جائزة نوبل للسلام 2006 مناصفة للبنغالي محمد يونس وبنك جرامين
١٣ أكتوبر ٢٠٠٦شكل فوز الاقتصادي البنغالي محمد يونس بجائزة نوبل للسلام مناصفة مع "بنك جرامين" الذي قام بتأسيسه لمساعدة الطبقات الدنيا، شكل مفاجئة للأوساط الصحفية والسياسية على السواء، لاسيما وان شخصيات رفيعة مثل الرئيس الفنلندي السابق آتاساري كانت على رأس قائمة المرشحين للفوز بالجائزة والذي بلغ عددهم نحو 191 مرشحا. وتعتبر الجائزة الأرفع والأهم بين جوائز نوبل المختلفة. وقالت اللجنة النرويجية السرية المكونة من خمسة أعضاء في بيان اختيارها للفائزين بالجائزة هذا العام ان يونس و"بنك جرامين" منحا الجائزة "عن جهودهما لخلق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الطبقات الدنيا. يونس وجرامين أثبتا أن أفقر الفقراء بوسعهم العمل لتحقيق التنمية." وأضاف البيان "السلام الدائم لن يتحقق الا اذا تمكنت جماعات كبيرة من السكان من كسر قيد الفقر. والقروض الصغيرة من الوسائل التي تحقق ذلك. وتنمية القطاعات الدنيا تخدم في دفع الديمقراطية وحقوق الإنسان قدما."
وبعد الإعلان عن الجائزة قرر يونس التبرع بحصته من الجائزة البالغة قيمتها 1,4 مليون دولار لاعمال خيرية. وتقسم قيمة الجائزة (1,1 مليون يورو) مناصفة بين يونس والمصرف الذي أسسه. وقال يونس "سأستخدم المال لتمويل مؤسستنا المشتركة في الأغذية الزراعية مع (مجموعة) دانون (الفرنسية) بحيث يتمكن الفقراء من استهلاك اطعمة مغذية بنسبة عالية وبسعر مقبول". وكان رئيس مجلس ادارة "دانون" هنأ يونس الجمعة على ان يتوجه الى دكا في السابع من تشرين الثاني/نوفمبر لتدشين اول معمل لتصنيع اللبن للمجموعة الفرنسية في بنغلادش بالتعاون مع "بنك غرامين". واضاف يونس ان قسما من الجائزة سيستعمل في انشاء مستشفى لامراض العيون ومشروع لتكرير المياه. وتابع "سأمنح المال بكامله لهاتين المؤسستين، ستكونان مؤسستين لغرض اجتماعي بحت لا يبغي الربح".
فكرة رائدة لاقت انتشارا واسعا
في عام 1976 أسس يونس نمطا جديدا من البنوك يمنح القروض لفقراء بلاده خاصة النساء ليمكنهن من ادارة مشروعات أعمال صغيرة دون ضمان، مرسيا بذلك نظاما جديدا للقروض المتناهية الصغر اقتبس في جهات شتى من العالم. وقال يونس: "في بنجلادش حيث لا ينجح شيء ولا توجد كهرباء، نجح نظام القروض الصغيرة وعمل بانضباط كالساعة." وكان يونس يؤمن بان المرأة يمكنها ان تهزم الفقر اذا حصلت على قروض صغيرة تبدأ بها مشروعا تجاريا صغيرا أو توسعه. ويخدم بنك جرامين الآن نحو 1ر6 ملايين مقترض. وتأسست مؤسسة جرامين التابعة للبنك عام 1997 وكونت شبكة عالمية شملت 52 شريكا في 22 دولة قدمت العون لنحو 11 مليونا في آسيا وأفريقيا والأمريكتين والشرق الأوسط. والشرط الوحيد للإفادة من خدمات جرامين هو ان يقدم المستفيدون الطلب ضمن مجموعة لا تقل عن خمسة اشخاص وان يتكاتفوا من اجل دفع الاقساط. وامتدت هذه المبادرة الى عشرات الدول واصبح بامكان ملايين الناس اليوم القيام بنشاط مستقل والخروج من الفاقة بفضل القروض الصغيرة.
حقائق عن محمد يونس
ولد محمد يونس في شيتاغونغ سنة 1940 هو ثالث ابناء أسرة رزقت ب 14 طفلا توفي خمسة منهم بعد ولادتهم بسنوات قليلة. ويلقب يونس بـ "مصرفي الفقراء"، الا انه يفضل ان يلقب بـ "مقرض الامل". في عام 1974 قاد يونس بينما كان رئيسا للبرامج الاقتصادية الريفية بجامعة تشيتاجونج طلابه في رحلة ميدانية الى ريف بنجلادش حيث قتلت المجاعة آلاف الاشخاص. وغيرت تلك التجربة من مجرى حياته. وبعدما أدرك أن قروضا صغيرة يمكن أن تؤدي الى تغيير جذري في مصير الفقراء بدأ يونس في اقراض مجموعة من الاناث اللاتي يعملن في نسج السلال ما يعادل 27 دولارا لتوسيع أعمالهن. وكانت تلك الفكرة نواة لبنك جرامين الذي أنشيء في عام 1983 لتوسيع التسهيلات البنكية وتحسين تزويد فقراء الريف بالسلف.
وجرامين كلمة بنغالية معناها بنك القرية. وتقوم فلسفة يونس على مساعدة الفقراء عن طريق مساعدة أنفسهم. ولا يستجيب يونس على الإطلاق عندما يمد متسول يده للحصول على المال. ويحلم بالقضاء الكامل على الفقر في العالم. ويقول "جرامين رسالة أمل.. برنامج لوضع التشرد والعوز في متحف حتى يزوره أطفالنا يوما ما ويسألون كيف سمحنا لهذا الشيء المفزع بأن يستمر طوال هذه الفترة." ويشعر يونس (66 عاما) بالفخار لان نموذجه في تمكين فقراء الريف من خلال السلف الصغيرة انتشر حول العالم وأن البنك الدولي نفسه تبنى الفكرة التي كان شكك فيها في البداية.
نحو عالم خال من الفقر
وفي أول رد فعل له على منحه الجائزة قال يونس في تصريحات اذاعية: "انا سعيد جدا. انكم تدعمون حلما بصياغة عالم خال من الفقر". واضاف ان منح الجائزة "سيعطي شحنة هامة من الطاقة للحركة باسرها، ويمكنني ان اؤكد لكم ذلك. نحن لا نزال في البداية". محمد يونس، البريفسور في علم الاقتصاد، هو ايضا مجاز من جامعة فندربيلت الاميركية.
وبمنحهم جائزة نوبل للسلام لرمز مكافحة الفقر وسع الحكماء الخمسة اعضاء اللجنة مرة اخرى مجال اهتمام الجائزة. واخذ هذا المجال يكبر في العقود الماضية من خلال الاهتمام بحقوق الانسان والدفاع عن البيئة. واوضح رئيس اللجنة "لكل فرد على هذه البسيطة الإمكانية والحق في حياة كريمة" وأضاف "بغض النظر عن الثقافات والحضارات اظهر محمد يونس وبنك جرامين انه حتى الأشد فقرا يمكنهم العمل من اجل تطورهم".
وسيتم تسليم جائزة نوبل للسلام وهي عبارة عن شهادة وميدالية ذهبية وصك بقيمة 10 ملايين كورون سويدي (1,1 مليون يورو) في اوسلو في العاشر من كانون الاول/ديسمبر في ذكرى وفاة مؤسس الجائزة السويدي الفريد نوبل، مخترع الديناميت الذي اراد ان يكفر عن اختراعه هذا بتخصيصه هذه الجائزة التي اتسعت لتشمل مجالات أخرى.