تقرير يكشف مأساة اللاجئين في مخيمات جزيرتين يونانيتين
٢٨ يوليو ٢٠٢٠الظروف الصعبة التي يعيشها اللاجئون في جزيرتي كوس وليروس اليونانيتين، والتي سلط تقرير منظمة حقوق اللاجئين في أوروبا "RRE" الضوء عليهما، أكدتها كذلك شهادات لاجئين تواصلوا مع موقع مهاجر نيوز، وكتبوا عن تجاربهم المعيشية هناك.
أحد اللاجئين الذين تواصلوا مع موقع مهاجر نيوز عبر فيسبوك كتب مؤخرا إلينا قائلا إنه يعيش "في مخيم مغلق في اليونان. الوضع سيء للغاية". اللاجئ طالب وسائل الإعلام بالاهتمام بشكل أكبر بالظروف الصعبة التي يواجهها اللاجئون هناك وأوضح أن "كثيرا من الناس سيصيبهم الجنون بسبب سجنهم في هذه المخيمات المغلقة دون أي أفق واضح لمصيرهم". وتابع "لا توجد حقوق إنسان ولا حتى حقوق للسجناء هنا". وقال الرجل إنه متواجد في معسكر بيلي بجزيرة كوس "منذ أكثر من ثلاث سنوات".
وزعمت الرسالة الموجهة لمهاجر نيوز وجود "اضطهاد غير ظاهر" في المخيم وأن الهواتف المزودة بكاميرات ممنوعة "حتى لا يتم الكشف عن طبيعة الظروف هناك". وقال اللاجئ إن كاميرا هاتفه "كسرت قبل دخول المخيم". واتهم مسؤولي المخيم بكسر الهاتف، مؤكدا أنه لم يتسن لأي من سكان المخيم مقابلة أي من المحامين الذين وعدوا بتوفيرهم لهم، وقال إن المسؤولين أخذوا منهم أموالاً لتصريف أمورهم بشكل سري، حسب زعمه.
قصة مماثلة يرويها متابع آخر لصفحة مهاجر نيوز عبر فيسبوك حيث قال إنه وصل جزيرة كوس في ديسمبر/ كانون الأول 2019، وقال اللاجئ الذي عرف عن نفسه بأنه كان يدرس الطب أنه أصيب بالمرض والحمى بعد أشهر من وصوله، مرجعا ذلك إلى أن الجو في المخيم كان باردا وماطرا، وكانت خيمتهم مليئة بالمياه، ولم يتم تزويدهم بطعام صحي.
مخيمات مكتظة
أفادت منظمة حقوق اللاجئين في أوروبا RRE أن المهاجرين الذين يعيشون خارج المخيمات في كوس وليروس اضطروا للانتقال إلى المخيمات الرسمية أثناء الإغلاق الذي سببته جائحة كورونا. وأفاد التقرير أن البيانات في أبريل/ نيسان من هذا العام تظهر وجود حوالي 1997 شخصا بمخيم اللاجئين في جزيرة ليروس في مساحة تتسع لـ 860 شخصا فقط. كما بين التقرير وجود 2594 شخصا داخل مخيم استقبال اللاجئين في كوس بالرغم من أن المخيم مهيأ لاستقبال 860 شخصا فقط.
بداية يوليو/ تموز الجاري، اتصل طالب الطب الموجود في المخيم بموقع مهاجر نيوز مرة أخرى، وأرسل مقاطع فيديو لما يبدو أنه احتجاج داخل المخيم. حيث رفع أحد الرجال لافتة كتب عليها "أنا لست مجرما"، فيما بدا آخرون وهم يضربون بزجاجات المياه على الأرض احتجاجا. وكانت الصور الواردة تظهر هؤلاء المحتجين وهم حفاة.
كلتا الرسالتين أظهرتا إحباط سكان المخيمات القاطنين في جزر ليروس وكوس واقتناعهم بأن معاناتهم باتت غير ظاهرة، حيث يتم التركيز على المخيمات الكبيرة في الجزر مثل ليسبوس مقابل غياب شبه تام للحديث عن معاناتهم في وسائل الاعلام.
وأظهر تقرير منظمة RRE عن بقاء حالات الإغلاق في مخيمات اللاجئين في العديد من الجزر اليونانية بالرغم من تخفيف القيود في معظم أنحاء البلاد.
كما لم يتم سداد المستحقات النقدية للاجئين، والتي تقدم بدلا شهريا لطالبي اللجوء في اليونان منذ نهاية شهر مارس/ آذار لأن الحكومة كانت مشغولة بتركيب آلات صرف بالقرب من المخيمات "لمنع الناس من الذهاب إلى المدن والقرى المجاورة منعا لحدوث ازدحام مع السكان. وأوضح التقرير "هذا يعني أن سكان المخيم لم يتمكنوا من الحصول على الطعام كما في السابق".
مدرس اللغة الإنجليزية باسم "أ" قال لباحثي RRE: " إن الطعام المقدم للاجئين داخل المخيم غير صالح للأكل وأوضح "أن 90 بالمائة من الطعام المقدم تم التخلص منه" ... وقال: "لقد كنا على ما يرام مع الوضع قبل الإغلاق حيث كنا نخرج ونشتري الطعام ونطهو بأنفسنا، لكن الآن علينا الاعتماد على الطعام المقدم من المخيم، وهو لا يمكن تناوله" بحسب مدرس اللغة الانجليزية.
"الشرطة تضرب الرجال والنساء"
أحد اللاجئين أوضح لمعدي التقرير أن الشرطة سمحت لـ 65 شخصاً فقط بمغادرة المخيم، وقال "كنا أكثر من ألف شخص، لكن الشرطة منعتنا وقامت بالاعتداء على النساء والرجال لمنعهم من التحرك". وبين التقرير أن المنشآت الطبية والعزل الموعودة "لم تعد موجودة" وأن هناك نقص في إمدادات المياه الصالحة للشرب.
وقالت كاتارينا كاهانا، أحد الأعضاء المؤسسين لمنظمة إيكو 100 بلس الإنسانية، لمعدي التقرير أنهم يخشون من أن الإغلاق سيعني أن يصبح وضع الاعتقال المغلق "طبيعيا" وسيبقى كما هو حتى بعد التخفيف في الإجراءات التي شهدتها اليونان.
كما انتقد اللاجئان صاحبا البلاغ استمرار استخدام مرافق الاحتجاز في الجزيرتين خلال الوباء، الذي يقولون إنه ينتهك المادة الخامسة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. ونظرا لأن جميع الرحلات قد تم إغلاؤها أثناء القيود التي فرضتها الجائحة لم يتمكن الناس من المغادرة - مما يعني أنه لم يكن يجب احتجازهم. كما أشار التقرير إلى أن هناك "جودة منخفضة" لمقابلات اللجوء للقادمين لجزيرة كوس، ويتبين ذلك بطبيعة الأسئلة المطروحة على طالبي اللجوء.
وكانت مفوضة الشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي، يلفا جوهانسون قد أعلنت في مايو/ أيار من هذا العام أنه "سيتم توفير ما مجموعه 280 مليون يورو لإنشاء خمسة مراكز استقبال وتحديد هوية" متعددة الأغراض "جديدة في الجزر اليونانية في عام 2020".
في غضون ذلك، يواصل اللاجئون العيش في ظروف شبه مغلقة. وهذا له تأثير طويل المدى على صحتهم العقلية ورفاهيتهم كما يقولون. وبين أحد اللاجئين الذي عرف عن نفسخ بأنه خريج جامعي وسفير سلام سابق لمعدي التقرير، أنه لا توجد حماية للعائلات داخل المخيم. وأضاف أن "الشرطة لا تستطيع حمايتنا". وأبلغ معدي التقرير أنه وزوجته تعرضا "للتهديد والضرب من قبل أشخاص في المخيم"، وأنه بعد عام في الوصول للمخيم، أصبح في "حالة نفسية متعبة".
وأكد التقرير أن اللاجئين اشتكوا من سوء معاملة الشرطة لهم، وسلطوا الضوء على "الصفع واللكمات والركلات وكذلك الضرب بالهراوات والأجسام المعدنية على الجسم والرأس". بالإضافة إلى ذلك، ذكر البعض تعرضهم للضرب من قبل الشرطة أثناء التحقيق معهم بغرض انتزاع اعتراف منهم.
تقرير منظمة RRE يؤكد في الختام على أن "الظروف المعيشية في كل من كوس وليروس تتعارض بوضوح مع المادة 119 لحقوق الانسان والتي تحدد أن شروط الاستقبال المادي يجب أن توفر لطالبي اللجوء مستوى معيشي لائق يضمن معيشتهم ويعزز حياتهم الجسدية والعقلية الصحة، على أساس احترام كرامة الإنسان".
إيما واليس/ علاء جمعة