد من مناطق حظر الأسلحة وتشديد قوانين حمل الأسلحة - لا يحتاج أحد في ألمانيا إلى حمل الأسلحة البيضاء في الأماكن العامة. نحن لا نعيش في العصور الوسطى".
وفي الواقع، حظر حمل السكاكين والأسلحة الأخرى في الفعاليات العامة يسري منذ دخول قانون الأسلحة حيز التنفيذ في عام 1973. وقد أعرب الحزب الديمقراطي الحر (FDP) مؤخرًا عن معارضته لفرض قوانين أكثر صرامة على حمل السكاكين، وقال وزير العدل ماركو بوشمان، الذي ينتمي إلى FDP، في صحيفة "بيلد": "سوف نتشاور في الحكومة الفيدرالية حول كيفية تعزيز مكافحة الجرائم بالسكاكين".
وفي ظل هذه الحالة المضطربة، تنصح رابطة ضباط الشرطة الجنائية الألمانية بالتحلي بضبط النفس، إذ قال رئيس الرابطة ديرك بيغلو لصحف شبكة "دويتشلاند" الألمانية الإعلامية عن جريمة زولينغن: "لم يكن من الممكن إيقاف مرتكب الجريمة من خلال مناطق حظر السكاكين أو الحظر العام على السكاكين." وفي الوقت نفسه، أوصى بيغلو بالسماح للشرطة بالتفتيش عن السكاكين دون سبب محدد. ويرى أن من الضروري إجراء نقاش حول حظر عام للسكاكين في الأماكن العامة، مع وجود استثناءات محددة.
زولينغن .. أسبوع قبل انتخابين حاسمين في الشرق
النقاش بعد جريمة القتل في زولينغن يحتدم أيضًا لأن الحادثة وقعت قبل أسبوع من الانتخابات البرلمانية الحاسمة في ولايتي تورينغن وساكسونيا في شرق ألمانيا. هناك، يتراوح دعم حزب "البديل من أجل ألمانيا" (AfD)، الذي تعتبر بعض أجنحته يمينية متطرفة، في الاستطلاعات بين 30 و34 بالمائة، ويمكن أن يصبح القوة السياسية الأقوى في كلا الولايتين. كما أن تحالف "سارة فاغنكنشت" ، الذي تأسس في بداية العام الجاري بقيادة السياسية السابقة من اليسار، يحقق معدلات تأييد قوية في الاستطلاعات. كلاهما يطالب بتشديد جذري لسياسة اللجوء والهجرة.
ميرتس: شولتس يجب أن يستخدم صلاحياته التوجيهية
من خلال هذه المواقف، يضمن حزب البديل من أجل ألمانيا وتحالف سارة فاغنكنشت دعمهما الكبير. بينما تبدو أحزاب الحكومة غير متأثرة بشكل كبير بذلك، ينصح زعيم المعارضة ميرتس المستشار باستخدام أداة نادرة الاستخدام إذا لم يتمكن من فرض سياسة هجرة أكثر صرامة داخل حزبه: "استخدموا صلاحياتكم التوجيهية للسماح بالتصويت في البوندستاغ على القوانين اللازمة، ومن لا يشارك من بين الخضر أو الحزب الديمقراطي الحر أو من داخل صفوفكم، فعليهم أن يبقوا على الهامش".
يقصد بالصلاحيات التوجيهية حق المستشار في تجاوز آراء وزرائه وتحديد مسار الحكومة في حالة وجود خلاف. يشير ميرتس بذلك إلى أن حزبه، الاتحاد الديمقراطي المسيحي، سيوافق على مشروع قانون بهذا الخصوص.
شولتس من جانبه، تعهد اليوم (26 أغسطس/آب 2024) خلال زيارته لمدينة زولينغن، بالعمل "بسرعة" على تشديد القوانين المتعلقة بحيازة الأسلحة و"بذل كل ما في وسعه" من أجل "طرد أولئك الذين لا يمكنهم أو لا يجوز لهم البقاء في ألمانيا". وأكد ضرورة المضي قدما في عمليات الترحيل للأفراد الذين كانوا في البداية في دول أوروبية أخرى، وفقا للائحة دبلن.
أعده للعربية: عباس الخشالي