تونس: تعاطف مع اللاجئين السوريين وشعور بالتقصير
١٦ سبتمبر ٢٠١٥يتفاعل المواطنون التونسيون بتعاطف كبير مع اللاجئين السوريين، حيث شرعوا في التحرك داخل فضاءات التواصل الاجتماعي لمطالبة المسؤولين بتوفير ملاجئ لهم وبفتح الحدود أمامهم، كما طالبت صفحاتها باستقبالهم وبمواكبة تطور أوضاع الوافدين.
على أرض الواقع لاشيء يحدث في هذا الشأن، إذ يعاني اللاجئون في تونس من بطء الإجراءات المتعلقة بتأشيرات الدخول أو الحصول على وثائق الإقامة والعمل، حيث تتقاذفهم أهواء السياسيين في كل اتجاه. وقال شوقي رابح، الكاتب العام لجمعية الجالية السورية بتونس في تصريح لجريدة الصباح إن عدد المقيمين السوريينبتونس لا يتجاوز 1000 شخص، أما بالنسبة للاجئين منهمفهو بين 3000 و4000 لاجئ، في حين تتحدث المفوضية السامية للاجئين رسميا عن 600 طالب لجوء فقط.
وفي غياب التمثيل الدبلوماسي اثر قطع العلاقات بين البلدين يعاني السوريون الأمرّين عند تجديد وثائقهم، إذ يضطرون إلى الذهاب إلى سفارة سوريا بالجزائر، كما يشتكون، حسب شوقي رابح من التعطيل والتماطل غير المسبوق للسلطات المعنية فيما يتعلق بإجراءات الإقامة، فتدوم تلك الإجراءات لشهور وقد تتجاوز السنة في بعض الأحيان.
رسميا تؤكد السلطات التونسية أنها تعامل هؤلاء مثل التونسيين تماما. وأكدّ كاتب الدولة للهجرة بلقاسم الصابري في تصريح لإذاعة "جوهرة" التونسيةأن "سلطات بلاده تعامل اللاجئين السوريين معاملة التونسيين، إذ لافرق بينهم وبين أي تونسي من حيث التمتع بالحقوق كالصحة والتعليم"، وأضافأن الدولة "تسعى إلى توفير حاجيات ومتطلبات حوالي 4000 آلاف لاجئ سوري في نطاق الإمكانيات المتوفرة لديها والتي"لا تسمحباستقبال المزيد منهم في الوقت الحاضر".
شعور بالتقصير؟
يلاحظ محمد إقبال بن رجب، رئيس جمعية إنقاذ التونسيين العالقين بالخارج في حديث معDW انّ "هنالك شعور بالذنب تجاه أوضاع المهجرين واللاجئين من قبل عائلات مقاتلين تونسيين في سوريا خصوصا وأن أبناءهم وبناتهم يساهمون في عدم الاستقرار القائم في سوريا".
ويحمل الكثير من الناشطين الحكومة الائتلافية السابقة مسؤولية مشاركة الشباب التونسي في الحرب الدائرة في البلد.
ويرى الناشط الإعلامي زياد الهاني في تصريح لـ DWعربية أن تورط شباب تونسي في الحرب السورية "يدعو إلى الانزعاج لما خلفته هذه العملية من مآس بالنسبة للسوريين، ضحايا الإرهاب، وللعائلات التونسية التي تعاني من ذهاب فلذات كبدها الى الموت الأكيد."
ومع تواصل الحرب في سوريا وهجرة آلاف السوريين تعرّف التونسيون عبر متابعة ما يحصل هناكمن الدمار الذي حلّ بالمنطقة وحجم المعاناة التي يعيشها الناس. ويقول زياد الهاني أنه"حصل في تونس تطور في موقف الرأي العام من الأزمة السورية. فحجم الخراب والدمار... جعل الرأي العام ينقم عليهم."
تقبل شعبي لاستقبال اللاجئين
ويتزايد لدى المواطنين الشعور بالتقصير تجاه اللاجئين السوريين حيث ازدادت مواقف الترحيب بهم.ويؤكد محمد إقبال بالرجب ناشط في المجتمع المدنيأن الشعب التونسي مضياف ويتضامن مع الضعفاء، كما حدث مع اندلاع الثورة الليبية، إذ تم استقبال مئات الآلاف من العائلات الليبية الباحثة عن الأمان والسلام".
ولا تخرج عائلات المقاتلين التونسيين في سوريا عن هذا السياق العام. ويقول بوجمعة العياري، وهو أب لمقاتل تونسي مسجون لدى النظام السوري: " إن الحرب في سوريا مأساة إنسانية متواصلة حطّمت بلدا وشرّدت الآلاف، وأمام ما ينقل إلينا عبر التلفزيون من صور للاجئين ورحلاتهم المحفوفة بالخطر ينسى الإنسان مأساته الخاصة وفلذة كبده". ويتساءل"لما لا تساعدهم الدول العربية فتأوي العائلات التي تشردت وتوفر لهم ظروف العيش الكريم؟". ويؤكد "لماذا لا نستقبل لاجئين في تونس، ونتقاسم معهم الخبز؟"، ويضيف"أين رجال الأعمال والنواب، أين القوى الحية في البلد؟"
ورغم معاناته بسبب غياب ابنه عنه، والذي كان طالبا بمعهد اللغات الحية بتونس، فما فتئ بوجمعة يحذر من شبكات الهجرة التي سفّرت ابنه إلى ليبيا ثم إلى سوريا، موضحا: "أنه تم التغرير بابني وغسل دماغه واستغلت ظروفه الاجتماعية الصعبة لإرساله إلى سوريا." ملاحظا أنه يجب على الحكومة في حربها على الإرهاب أن تواجه الظروف الاجتماعية لبعض فئات الشعب الفقيرة ، حيث إن الشباب، حسب رأيه، معرض لكل المخاطر، مثل ركوب قوارب الموت إو الذهاب إلى بؤر التوتر والحروب.