Sozialmarktwirtschaft in Syrien
٢٧ يناير ٢٠٠٩انطلق قبل ثلاث سنوات مشروع دعم الإصلاح الاقتصادي في سوريا برعاية الوكالة الألمانية للتعاون الفني GTZ، وبالتعاون مع وزارة الاقتصاد السورية. أما الهدف منه فهو تعزيز خطوات التحول نحو اقتصاد السوق الاجتماعي بالاعتماد على الخبرات الألمانية، لاسيما في مجالي تنظيم وتحسين أداء مؤسسات الضمان الاجتماعي وتقديم المشورة للوزارات السورية المعنية.
وفي مقابلة مع دويتشه فيله بمناسبة انعقاد ندوة في معهد غوته بالعاصمة دمشق نهاية الأسبوع الماضي لتقييم ما تم حتى الآن يقول الدكتور مايكل كراكوفسكي مدير المشروع إن المشروع يهدف إلى إرساء أسس الاقتصاد الاجتماعي في سوريا كما يدعم جهود تنسيق العمل بين الوزارات لإيجاد الآليات اللازمة لذلك. ويضيف كراكوفسكي أن المشروع يتضمن أيضا تقديم الاستشارات والخدمات المتعلقة بالسياسات التنافسية بين المؤسسات المعنية على ضوء خبرات مؤسسات ألمانية وأوروبية من خلال " التعريف بهذه السياسات وتنظيم عملية تنفيذها، إضافة إلى تدريب الكوادر الوطنية القادرة على إدارة هذه العملية".
القرارات في جهة والواقع في جهة أخرى
غير أن نظرة على الواقع لا تشير حتى الآن إلى التمكن من إرساء دعائم واضحة لاقتصاد سوق اجتماعي في سوريا كما هو عليه الحال في ألمانيا، رغم تأكيد القيادات السورية على خيار الانتقال نحو اقتصاد السوق الاجتماعي. ومن أسباب ذلك برأي الخبير الألماني كراكوفسكي سرعة اتخاذ القرارات بشكل سريع وقبل خوض دراسة ونقاش كافيين بشأنها.
فعلى سبيل المثال تم مؤخراً تعديل أسعار المحروقات بهدف تقليص الدعم الحكومي لها ودفع عجلة تطور القطاعات المنتجة على أساس خلق فرص تنافسية أفضل. وفي إطار هذا التعديل تم توزيع قسائم ديزل سنوية على العائلات تضمن لها الحصول على كميات محدودة منه باسعار مدعومة لأغراض التدفئة في فصل الشتاء. غير أن هذه القسائم وزعت على اصحاب الملايين كما على الفقراء الذين لا دخل لديهم. وهذا أمر لا يدخل ضمن أهداف اقتصاد السوق الاجتماعي التي تتضمن بشكل او بآخر إعادة توزيع الدخول بشكل يحقق أكبر قدر ممكن من العدالة الاجتماعية.
تطبيق اقتصاد السوق الاجتماعي بحاجة إلى إشراك المواطن
طبيعي أن القرارت الانتقائية والسريعة ليست كافية للدخول في اقتصاد سوق اجتماعي. المطلوب حسب كراكوفسكي ووفقا للخبرات الألمانية سياسات فعلية تتكامل مع إطار تشريعي وتنظيمي تعمل على تطبيقة مختلف الوزارات والمؤسسات المعنية. ومن هنا تبرز أهمية الحوار لتطوير أدوات التنفيذ وتقييم عملية الأداء بشكل مستمر. وعلى ذكر الحوار يركز المشروع في الوقت الحالي على تعميم ثقافة الحوار الدائم بين المسؤولين وممثلي القطاع العام من جهة، وبينهم وبين المواطنين وممثلي القطاع الخاص من جهة أخرى كون عملية التحول إلى اقتصاد السوق الاجتماعي تهم المواطن في النهاية بالدرجة الأولى.
ويكمن الهدف من حوار كهذا حسب كراكوفسكي في إظهار نقاط القوة والضعف في القرارات والإجراءات النافذة بغية تجاوز التأثيرات السلبية على المواطن ومؤسسات وشركات القطاع الخاص جراء العملية المذكورة. وبالمجمل العام هناك أولويات يجب على الحكومة السورية التركيز عليها في الوقت الحاضر حسب كراكوفسكي، وفي مقدمتها الحد من الفقر ومن الهوة التي تزداد عمقا بين الأغنياء والفقراء.
ومن هنا جاء اهتمام الحكومة مؤخرا بوضع خطة تهدف إلى إجراء مسح شامل لتحديد عدد العائلات الفقيرة والتي ليس لديها دخول أو ملكيات تسمح لها بتوفير حد أدنى من مستوى المعيشة. وسيلي ذلك وضع آليات لدعم هذه العائلات بشكل دوري من خلال تعويضات شهرية لحين توفير فرص عمل للقائمين عليها. ومن المهم في هذا السياق حسب كراكوفسكي تنظيم عمل المؤسسات الاجتماعية جنبا إلى جنب مع عمل المؤسسات الاقتصادية كي لا تتحول الأولى إلى ورقة ضغط على عملية الاصلاح الاقتصادي.
"تداركنا الكثير من الأخطاء وبدأنا بإشراك المواطن في الحوار"
وتعليقا على الجهود الحالية التي تبذلها سوريا لتحقيق اقتصاد سوق اجتماعي يعلق الدكتور باسل كغدو، خبير اقتصادي في المشروع، قائلا إنه في السابق لم يكن هناك استهداف محدد للمستحقين الذي يحتاجون للدعم، ربما بسبب غياب أو عدم دقة بعض الآليات والإحصاءات المتلعقة بدخول ونفقات الأسر. أما اليوم والكلام للدكتور كغدو فإن " الإقرار بوجود فقراء مسألة مهمة مهمة جداً بالنسبة للتحول نحو اقتصاد السوق الاجتماعي". ويضيف: "تداركنا اليوم الكثير من الأخطاء والدليل أننا ونحاول حالياً إشراك جميع الفئات من المواطنين في عملية الحوار حول إيجابيات وسلبيات الإصلاح الاقتصادي".
ويتابع الدكتور كغدو قائلا "لكن هذا لا يعني إن التواصل مع المواطن يسير كما ينبغي لأن ذلك ما يزال في مرحلة التجريب"، مما يعني إن المهمة المقبلة للحكومة السورية هي "معرفة كيف ستقنع المواطن بأن يثق بها" على حد تعبير كغدو. يضاف إلى ذلك إن هناك أمور ذات حساسية سياسية بالنسبة للحكومة السورية وهي على سبيل المثال إقرار قانون العاملين الجديد، وقانون كهذا هو الذي يحدد طبيعة العلاقة بين العامل وصاحب العمل . ويوجد جانب آخر لا يزال معلق وهو "جانب إدارة مؤسسات القطاعات العام وخصخصتها، لكن هذا موضوع له حساسية عالية" على تعبير كغدو.