جدل في ألمانيا حول صناعة صورة الجنس
١٨ أبريل ٢٠١٦من الواضح أن السياسيين الألمان ليسوا سعداء هذه الأيام إزاء كثير من الإعلانات التي تظهر على التلفزيون وفي دور السينما واللوحات العامة في الشوارع والساحات العامة. وإذا واصلت الحكومة نهجها الحالي، فإن إعلانات السجائر ومنتجات التبغ كما الإعلانات التجارية الجنسية ستصبح شيئاً من الماضي.
ويركز وزير العدل الألماني هايكو ماس على منع الإعلانات الجنسية. وذكرت مجلة دير شبيغل الألمانية، أن هدف المقترحات هو خلق "صورة جديدة عن الجنس". وبحسب المجلة، فإن فكرة ماس مدفوعة أيضا بأحداث رأس السنة الميلادية في كولونيا، حيث تعرضت مئات النساء للسرقة والاعتداءات الجنسية.
لكن خطط الوزير جعلته في مرمى انتقادات شديدة من قبل أحزاب وبرلمانيين وخبراء. فالنسبة لزعيم الحزب الديموقراطي الحر كريستيان ليندنر فان خطط الوزير لحظر العري والإعلان الجنسي ضيقة الأفق تماما". مضيفا في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية( د ب أ) في برلين أن "مطالبة النساء بالحجاب أو ترويض الرجال شيء معروف في أوساط الإسلاميين المتشددين، لكنه ليس متوقعا من وزير العدل الألماني".
كما انتقد السيناتور(عن برلين) توماس هيلمان، وهو من الحزب المسيحي الديمقراطي، الوزير ماس، متهما الحزب الديمقراطي الاشتراكي بأنه "لم يتعلم من أخطاء حزب الخضر". وأضاف هيلمان أن "المواطنين يريدون الحد من اللوائح القانونية وليس المزيد من اللوائح الإضافية بشأن يوم خال من اللحوم أو الملصقات الإعلانية"، مشيرا إلى ضجة أثيرت قبل ثلاث سنوات عندما دعا الخضر إلى "يوم للخضروات" في أماكن العمل في المؤسسات الحكومية الاتحادية.
ومن جهته أعلن كريستيان شميدت وزير الغذاء والزراعة الألماني أنه يخطط لحظر إعلانات التبغ في الملصقات العامة وفي صالات العروض.
وفي ألمانيا، يسبق كل فيلم بـ15 إلى 30 دقيقة إعلانات تجارية، لكن تصنيف الفيلم إذا كان يتيح دخول القصر إلى العرض فلن يسمح بعرض لقطات جميلة لأناس وهم يدخنون، بحسب شميدت.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن الوزير قوله "لا ينبغي إعطاء انطباع خصوصا للأطفال والشبان بأن التدخين تسلية غير مضرة".
الشركات لها الحق في الإعلان عن منتجاتها
وقال سفين كومير أستاذ الإعلام في معهد آخن التقني العالي (RWTH) "لا أعتقد أن الحظر صحيح إذا كان للجميع، ولكل شيء"، مضيفاَ "بمجرد منع إعلانات السجائر فلن تحل قضية تدخين الأطفال". وبحسب دراسة للمركز الاتحادي للتعليم الصحي فإن أعداد الأطفال المدخنين بين سن 12 و17 منخفض في ألمانيا. وانخفض هذا الرقم في العام 2015، إلى مستوى تاريخي وصل 7.8 بالمائة.
وتستند شركات بيع السجائر إلى هذا الرقم، لتؤكد أن المشكلة تضاءلت بشكل حقيقي. وقال جان موكيه مدير رابطة التبغ لوكالة الأنباء الفرنسية، إن دوافع الاقتراحات هي حماية الشباب، لكن لا أساس لهذا، بحسب الرقم الحالي. ويدعم حزب اليسار والخضر المقترحات.
لكن ساشا البريشت خبير التسويق متشكك فيها بقوة. وقال البريشت وهو مدير وكالة اونليو للإعلان في دوسلدورف، إن "هذه الشركات لها الحق في أن تعلن عن منتجاتها"، موضحا "أن من الواجب أن يضع المنتجون صورا لرئتين سوداوين على علبهم، وهكذا يعرف الناس أنهم يضرون أنفسهم عندما يدخنون، لكن لا ينبغي حظر لوحات الإعلانات الخلاقة".
المجتمع كحارس ضد الإعلانات الجنسية
ويرى خبير التسويق أن الأمر أوضح بالنسبة للتدابير المقترحة لحظر الإعلانات الجنسية. وقال البريشت "هذا مستحيل. فمن الذي سيحدد ما هو جنسي وما هو غير جنسي؟ متسائلا "هل سيتم إرسال كل عمل تجاري أولاً إلى لجنة مراجعة لتقول الكلمة النهائية؟ هذا ببساطة لا يمكن تنظيمه".
ويوجد في ألمانيا مجلس استشاري للمعايير الإعلانية، كمؤسسة تستقبل الشكاوى حول ما إذا كان الإعلان مسيئا أو غير مناسب.
وقال كومير "نحن لدينا نظام عمل جيد من خلال المجلس الاستشاري". وعندما يكون هناك قضية إشكالية فإن مجتمعنا ذكي ويلتقطها بسرعة ويرفع صوته فورا". وقد حصل مثال على هذا في بلدة صغيرة في تريبرغ جنوبي ألمانيا، حيث كان لدى رئيس البلدية مرآبان لركن السيارات ووضع عليهما علامة "مرآب خاص للرجال" باستخدام صورة ظلية لامرأة عارية تتكئ على ذراعيها وظهرها منحن. ويدعو الشعار إلى مسايرة هذا الإعلان المفترض لسياحة تريبرغ للوصول إلى: "جبال حادة ووديان رطبة". فجاء الاحتجاج سريعا وقويا، وتم طلاء الصورة.
وفي ذروة النقاش حول نوع الإعلانات التي يجب أن تحظر والمنتجات التي يجب أن يسمح بها، يكمن السؤال حول فعالية ذلك.
ما الآثار التي تتركها الإعلانات التجارية على الجمهور؟
يعرب مالك وكالة الإعلانات ساشار البريشت عن قناعته بأن الأطفال لا يبدؤون التدخين لأنهم يرون إعلانا تجاريا لنوع محدد من السجائر. وهو سبب آخر ليعارض حظرا محتملا على إعلانات السجائر. لكن سفن كومر ليس مقتنعا بهذه الحجة التي تسوقها شركات التبغ "نعلن عن منتجاتتا لكن الإعلانات لا تفيد شيئا حقا"، مضيفا "أنا أجد أنه من الصعوبة تصديق ذلك".
وهو قلق أيضا من تأثيرات الدعاية التي تصور المرأة بطريقة جنسية باعتبار أن الإعلانات التجارية الجنسية لا تحول شاباً إلى الشوفينية الجنسية، لكنها يمكن أن تشوه تصوره عن المرأة. ويقول كومر إن الإعلانات والتسويق تلعب دورا في تكوين نظرة الشخص إلى العالم. ونحن كمجتمع نحتاج إلى التفكير بما نريد أن تكون عليه هذه النظرة.