جدل في كازاخستان بعد حظر الحجاب في المدارس
٢٤ أكتوبر ٢٠٢٣أثار إعلان الحكومة في كازاخستان حظر ارتداء الحجاب في المدارس جدلا حادا في البلاد خاصة مع تأكيدها على تمسكها بالقرار.
وقال بيان الحكومة إن "متطلبات الزي المدرسي تقضي بحظر ارتداء الحجاب ومرجع ذلك أن عدم السماح بالترويج بشكل مباشر أو غير مباشر لأي دين من الأديان في المدارس. تنص مبادئ العلمانية على ضمان مساواة جميع الأديان أمام القانون بما لا يسمح باستغلال أي دين".
ويشمل القرار حظر ارتداء المعلمات الحجاب، لكنه لا يُطبق خارج المؤسسات التعليمية.
دولة علمانية
وتشير الأرقام الرسمية إلى أن قرابة 70 بالمائة من تعداد سكان كازاخستان مسلمون فيما أثار القرار تباينا في المواقف ما بين مؤيد ومعارض، إذ شدد المعسكر المؤيد على أن كازاخستان دولة علمانية ما يعني ضرورة فصل الدين عن الدولة فيما أكد المعسكر الرافض على أن القرار يتعارض مع مبادئ الحرية.
وقد اتخذ كلا المعسكرين خطوات احتجاجية حيث قال وزير التعليم إن 150 فتاة لم يذهبن إلى المدارس في منطقة أتيراو وحدها منذ بدء سريان الحظر في سبتمبر/ أيلول الماضي، فيما ذكرت تقارير أن رجلين قاما بضرب مديرة مدرسة لأنها منعت دخول الفتيات المحجبات المدرسة امتثالا للقرار.
ودفع الأمر برئيس البلاد قاسم جومارت توكاييف إلى التعليق، قائلا خلال مؤتمر للمعلمين في العاصمة أستانا إن "المدرسة تعد مؤسسة تعليمية يقصدها الطلاب والطالبات لاكتساب المعرفة في حين أن المعتقدات الدينية هي مسألة خاصة. الحرية الدينية يكفلها القانون في بلادنا. أعتقد أنه من الصواب ترك الطلاب يتخذون قراراتهم بأنفسهم عندما يكبرون. لكن كازاخستان كانت وستظل دولة علمانية."
"تمييز"
وعلى وقع القرار، شهدت منصات التواصل الاجتماعي قيام طالبات بحرق بعض الكُتب المدرسية والتأكيد على حقهن في ارتداء الملابس الإسلامية فيما رفضت بعضهن ما يعتبرونه "مقايضة على الحجاب".
وانضمت شخصيات نسائية بارزة في البلاد إلى المطالبة برفع الحظر حيث قمن بنشر صورهن على منصات التواصل مرتدين الحجاب فيما قالت توجيان كوجالي، عضو المجلس الاجتماعي في مدينة ألماتي (ألمآتا)، إن الحظر "غير قانوني".
وفي مقابلة مع DW، قالت "في بادئ ذي بدء، يتعين معرفة أن الحجاب هو في الواقع غطاء للرأس ترتديه الفتيات في كازاخستان منذ سن البلوغ، أي من سن 13 عاما وهذا لا يحمل أي دلالة دينية. ثانيا، القانون يضمن الحق في التعليم، لكن الحظر الذي جرى فرضه سيكون بمثابة عائق مصطنع أمام ممارسة الحق في التعليم".
وتساءلت عن السبب وراء "أن الحجاب بات عائقا فجأة أمام انضمام الفتيات المسلمات إلى الحياة العلمانية؟ لماذا لم يتم حظر ارتداء الصلبان أو قبعات توبتيكا؟ هذا في الواقع يعد شكلا من أشكال التمييز".
وأضافت أنه يمكنحظر النقاب أو البرقع أو الملابس التي تمنع تحديد هوية الفتاة.
"قرار واعي"
بدورها، ترى أكبوبي تشيلاسوفا، وهي ممرضة من ألماتي تخرجت من مدرسة إسلامية، أن هناك اختلافا بين شخصية النساء اللاتي يرتدين النقاب وبين من يرتدين الحجاب.
وأضافت "في الآونة الأخيرة، العديد من الفتيات والنساء يرتدين النقاب خاصة في الحافلات ومترو الأنفاق. إنهن يرفضن التحدث إلينا فيما تكون ردود فعلهن وقحة على أسئلتنا ويتعمدن توبخينا طوال الوقت. أشك في أنهن يمثلن الإسلام الصحيح. قال أستاذنا في المسجد إن الإسلام الصحيح يرفض الكراهية والتعصب. لقد كانت النساء في الماضي في كازاخستان لا يرتدين النقاب ولا يقمن بتغطية وجوههن أو أيديهن."
وشددت على خطأ دفع الفتيات إلى ترك المدارس بسبب حظر الججاب، قائلة "يعد قرار ارتداء الحجاب واعٍ من جانب الفتاة لكن في الأسر المسلمة، لا تزال الفتيات يخضعن لتأثير الأب والأم حتى في سن السادسة عشرة. لا يمكن حرمان الفتاة من طفولتها".
وأضافت "يتعين تعليم الفتيات أولا حتى يقررن بأنفسهن على سبيل المثال هل يرغبن في أداء الصلوات الخمس كل يوم أم لا؟"
مقترح من المفتي
وفي محاولة لإيجاد حل وسط، اقترح رئيس الإدارة الروحية لمسلمي كازاخستان أو "مفتي البلاد"، نوريزباي تاجانولي، أنه يجب السماح للفتيات اللاتي يرغبن في ارتداء الحجاب في الذهاب إلى المدارس الإسلامية بداية من الصف العاشر.
وأضاف "يتم تدريسالمواد الدينية والعلمانية في هذه المدارس وفقا لمعايير وزارة التربية والتعليم العالي".
ورسميا، لم تعترض السلطات على هذا المقترح، رغم أن حظر الحجاب ينطبق على جميع المؤسسات التعليمية في البلاد دون استثناء.
أناتوليغ فايسكوبف / م. ع