تنامي الإقبال على الجامعات الخاصة في ألمانيا رغم رسومها المرتفعة
١٩ مايو ٢٠١٠يشهد الإقبال على الجامعات والمعاهد العليا الخاصة بألمانيا ارتفاعا ملحوظا في الآونة الأخيرة، بالرغم من ارتفاع رسومها الدراسية مقارنة مع مثيلاتها من الجامعات والمعاهد التابعة للدولة. وحسب ادارة الإحصاءات الإتحادية الألمانية فقد تضاعف عدد الطلاب المسجلين في المعاهد الخاصة في ألمانيا ثلاث مرات خلال السنوات العشر الأخيرة.
وتتباين نظرة الطلاب والخبراء في ألمانيا عندما يقارنون بين الجامعات الخاصة والعمومية، ومن أهم عناصر المقارنة:المستقبل المهني والرسوم والخدمات التي توفرها الجامعة والأجواء التي تسودها. ويبلغ عدد المؤسسات الجامعية الخاصة حاليا أكثر من مائة بين جامعات ومعاهد عليا خاصة، وتأتي هامبورغ في صدارة المناطق الألمانية من حيث عدد الطلاب والجامعات الخاصة.
المستقبل المهني أولا
وحسب احصاءات إدارة الإحصاءات الاتحادية (DESTATIS) فقد بلغ عدد الطلبة المسجلين في الجامعات الألمانية للفصل الدراسي الشتوي 10/2009 حوالي مليونين و119 ألف وخمسمائة طالب من بينهم 96100 طالب مسجلين في الجامعات والمعاهد العليا الخاصة أي ما يعادل %4,5 من مجموع الطلاب في ألمانيا، وهي نسبة لم تكن تتجاوز 1,4 في المائة قبل عشر سنوات.
ومن بين الأسباب التي تشجع الطلبة الألمان على الالتحاق بهذا الصنف من الجامعات والمعاهد؛ اعتمادها على برامج دراسية عملية تتوافق ومتطلبات سوق العمل. إضافة إلى التزام بعضها مع شركات بعقود شراكة وتعاون، يحصل الطلبة بموجبها على فرص للتدريب واكتساب الخبرة داخل مؤسساتها، الأمر الذي يرفع من حظوظ الطلبة ويمنحهم الامتياز داخل سوق العمل.
وتوجد أسباب من نوع آخر دفعت بعض الطلاب للدراسة في مثل هذه المعاهد، كعدم تمكنهم من الحصول على مقعد دراسي بالجامعة الحكومية، كما هو الحال بالنسبة للطالبة"آنا" التي تبلغ من العمر واحدا وعشرين سنة وتدرس تخصص إدارة المؤسسات الإعلامية في إحدى المعاهد العليا المتخصصة في الإعلام. وتقول آنا أنه لم يكن من خيار آخر أمامها غير الدراسة في جامعة خاصة، لأنها لم تستوف شروط القبول المعمول بها في الجامعات التابعة للدولة، وتوضح:"لم يكن بإمكاني في الجامعات الحكومية دراسة التخصص الذي أدرسه الآن، لأنني لا أتوفر على معدل النقاط المطلوب الذي يسمح لي بذلك" وتضيف: "في الجامعة الخاصة كان علي اجتياز امتحان قبول واختبار شفوي،كانا في المتناول".
طلاب الجامعات الخاصة يفتقدون أجواء "الحرم الجامعي"
لا تكمن أوجه اختلاف الجامعات والمعاهد العليا الخاصة عن نظيراتها الحكومية في البرامج الدراسية فحسب، بل تشمل حتى شكل بناياتها وهندسة مرافقها. فهي تتوفر على غرف صغيرة الحجم مقارنة مع مرافق الجامعات الحكومية، التي تكون في غالب الأحيان ذات مساحات شاسعة.
وتزود هذه المؤسسات مرافقها المختلفة بأحدث التقنيات والأجهزة، غير أنها لا تتوفر على بعض الفضاءات التي لا يمكن تصور أي جامعة حكومية بدونها، مثل المطعم الجامعي أو المجمع الرياضي، اللذان يلعبان دورا كبيرا في تقريب الطلاب من بعضهم البعض، وخلق تلك الأجواء الطلابية الحميمية التي لا يمكن تصور غيابها داخل الجامعة. مثل هذه الأجواء تفتقدها آنَا داخل جامعتها كما توضح قائلة: "في كثير من الأحيان ينتابني شعور بكوني لست طالبة بالمعنى الحقيقي، لأنني افتقد طقوسا معينة مثل الذهاب مع زملائي إلى مكتبة الجامعة أو الجلوس للدردشة معهم في قلب الحرم الجامعي".
وتحتل هامبورغ الصدارة من حيث عدد الجامعات الخاصة والطلاب المسجلين بها ويوجد بهامبورغ 50,7 في المائة من مجموع الطلاب المسجلين في جامعات خاصة بألمانيا، وتليها ولاية سارلاند بنسبة 33,4 في المائة ثم ولاية شمال الراين- وستفاليا بنسبة 23,5 في المائة.
رسوم مرتفعة وشعبية محدودة
تعتبر ظروف الدراسة والرسوم الجامعية من أهم نقاط الإختلاف بين الجامعات الخاصة والعمومية. ومن الإيجابيات التي تتميز بها المعاهد الخاصة عدم اكتظاظ فصولها بالطلاب وهو عنصر يرى فيه عدد من الطلاب والأساتذة عاملا إيجابيا في خلق أجواء تواصل وعلاقات إيجابية سواء بين الطلاب أو في علاقتهم مع أساتذتهم.
ويعتقد خبراء بأن الظروف الايجابية في الفصل تساهم في رفع جودة الدروس والبرامج الذي يسهر أساتذة متخصصون على إعدادها، ويمكنهم إضافة أقسام وتخصصات دراسية جديدة، قد تحقق لهذه المؤسسات امتيازات خاصة، كما يؤكد فولفرام هان رئيس رابطة الجامعات الخاصة بمدينة فرانكفورت: "بمقدور الجامعات والمعاهد العليا الخاصة خلق مزيد من التخصصات وبالتالي سد الثغرات التي تعرفها التخصصات الأكاديمية".
ورغم محاسن الجامعات والمعاهد الخاصة، تظل شعبيتها في ألمانيا محدودة مقارنة مع مثيلاتها في مناطق أخرى من العالم، ويرجع ذلك بالأساس إلى ارتفاع رسومها السنوية التي تتراوح بين ثلاثة آلاف وعشرة آلاف يورو بالنسبة للمعاهد العليا، وبين عشرة آلاف وعشرين ألف يورو في الجامعات.
الجامعات الخاصة هل هي حكر على الميسورين؟
تساهم بعض العوامل في الحد من شعبية الجامعات الخاصة ومن أهم تلك العوامل إنتشار أحكام مسبقة لدى شريحة مهمة من المجتمع الألماني حول المستوى الإجتماعي للطلاب الذين يدرسون في الجامعات الخاصة، مثلما تؤكد "كاتيا"، التي تدرس بإحدى الجامعات الحكومية: "لدى العامة يعتبر طالب المعهد الخاص ابنا لأبوين ميسوري الحال،ولديه شهادة ثانوية دون المستوى، لا تسمح له بمتابعة دراسته بجامعة حكومية" وتضيف:"البعض يظن كذلك أن المقام سيستقر بطلاب هذه المعاهد في آخر المطاف في مجال إدارة الأعمال".
بينما لا تجد آنا في هذه الصورة أمرا مفاجئا وتقول أن زملاءها ليس جميعهم من أسر ميسورة، وإنما هناك حضور كذلك لطلاب ينتمون لطبقات ذات دخل متوسط، فضل بعضهم الإستفادة من "القروض الدراسية" التي تمنحها بعض المؤسسات البنكية للطلاب لتغطية مصاريف دراستهم.
الكاتب: يوليا بيتزر/عادل الشروعات
مراجعة: منصف السليمي