جائحة كورونا تشكل تحدياً لوسائل الإعلام في العالم
٢٨ مارس ٢٠٢٠يتابع المواطنون الخاضعون للعزل الصحي في بيوتهم حول العالم الأنباء باهتمام. فقد كشف استطلاع أجراه معهد إدلمان من السادس إلى العاشر من آذار/مارس أن أكثر من تسعين في المائة من الإيطاليين واليابانيين والكوريين يطّلعون مرة واحدة في اليوم على الأقل على التطورات المرتبطة بالفيروس، وأكثر من نصفهم يقومون بذلك أكثر من مرة يومياً.
وتبقى الصحافة أساسية مع أن شبكات التواصل الاجتماعي كسرت الاحتكار شبه الكامل للأخبار من قبل وسائل الإعلام. فقد أشار استطلاع أجراه معهد إيبسوس لموقع "أكسيوس" الإخباري إلى أنه للاطلاع على التطورات المرتبطة بالفيروس، لا يزال نصف الأميركيين يثقون بوسائل الإعلام التقليدية، بينما تثق نسبة أقل بكثير بشبكات التواصل الاجتماعي.
ويمكن أن تشكّل هذه الأزمة فرصة لوسائل الإعلام لاستعادة ثقة قرائها. كما أنها فرصة للقراء الذين يخضعون للعزل لاختيار وسائل الإعلام الكبيرة والصغيرة التي يثقون بها.
فرصة لاستعادة ثقة الجمهور
وكتبت مدونة وكالة فرانس برس لكشف الأخبار المضللة "في ميزان فرانس برس": "لا، فيروس كورونا المستجد لم يتم إنتاجه ومنحه براءة من معهد باستور، ولا نعرف ما إذا كان ارتفاع حرارة الجو في الربيع يقتل الفيروس".
من جانبها، قالت مديرة الإعلام في "بي بي سي"، التي تشهد مستويات حضور قياسية: "في إطار الوضع الصحي الطارئ، توفير أنباء جديرة بالثقة ودقيقة أمر حيوي"، مؤكدة أن هذه المؤسسة الإعلامية البريطانية العامة "لديها دور أساسي لتلعبه". أما ريكاردو كيرشبوم، الذي يعمل في صحيفة "كلارين" اليومية الأرجنتينية الأوسع انتشاراً في البلاد، فقال إن "القراء يبحثون عن تحليلات إضافية وخدمات إخبارية وشهادات".
"الكتابة للقراء وليس لأجندات سياسية"
وشهدت الصحيفة ارتفاع عدد متابعيها على الإنترنت، مشيرة إلى أن القراء يذهبون إلى موقعها الإلكتروني مباشرة من دون المرور بشبكات التواصل الاجتماعي. وقال كيرشبوم: "إنهم يريدون معرفة ما يحدث في دول أخرى مثل إيطاليا وإسبانيا وفرنسا، التي يغطي مراسلونا أحداثها". وأطلقت الصحيفة نشرة بريدية يومية تتضمن الأخبار الأساسية حول الوباء.
وقالت مارينا ووكر من "مركز بوليتزر"، المنظمة غير الحكومية الأميركية التي تدعم الصحافة، إنها "ليست مرحلة ملائمة للسبق الصحفي والعمل كالعادة". وأضافت: "نحن جميعاً نواجه العدو نفسه. إنها فترة تضامن والعمل في العمق والبرهنة على أننا نكتب لقراء وليس لأجندات سياسية أو لمصالح اقتصادية". ويدعم "مركز بوليتزر" مالياً مشاريع صحفية تعتمد على التعاون بين هيئات تحرير عديدة لتغطية جوانب منسية للأزمة.
"وسائل الإعلام لم تقم بدورها"
وأشار عالم الاجتماع الإيطالي إدواردو نوفيلي من جامعة "روما 3" إلى أن عدداً من وسائل الإعلام تباطأت في العمل في بداية الأزمة. وكتب في دراسة بعنوان "إنفومود" تتعلق بما نشرته 257 وسيلة إعلام أوروبية على موقع "فيسبوك" جرت بين الأول من كانون الثاني/ يناير و14 آذار/ مارس أن "الصحف تأثرت إلى حد كبير بحكوماتها الوطنية التي قللت، في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، من خطورة الأزمة المقبلة". وعبر الصحفي السابق، الذي أصبح أستاذاً في الاتصال وعلم الاجتماع، عن أسفه لأن وسائل الإعلام هذه "لم تقم بدورها". ونقلت بعضها أخباراً مضللة، مثل "ديلي ميل" في بريطانيا التي أوردت فكرة أن الفيروس التقطه شخص تناول حساء خفاش في الصين. وهذه المعلومات تناقلتها صحف صفراء عديدة تعيش على أخبار الإثارة.
وأخيراً، يمكن أن تؤدي هذه الأزمة إلى تسريع هذه المرحلة الانتقالية التي تشهد موت الصحف الورقية. فبينما دخلت فرنسا في العزل، تراجعت مبيعات الصحف بنسبة 24 في المائة الاثنين 16 آذار/ مارس، و31 في المائة الثلاثاء 17 آذار/ مارس، كما ذكرت مجموعة التوزيع "بريستاليس".
وقال المؤرخ باتريك إيفنو إن "الصحف ستموت أو تعيد تجمعها وكل شيء مرهون بمدة الظاهرة". وأضاف: "لكن وسائل الإعلام التي تعتبر جديرة بالثقة ستستفيد عبر مضاعفة عدد اشتراكاتها الرقمية".
م.ع.ح/ ي.أ (أ ف ب)