تونس.. أمهات المفقودين في البحر يطالبن بـ"حقيقة" مصيرهم
١٣ سبتمبر ٢٠٢٢في جرجيس، المدينة المعروفة بأنها نقطة انطلاق لقوارب المهاجرين في جنوب تونس، نظمت يوم الثلاثاء 06 أيلول/سبتمبر، مسيرة لأهالي المهاجرين الذين فقدوا في البحر. بالنسبة لهؤلاء الأمهات، فإن الأمر يتعلق بإحياء ذكرى أبنائهن الذين قاموا بعبور البحر الأبيض المتوسط قبل أن يختفوا، في ظروف غير معروفة، وتأتي هذه المظاهرة كمحاولة لمعرفة الحقيقة وراء اختفائهم.
قالت فاطمة كسروي، إحدى المتظاهرين والتي فقدت ابنها في 2011، "نحن نكافح من أجل معرفة الحقيقة بشأن أبنائنا. نظمنا اعتصامات، لكننا لم نحصل على أي نتائج. كيف يمكن للسلطات التونسية أن تكتفي بإخبارنا بأن أبنائنا قد اختفوا ببساطة؟".
تم تنظيم هذه الوقفة في يوم يوافق مرور 10 سنوات على غرق قارب غادر صفاقس وعلى متنه 130 مهاجرا، نجا منهم 56 شخصا فقط. وبعد عقد من الزمان، لا تزال هناك أسئلة كثيرة حول العديد من المفقودين من هذا القارب، الذي يعتبر حالة واحدة من بين العديد من الحالات الأخرى المشابهة.
محاولات عبور المتوسط انطلاقا من تونس ازدادت بشكل ملحوظ مؤخرا، خاصة في فصل الصيف عندما تكون الأحوال الجوية جيدة. بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد منذ أشهر.
منذ بداية العام، لقي 1.021 شخصا حتفهم أو اختفوا في وسط البحر الأبيض المتوسط أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا، وفقا لبيانات من المنظمة الدولية للهجرة. وفي العام السابق، لقي 1.533 شخصا حتفهم على الطريق ذاته.
"نريد ألا يكون هناك المزيد من الحدود، وألا يضطر الحراقة لركوب البحر للعثور على حياة أفضل"
في تقرير نشره مركز الإنقاذ البحري والتنسيق للأشخاص المنكوبين في وسط البحر الأبيض المتوسط، تم تأكيد أن حالات الوفاة والاختفاء هذه "ليست طبيعية أو حتمية". واستنكر التقرير أن هذه المآسي "تحدث كرد فعل على سياسات التأشيرات والحدود التي وضعها الاتحاد الأوروبي في العقود الأخيرة".
الاتحاد الأوروبي يمنح تونس الغارقة بالديون مساعدات اقتصادية، في المقابل، من المفترض أن تمنع السلطات التونسية محاولات المهاجرين للوصول إلى أوروبا عبر سواحلها. لكن على الرغم من ذلك، لا تزال الشواطئ التونسية مسرحا لعمليات المغادرة السرية المنظمة.
عدد المآسي التي سببتها هذه المحاولات المحفوفة بالمخاطر كبير جدا، لدرجة أن السلطات تكافح لدفن رفات المهاجرين الذين غرقوا. حيث ترفض غالبية البلديات في البلاد تولي مسؤولية جثث المهاجرين، لتجد مدينة جرجيس نفسها وحيدة في مواجهة الغالبية العظمى من جثث المهاجرين التي يقذفها البحر على شواطئ مختلفة في جنوب البلاد. هناك الآن مقبرتان للمهاجرين في المدينة، تحتويان معاً على نحو 1000 جثة، ما يمثل الطاقة الاستيعابية القصوى للمقبرتين.
تتابع فاطمة كسروي، "لقد تعبنا، نحن متقدمون في السن. نريد ألا يكون هناك المزيد من الحدود، وألا يضطر الحراقة لركوب البحر للعثور على حياة أفضل".
ومن بين الحشود التي تجمعت يوم الثلاثاء، احتوت اللافتات والقمصان على شعارات مثل "أوقفوا العنف ضد المهاجرين" أو "نعم للعبّارات، ولا افرونتكس".
"في البحر نرى كل شيء. أشياء فظيعة لا توصف"
أما مجيد، وهو صياد من جرجيس وكان حاضراً خلال مسيرة يوم الثلاثاء، فقال "أتمنى حقاً أن تعرف هؤلاء النساء مصير أطفالهن".
وأضاف "نحن الصيادون ننقذ الناس منذ 20 عاما، ولا نهتم بمن هم هؤلاء الأشخاص ولا نطلب منهم جوازات سفرهم. نحن ننقذهم فقط. في البحر، نرى كل شيء. أشياء فظيعة لا توصف".
كما ألقى مجيد بلومه على السلطات التونسية، وقال "لا نتمتع بأي حماية للقيام بعمليات الإنقاذ التي نقوم بها. لكن السلطات التونسية، من جانبها، تستحوذ على أموال من أوروبا لإدارة قضية الهجرة، ولا سيما وضع الأشخاص في البحر".
وفي كثير من الأحيان، تحدث مواجهات بين الصيادين التونسيين ودوريات خفر السواحل الليبي، التي تأذن تونس لها بدخول مياهها لاعتراض قوارب المهاجرين. منذ اتفاقية عام 2016 مع الاتحاد الأوروبي، أصبحت طرابلس مسؤولة عن جزء من منطقة البحث والإنقاذ بالقرب من سواحل تونس.
ويعلق مجيد "هذا يعقد الوضع أكثر، إنه كابوس حقيقي".