جدل في أوروبا حول جدوى الاعتراف بالدولة الفلسطينية
٢٨ نوفمبر ٢٠١٤أجل البرلمان الأوروبي الأربعاء (26 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014) التصويت على قرار يدعم توجه عدد من برلمانات الدول الأعضاء بشأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وذلك إلى شهر يناير/ كانون في محاولة للتوصل إلى توافق في الآراء. وبسبب عدم الاتفاق على مشروع النص المقدم، وبناء على طلب الحزب الشعبي الأوروبي (يمين) تم تأجيل عملية التصويت. وتعترف حوالي 134 دولة في العالم بدولة فلسطين بحسب بيانات السلطة الفلسطينية، لكن لم تقدم أي من الدول الكبرى في الاتحاد الأوروبي على هذه الخطوة لحد الآن.
ويرى أسامة عنتر خبير الشؤون السياسية ومدير برامج قطاع غزة لدى مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية، في حوار مع DW عربية أنه "بدون تدخل خارجي لن يتحقق مشروع الدولتين، لأن سياسة خلق الحقائق الجديدة كأمر واقع التي تنتهجها إسرائيل تحول دون ذلك"، إلا أن الاعتراف بدولة فلسطين لا يلقى معارضة من الحكومة الإسرائيلية فقط، وإنما هناك أصوات أوروبية كثيرة تشكك في جدوى هذا الإجراء ومن بينها المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.
إنعاش عملية السلام؟
وتدخل خطوة البرلمان الأوروبي في سياق مبادرات مماثلة بدأتها السويد كأول دولة من غرب أوروبا وعضو في الاتحاد الأوروبي تعترف رسميا بفلسطين كدولة، وذلك في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وكانت بولندا والمجر وسلوفاكيا اعترفت قبل انضمامها للاتحاد الأوروبي بدولة فلسطين. وصوت برلمانا بريطانيا وإسبانيا أيضا لصالح الاعتراف بدولة فلسطين. فيما سيصوت النواب الفرنسيون في الثاني من ديسمبر/ كانون الأول على مشروع قرار قدمه نواب الحزب الاشتراكي الحاكم يدعو الحكومة الفرنسية إلى "الاعتراف بدولة فلسطين استعدادا لحل نهائي للنزاع". وبالرغم من أن توصيات البرلمانات الأوروبية غير ملزمة للحكومات، إلا أنها تكتسي أهمية رمزية كبيرة. وهو ما عبرت عنه وزيرة الخارجية الأوروبية فيديريكا موغيريني بقولها "تقنيا هذا أمر لا يعنيني، لكنه يعنيني من الناحية السياسية". ويرى الكثير من الأوروبيين أن خطوة كهذه قد تعطي زخما لعملية السلام، فيما يرى آخرون أنها بالعكس ستزيد من تعقيد العلاقات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ويعد برلمان ستراسبورغ الأخير في سلسلة المؤسسات التشريعية الأوروبية التي بحثت قضية الاعتراف بالدولة الفلسطينية. ويأتي ذلك في سياق جهود دولية تستهدف إقناع الطرفين للعودة لطاولة المفاوضات. وأظهرت مناقشة النواب الأوروبيين المبدئية أنهم مختلفون بشأن تناول هذا الموضوع. وقال النائب الاشتراكي ريتشارد هويت "إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية سيساعد على "كسر الجمود" في أفق تحقيق حل الدولتين و"تجنب فصل عنصري جديد". وأضاف "تحركنا يلقى دعما من السفراء الإسرائيليين السابقين لدى فرنسا وتركيا وجنوب إفريقيا، و النائب العام الإسرائيلي السابق والرئيس السابق للكنيست (البرلمان) الإسرائيلي". وأوضح "إنهم ليسوا معاديين لإسرائيل وكذلك نحن".
انقسام الأوروبيين
انتقدت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل اعتراف السويد الرسمي بدولة فلسطين، وقالت إن "الاعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطينية لن يدفعنا في طريق حل الدولتين". وذكرت ميركل أنه من الأفضل التركيز على مساعي السلام والمضي قدما في المحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين. إلا أن أسامة عنتر يرى أن "تواصل أنشطة الاستيطان يوميا فوق الأراضي الفلسطينية يمنع عمليا تواصلا جغرافيا بين الضفة الغربية وقطاع غزة". ولأن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى قرار بالإجماع للاعتراف بدولة فلسطين فإن اعتراض ميركل يصل إلى حد اعتباره "فيتو" على هذه الخطوة.
ويرى المراقبون أن غياب آفاق السلام ومواصلة الاستيطان يقلصان عمليا الآمال بالتوصل إلى حل الدولتين في الأفق المنظور. وإذا كان الفلسطينيون عبروا عن ترحيبهم بتحركات البرلمانات الأوروبية للاعتراف بدولتهم، رغم الطابع الرمزي الذي يكتسيه هذا التحرك، فإن الحكومة الإسرائيلية لم تتردد في انتقاد ذلك. رون بروسور سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة قال إن الحكومات الأوروبية "أحبطتنا" واعتبر أن السويد ارتكبت "خطأ تاريخيا". وأوضح أن برلمانات الدول الأوروبية التي تصوت للاعتراف بدولة فلسطين "تعطي الفلسطينيين بالتحديد ما هم يريدونه دولة بدون سلام".