انضمام الشباب التونسي إلى التنظيمات المتطرفة
٢٩ يوليو ٢٠١٥"قال إنه ذاهب لقضاء الليلة في بيت صديقه، وبعدها بيوم توصلنا برسالة تفيد أنه في سوريا"، يقول إقبال بن رجب بصوت مرتجف وهو يستحضر أحد أيام شهر مارس 2013 عندما اختفى شقيقه الأصغر حمزة. الشاب الذي كان يدرس في شعبة البرمجة كانت لديه اتصالات مع جبهة النصرة قبل أن يسافر إلى سوريا عن طريق ليبيا، على أساس أن يكون مكلفا بإدارة المواقع الإلكترونية لفروع تنظيم القاعدة كما تم إخباره. حمزة يعاني من إعاقة جسدية ويستخدم كرسيا متحركا للتنقل.
"خشيت من أنهم لن يخصصوا وقتا للاعتناء به"، يقول إقبال وهو يتذكر ذلك اليوم."اعتقدت أنهم سيربطون قنبلة بكرسية المتحرك ويفجرونه".
عائلة حمزة تمكنت من إنقاذه وإعادته إلى تونس، وبعدها بوقت قصير أسس إقبال مجموعة لمساعدة التونسيين الذين غادروا تونس لنفس الغرض وعلقوا في الخارج وفي نفس الوقت لمنع تعرض تونسيين آخرين لغسيل دماغ من طرف هذه التنظيمات.
التطرف في فترة ما بعد الثورة
في فترة التسعينات غادر بعض التونسيين للقتال في أفغانستان والشيشان ومناطق أخرى. وبعد ثورة الياسمين التي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في 2011، ارتفع عدد التونسيين الذين انضموا إلى صفوف التنظيمات المتطرفة بشكل كبير جدا.
المؤرخ والخبير في الشؤون الأمنية فيصل شريف يقول لـ DW إن هناك سببين وراء تصدير تونس لهذا الكم من المتطرفين، وكلا السببان مرتبطان حسب الخبير بالاضطرابات السياسية، التي شهدتها البلاد سنة 2011 "العديد من الناس كانوا يرغبون في نشر الحماس والنشوة التي حملتها أجواء ثورات الربيع العربي إلى البلدان التي لم تحدث فيها ثورات". ويقول شريف إن هؤلاء التونسيين الذين انضموا لاحقا إلى تنظيمات إرهابية لم يكونوا كلهم متطرفين قبل مغادرة البلاد.
وفس الوقت ذاته بدأ المتشددون داخل تونس بنشر أفكارهم في صفوف الشباب بعد ما سمي بالربيع العربي. ومعظم هؤلاء المتشددين كانوا في السجون خلال فترة حكم بن علي وأصبحوا أحراراً إما بعد هروبهم من السجون أو بعد استفادتهم من عفو خلال الثورة.
غياب استراتيجية فعالة
تفجير متحف باردو في تونس وبعدها هجوم سوسة الدموي، الذين خلفا عشرات القتلى من السياح الأجانب، سلطا الضوء على الخطر الكبير الذي يشكله التطرف على البلاد.
وحسب معلومات جمعتها الأمم المتحدة، فإن التنظيمات المتطرفة تدفع ما بين 3 و10 آلاف دولار (أي ما بين 2700 و9100 يورو) لكل شخص تنجح في استقطابه. وتقول الحكومة التونسية إنه تم اتخاذ عدة إجراءات لمحاربة عمليات التجنيد بما في ذلك استهداف المساجد، التي ينشر فيها الدعاة المتطرفون أفكارهم.
السلطات التونسية اتخذت أيضا تدابير قمعية. فقد تمت مراقبة ومتابعة 15 ألف شخص مشتبه في كونهم متطرفين منذ بداية العام الحالي حسب مصادر مسؤولة، بالإضافة إلى 700 مشتبه بهم إضافيين بعد هجوم سوسة. ولم يعد التونسيون الذين لا تتجاوز أعمارهم 35 سنة قادرين على السفر بحرية إلى ليبيا أو تركيا أو صربيا، التي تعتبر بلدان العبور المعروفة إلى سوريا والعراق.
"نحتاج استراتيجية حقيقية"، يقول الخبير الأمني شريف "يمكنك الزج بمئات الأشخاص في السجون، لكن هناك جهازا سيستمر في إنتاج متطرفين جدد، وقبل أن تفطن إلى ذلك ستجد ألفين، 3 أو 4 آلاف إضافيين".
التحدي الأكبر يتمثل في التوصل إلى استراتيجية طويلة الأمد من شأنها حماية الشباب التونسي من التعرض للاستقطاب من طرف هذه الأيديولوجيا المتطرفة. وهذا ما أقر به رئيس الحكومة التونسية بنفسه.
"يجب أن نخلق فرص عمل جديدة خصوصا لسكان المناطق القروية"، هكذا صرح رئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد معترفا بأن الآفاق المفتوحة أمام الشباب التونسي محدودة: "ينبغي أن يكون الشباب مستقلين اقتصاديا ليكونوا قادرين على مقاومة هذه التيارات المتطرفة، نحن نتقدم في هذا الاتجاه ولكن ببطء".
في سبتمبر المقبل ستنظم الحكومة مؤتمرا خاصا بالمنظمات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني، التي تُعنى بقضية انتشار التطرف في صفوف الشباب التونسي.
حمزة شقيق إقبال بن رجب يرفض الحديث عن ما ذهب للقيام به في سوريا. "لكنه هو من أتى بشعار مجموعتنا"، يقول شقيقه وهو يبتسم بفخر.