جريمة بوخوم.. مواقع التواصل بين مدين وشامت ومتأسِّف
٦ ديسمبر ٢٠١٦"الحمدلله لم يكن سورياً".. "الحمد لله ليس فلسطينياً".. "الشكر لله لقد كان افغانياً".. "أوه.. لا ليس عراقي هذه المرة"..
هذه بعض الجمل التي يتناقلها اللاجئون عبر صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي كردود فعل على حادثة القبض على لاجئ عراقي متهم باغتصاب سيدتين في مدينة بوخوم بولاية شمال الراين فيستفاليا.
الحادثة التي جاءت بعد يومٍ واحد من حادثة اعتقال لاجئٍ أفغاني بتهمة اغتصاب فتاة ألمانية وقتلها في فرايبورغ بولاية بادن- فورتمبرغ، لم تثر مخاوف اللاجئين فقط بل أثارت زوبعة من ردود الأفعال الألمانية رغم كل الدعوات للتهدئة.
سياسة "ضبط النفس"
لم تنفع دعوات نائب المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل زيغمار غابرييل لعدم استغلال هذه الحوادث ضد اللاجئين، إذ تناقل الألمان عبر تويتر وفيسبوك الخبر مع الكثير من الغضب والسخرية أحياناً، حيث كتب أحد المغردين رداً على المستشارة ميركل التي قالت بأن اللاجئين يثرون الثقافة الألمانية : "المغتصب القادم من بيئة ثقافية تغني ألمانيا، ستكون قصته بالنسبة للقناة الألمانية الأولى شأناً محلياً بالتأكيد".
في حين ذهب أحد المعلقين للسخرية على اعتبار أن عدداً من الجرائم ارتكبت مؤخراً من قبل اللاجئين، فقال: "من المفاجئ تماماً أن يكون المغتصب لاجئاً".
في حين قال معلق آخر: "بالفعل لقد كان لاجئاً"، وسخر مغرد آخر بتعليقه فكتب "ماذا ستقول النخبة السياسية: "حتى الألمان يغتصبون أيضاً ولكن على الأقل كان المغتصب جامعياً".
اللاجئون أيضاً لم يكونوا في وضع يحسدون عليه أبداً، إذ تفاعل العديد منهم مع الحادثة، داعين بعضهم البعض لتقديم المثال الجيد عن اللاجئين، والعمل لتحسين صورة اللاجئين، بينما كال العديد منهم السب والشتم لمن يسيء للاجئين بأفعاله، في حين كانت مقدمة خبر DW عربية عن الحادثة نصاً تناقله المغردون للتعبير عن استيائهم "وكأن فاجعة فرايبورغ لم تكن كافية للتشويش على صورة اللاجئين، لتظهر قضية اغتصاب سيدتين في بوخوم غرب البلاد".
رواد الموقع الأزرق لم يكونوا أحسن حالاً إذ استنكر العديد منهم الحادثة معبرين عن ذلك في صفحاتهم الخاصة أو في التعليق على الخبر بالصفحات العامة فكتب أحدهم "شي مخزي فعلاً بدل أن يعكسوا صورة تحسن وضعهم. يعني لاجئ وتجرؤ على خرق القانون هذا جزاء استضافتهم لك في بلدهم".
بينما ذهب بعض اللاجئين إلى ردود فعل قصوى على سبيل المطالبة باخراج اللاجئين، فكتب مستخدم فيسبوك يسمي نفسه رامح طعمة من سوريا "اطردو كل اللاجئين قبل أن تندموا... ساعة لا ينفع الندم"، بينما كتب أحدهم يقول إنه لاجئ عراقي على صفحة DW عربية على فيسبوك "اطالب الحكومة بترحيل كل شخص مهما كانت جنسيته أو دينه من ألمانيا في حال افتعال جريمة اغتصاب أو أي جنايات ثانية نطالب بتنظيف ألمانيا".
في حين اعتبر البعض أن للأمر علاقة بالتطورات السياسية وأن تسليط الضوء على هذه القضية هو لإيقاف تدفق اللاجئين فكتب معلق على فيسبوك باسم محمد بكر "اليوم دور العراقيين مبارح كان الأفغان وقبلها السوريين وبكرة الارتريين وهكذا..بروبغندا موجهة من بعض المحطات لتسليط الضوء على المجرمين من اللاجئين لخلق رأي عام معادي للاجئين للاعتماد عليه من قبل بعض الأحزاب اليمينية المتطرفة للتوجه نحو سياسة معادية للاجئين"، رأي أيده معلق آخر قائلاً: "انو الحكومة اﻷلمانية عشو عم تلمح عم تعطي مبررات للقرارات اللي رح تتخذا بحق اللاجئين بالفترة الجاية".
لم ترتفع الأصوات المتخوفة من اللاجئين فقط داخل ألمانيا إذ وصل الأمر إلى الصين، مع تخوفات وتحذيراتٍ أطلقها دبلوماسيون صينيون اليوم وطالبوا مواطنيهم في ألمانيا بتوخي الحذر، بعد أن تبين أن الضحيتين هما طالبتان صينيتان، وأكد دبلوماسيون صينيون أن قنصليتهم في دوسلدورف ستتابع عن كثب التحقيقات في هذه القضية.
وقال بيان للبعثة الدبلوماسية الصينية في برلين إن الصين تحذر مواطنيها في المناطق النائية وغير المأهولة كثيراً، ودعت الحكومة الألمانية لاتخاذ تدابير لحماية الرعايا الصينيين في ألمانيا، معتبرةً أن ألمانيا لم تعد مكاناً آمناً جداً، بعد حادثة الاغتصاب.
"ننشر أو نعتم على الخبر؟"
الأزمة حول الموضوع لم تقف عند هذه الحدود إذ ثارت زوبعة من الانتقادات للقناة الألمانية "أي ار ديه"، التي عملت على سحب خبر مقتل الشابة الألمانية في فرايبورغ بعد أن تبين أن منفذ الجريمة هو لاجئ أفغاني، وقالت القناة إنها مجرد جريمة عادية يمكن أن يرتكبها أياًّ كان.
وقال رئيس تحرير برنامج "تاغس شاو" البرنامج الإخباري اليومي الرئيسي، في القناة الألمانية الأولى، إن "هذه القضية هي جريمة واحدة، وما فعلناه نابع من مسؤوليتنا الوطنية والاجتماعية". لكن البرنامج عاد ليعلن أنه سيقوم بتوضيح سبب المسألة كلها في حلقة الأربعاء 6 ديسمبر/ كانون الأول 2016.
وأثارت هذه القضية أسئلة حول مسؤولية الإعلام في مثل هذه الحالات، ودوره في نشر أخبار من شأنها قد تزيد حالة التوتر في البلاد، أو إخفائها وعدم بثها للرأي العام وهو أمر خاطئ أيضاً، لأنه يتعارض مع حرية الوصول للمعلومات التي يضمنها الدستور الألماني، كما يؤكد ذلك عدد من الإعلاميين.
في حين بقيت التساؤلات لماذا ينشر خبر حول حرق مخيم للاجئين ولا تنشر خبر عن ارتكاب لاجئ لجريمة اغتصاب وقتل، التي بدورها كانت مجال جدلٍ واسع احتضنها الفضاء الافتراضي أيضاً.
ر.ج/ م.س