جرائم الشرف تثير مخاوف على مستقبل المرأة في الأردن
١٣ يوليو ٢٠١٣تبرير ما يسمى بـ"جرائم الشرف" من قبل عدد ليس بالقليل من الشباب الأردني يثير "مخاوف على مستقبل المرأة" وسط انتقادات الحقوقيين لـ"ضعف تجريم العنف" ضد المرأة في الأردن.
وترى الناشطة في مجال حقوق المرأة المحامية الدكتور رجاء بوابيجي في حوار مع DW عربية، أن القيم الاجتماعية والدينية الراسخة في أذهان المجتمع العربي بشكل عام والمجتمع الأردني هي "أبوية وتعزز سلطة الرجل". وتؤكد أن وسائل التبرير للجرائم التي تمس الحياء العام والأسرة كـ"التحرش بالمرأة" هي نتيجة "حتمية" لما هو سائد من منظومة القيم المختلفة التي هي جزء من ثقافة المجتمع".
"المساواة في ظل القيم الدينية والاجتماعية تحتاج إلى وقت"
وتضيف البوابيجي أن الموروث الثقافي "نقل إلينا مفهوم الشرف المرتبط فقط في الاعتداء على جسد المرأة وهنا تكمن الخطورة" لكن التغير الاجتماعي لنظرة المجتمع إلى تبرير الجرائم بكافة أنواعها للرجل تحتاج إلى "فترة زمنية محددة وطويلة كي نرصدها".
وبالنسبة للتحليل القانوني تقول الدكتورة رجاء إنه يرتكز إلى كون النصوص المبررة لمرتكب الجرائم المذكورة هو المشرع الأردني وهو من "مفرزات المجتمع الأبوي". وتضيف أن المشرع الأردني عدل قانون العقوبات وجرم الرجل في جريمة الزنا لكن كون "القانون وضعي فلا بد من وجود خلل" حيث ضيق النطاق لمعاقبة الزاني الرجل واشترط أن تكون الجريمة الواقعة فقط على فراش الزوجية، بينما تعاقب الزانية المرتكبة لهذا الجرم في أي مكان.
وتعبر بوابيجي عن تفاؤلها لوجود جهود "لا يستهان بها" لتغيير وعي الشباب نحو فهمهم لوجود عقاب لمرتكب أي جريمة تمس كرامة وشرف أي إنسان سواء كان مرأة أو رجل. وتقول إن المشرع الأردني يقوم بصورة متتابعة بتعديل القوانين ذات العلاقة لتحقيق المساواة أمام القانون تنفيذا لاتفاقية سيداو. وترى أن تحقيق المساواة في ظل القيم الدينية والاجتماعية تحتاج إلى وقت.
"انفصال العقل والحكمة تجاه قضايا الشرف"
وكشفت الدراسة التي اجرتها جامعة "كامبريدج" البريطانية على عينة شملت 856 طالبا قاربت اعمارهم الـ15 عاما أن نصف الأولاد تقريبا وواحدة من كل خمس بنات يعتقدون أن قتل الابنة أو الأخت أو الزوجة التي "الحقت العار بالعائلة هو عمل مبرر".
وتقول رائدة حمرا الصحفية المتخصصة بالتحقيقات الاستقصائية في حوار مع DW عربية، إن هذه الدراسة تنذر بنشأة شباب أردني "غير واع ومدفوع بالعنف المفرط حيال تعامله مع قضايا جرائم الشرف".
وتضيف أنه من خلال تواصلها المستمر مع الشباب تجد حقيقة "سوادء" وهي "انفصال عقل و حكمة كثير من الشباب تجاه ما يسمى بقضايا الشرف المبررة بالنسبة لهم" بما يدعوه "بغسل العار" " أو تطهير سمعة العائلة" وترى أن هذه التسميات تطلق "للأسف من قبل متعلمين ومثقفين وحاملين لشهادات جامعية من أعرق الجامعات الأردنية". وتؤكد أن هناك حالات كثيرة اثبتها الطب الشرعي بعد تشريح الجثة أن "الفتاة عذراء وقتلت بداعي الشرف وهنا تكمن المأساة".
"التشريعات والقوانين المتعلقة بالمرأة تقدمت"
ورفض مجلس النواب الاردني مرتين تعديل المادة 340 من قانون العقوبات التي تفرض عقوبة مخففة على مرتكبي "جرائم الشرف". وتقول عضو مجلس الأعيان الأردني نوال الفاعوري في حوار مع DW عربية، إن التشريعات والقوانين المتعلقة بالمرأة الأردنية "تقدمت خلال السنوات العشرالأخيرة" وتؤكد أنها متفائلة بالنسبة لمستقبل المرأة الأردنية وحمايتها من العنف بجميع أشكاله رغم الصعوبات والعوائق.
وترى الفاعوري أن شريحة المراهقين تواجه عادة تقلبات في السلوك والتفكير والأحكام وتقدير الأمور وهي بحاجة إلى "توجيه وتعليم لتغيير موقفها من العنف ضد المرأة". وتضيف أنه مع تقدم العمر والتجربة "تتقلص" هذه النسبة بدرجة كبيرة وبالتالي "صورة مستقبل المرأة الأردنية ليست قاتمة".
"العقوبة ليست بأيدي الناس"
ويشهد الأردن سنويا 15 إلى 20 جريمة قتل تصنف على أنها "جرائم شرف". ويقول الأستاذ الدكتور محمود السرطاوي أستاذ الفقه الاسلامي المقارن في كلية الشريعة بالجامعة الاردنية في حوار مع DW عربية، إن الشريعة الاسلامية تحارب الجرائم ليس فقط عن طريق العقوبة وإنما بأساليب متعددة من بينها زرع العقيدة والإيمان بأنفس الناس بحيث "تصبح الرقابة الذاتية والداخلية هي الوازع الحقيقي" الذي يمنع الناس من ارتكاب الجرائم.
ويضيف أن العقوبة ليست بأيدي الناس وإنما بيد القضاء لأنه "إذا تركنا الأمر للناس فهذا سيؤدي لمزيد من الفوضى وبالتالي فإن بعض الناس سيقتلون ظلما وعدوانا وسينصب كل إنسان نفسه قاضيا".
"انتصار بمعنى عشائري"
ويرى الدكتور السرطاوي أن ما يسمى بجرائم الشرف تتم على أيدي أفراد فرطوا في تريبة أبنائهم وأن كثيرا من هذه الجرائم لا تتفق مع القواعد الشرعية. ويضيف أن "هؤلاء (مرتكبي الجرائم) ما يفعلوه لا يكون انتصارا في قواعد الدين وإنما انتصارا بمعنى عشائري فقط لأنه ضغط اجتماعي معين يعيره بهذا الأمر".
وفيما يتعلق بتخفيف العقوبة عن مرتكب جريمة الشرف يقول أستاذ الشريعة إن الإنسان الذي ارتكب جريمة قتل بحق إنسان وفرط في تربيته لا يستحق التخفيف وإن كانت بحجة أنه يريد أن يدافع عن العرض.