تنظيم "الدولة الإسلامية" يشكل تهديدا للقاعدة في وجودها
٣ يوليو ٢٠١٥تنظيم " الدولة الإسلامية" المعروف إعلاميا باسم "داعش" والذي أنشأه أبو مصعب الزرقاوي في العراق عام 2006 لمحاربة الجيش الأميركي ثم تزعمه أبو بكر البغدادي بات يهدد بإقصاء تنظيم القاعدة، الذي تقدم قادته في السن وباتوا يفتقرون إلى المبادرة على الأرض. في وقت اصبح تنظيم "الدولة الإسلامية" أول تنظيم إرهابي يسيطر على مساحات جغرافية شاسعة بين العراق وسوريا.
مأزق تنظيم القاعدة
ورأى توبياس فيكن وبنديكت ويلكنسون من المعهد الاسترالي للسياسة الإستراتيجية أن تنظيم "الدولة الإسلامية يمثل بالنسبة إلى تنظيم القاعدة مأزقا فعليا"، موضحين أن "الدولة الإسلامية تستقطب دائما الأضواء وتحتكر الدعاية التي ترتدي أهمية حيوية بالنسبة إلى المجموعات الإرهابية". وأضافا "لا تواجه القاعدة خطر أن يتجاوزها منافس فحسب، بل أن تزول تماما. فالصعود السريع لـ"الدولة الإسلامية" يشكل بالنسبة إليها تهديدا وجوديا".
ولاحظ الخبيران انه عبر اجتذابه آلاف المقاتلين من العالم اجمع إلى مناطق "الخلافة"، بات تنظيم الدولة الإسلامية "الخيار الأفضل بالنسبة إلى من يتطلعون إلى الجهاد. وفي هذا السياق، تهزم القاعدة في عقر دارها عبر خسارة العنصر البشري والإمكانات العسكرية الضرورية لـ(تحقيق) طموحاتها السياسية".
والواقع أن الانضمام إلى أنصار بن لادن على الحدود الباكستانية الأفغانية كان صعبا ومكلفا وخطيرا، في حين أن الانخراط في صفوف تنظيم "الدولة الإسلامية" في مناطق نفوذها لا يتطلب سوى التوجه إلى اسطنبول ثم الحصول على بطاقة تخول الصعود في حافلة.
وإذا كان العنف المفرط الذي يتقن التنظيم إبرازه إعلاميا يثير استياء الرأي العام الدولي، فانه يشكل قوة استقطاب لجمهور معين، خاصة لأولئك الذين يرغبون في الانضمام إلى الجماعات الإرهابية. وعلق جان بيار فيليو البروفسور في معهد الدراسات السياسية في باريس "في تونس والكويت، كما كان يحصل سابقا في اليمن أو السعودية، يريد داعش أن يزرع الرعب لدى السكان المستهدفين ويقدم نفسه على انه أكثر قسوة من منافسيه الجهاديين في القاعدة".
ازدياد حدة الانقسام
ومع مرور الأشهر، تزايدت الانشقاقات من نيجيريا إلى باكستان في صفوف الحركات الإسلامية المسلحة التي كانت أعلنت ولاءها لأسامة بن لادن لصالح "الخليفة إبراهيم"، وهو الاسم الذي يطلق على أبي بكر البغدادي. وبدأ هذا الأمر الخريف الفائت حين انضمت مجموعات في مصر وليبيا والجزائر واليمن والسعودية إلى البغدادي، حيث بدأت في تنفيذ أساليبه الوحشية ونهجه الإعلامي.
ففي مصر بات تنظيم "أنصار بيت المقدس" فرعا لتنظيم "الدولة الإسلامية" في سيناء وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات طالت الجيش والشرطة المصريين. والأربعاء، شن عشرات المسلحين هجمات منسقة على مواقع للجيش ما أسفر عن سبعين قتيلا على الأقل بين عسكريين ومدنيين.
وفي أفغانستان وباكستان، وحدهم قياديون من الصف الثاني أعلنوا ولاءهم حتى الآن لتنظيم "الدولة الاسلامية". لكن جماعة بوكو حرام القوية في نيجيريا انضمت إلى التنظيم في آذار/مارس وأطلقو على المنطقة اسم "ولاية غرب إفريقيا". وآخر المنضوين كانوا المتمردين الإسلاميين في روسيا الذين أعلنوا "ولاية القوقاز" في نهاية حزيران/يونيو.
اتهامات وتصفيات علنية
وكانت الانقسامات بين التنظيمين الإرهابيين بدأت قبل نحو عشرة أعوام عبر تبادل رسائل اتهم فيها قادة القاعدة الزرقاوي بارتكاب مجازر بحق الشيعة لا تخدم "القضية الجهادية". غير أن هذا الانقسام تحول اليوم إلى مواجهات.
ففي سوريا، تدور معارك منتظمة بين مقاتلي جبهة النصرة، فرع القاعدة في سوريا وعناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف إعلاميا باسم "داعش". والأمر نفسه يحصل في ليبيا للسيطرة على مناطق نفوذ أخرى.
واعتبر الخبراء أن الأمور بلغت نقطة اللاعودة حين بثت تنظيم "الدولة الإسلامية" الشهر الفائت شريطا مصورا يظهر قطع رؤوس 12 مقاتلا ينتمون إلى مجموعات مسلحة أخرى بينها القاعدة. وقد رد تنظيم "جيش الإسلام" المتحالف مع النصرة بإعدام 18 مقاتلا من تنظيم "الدولة الإسلامية" وتوثيق ذلك في شريط مصور.
ي ب/ م.س(أ ف ب)