تقرير يتهم الجيش الإسرائيلي وحركة حماس بارتكاب جرائم حرب خلال حرب غزة
١٦ سبتمبر ٢٠٠٩أطلقت إسرائيل حملة دبلوماسية قوية اليوم الأربعاء (16 سبتمبر/أيلول) في مسعى لاحتواء ما وصفته "بالآثار الضارّة والسّلبية" للتّقرير الذي أصدرته أمس الثلاثاء لجنة تقصّي الحقائق التابعة الأمم المتّحدة والذي اتّهم إسرائيل ومسلّحي حركة حماس بارتكاب جرائم حرب أثناء الحرب الأخيرة في قطاع غزّة. ونقلت وكالة فرانس برس تصريحات عن المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية إيغال بالمور يقول فيها: "سنبذل جهوداً دبلوماسية وسياسية هامّة على السّاحة الدّولية لوقف واحتواء الآثار الضارّة والسّلبية لتقرير اللّجنة". وأعرب بالمور عن قلقه من أن يخدش هذا التقرير صورة إسرائيل في الخارج قائلاً:"نخشى أن يضرّ هذا التقرير بصورتنا"، مشدّداً في الوقت نفسه على أن "التوصيات، التي جاء بها هذا التقرير متطرّفة للغاية لدرجة أن فرص تطبيقها قليلة".
اتهامات للجانبين بارتكاب جرائم حرب
وكانت لجنة تقصّي الحقائق التابعة للأمم المتّحدة برئاسة القاضي الجنوب إفريقي ريتشارد غولدستون، الذي كان ترأس الإدّعاء في محكمتي جرائم الحرب لرواندا ويوغسلافيا السابقة، قد أصدرت تقريراً أمس الثلاثاء قالت فيه إن: "إسرائيل استخدمت القوّة بشكل مفرط وانتهكت القانون الدّولي الإنساني خلال عمليّاتها العسكرية في قطاع غزّة في كانون الأوّل/ديسمبر وكانون الثاني/يناير الماضيين". كما وجّه التقرير انتقادات إلى الإجراءات التي اتّخذتها إسرائيل ضد السّكان المدنيين في قطاع غزّة خلال عمليّاتها العسكرية فيه.
كذلك اتّهمت اللّجنة الأممية التي تضمّ، إلى جانب غولدستون، ثلاثة خبراء آخرين في مجالات مختلفة تشمل القانون الدّولي والأسلحة، مسلّحي حركة حماس بارتكاب انتهاكات في حقّ الإسرائيليين. ووصف التقرير عمليّة إطلاق الصّواريخ الفلسطينية، التي أطلقت من قطاع غزّة على جنوب إسرائيل، "بجرائم حرب وربما ترقى إلى جرائم ضّد الإنسانية"، معلّلاً ذلك أن المسلّحين لم يميّزوا بين المدنيين والجنود. كما جاء في التقرير أن "الهجمات الصّاروخية وبقذائف المورتر أحدثت رعباً في المناطق التي وصلت إليها في جنوب إسرائيل وتسبّبت في فقدان أرواح وتعرض مدنيين لأضرار جسدية وذهنية فضلا عن الخسائر بالمباني والممتلكات". يشار في هذا السّياق إلى أن إسرائيل قالت إن إطلاق الصّواريخ من غزّة على أراضيها كان السّبب في شنّها العملية العسكرية وأنّها لم تكن تستهدف السكّان الفلسطينيين.
وأشار التقرير أيضا إلى العنف الفلسطيني الدّاخلي خلال الحرب، مشيراً إلى عمليّات إعدام حدثت خارج نطاق القضاء وإلى الاعتقالات التعسّفية. وطالب رئيس اللّجنة الأممية غولدستون مسلّحي حركة حماس بإطلاق سراح جلعاد شاليط، الجندي الإسرائيلي الذي أسر في عام 2006.
الحكومة الإسرائيلية ترفض الاتهامات وحماس تصفه بالـ"سياسي وغير المتوازن"
من جهتها ردّت إسرائيل بسرعة في بيان أصدرته بعثتها الدبلوماسية في جنيف انتقدت فيه بعثة غولدستون وفسّرت سبب رفضها التعاون معها. وجاء في البيان أن: " تكليف لجنة تقصّي الحقائق كان منحازاً بوضوح ويتجاهل آلاف الهجمات الصّاروخية التي شنتّها حماس على المدنيين في جنوب إسرائيل والتي جعلت عملية غزّة ضرورية." من ناحية أخرى، ذكرت صحيفة هاآرتس عن مسؤول بارز، لم تكشف عن هوّيته، قوله إن "الهدف هو تجنّب منحدر يمكن أن يقود إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي". وأفادت الصّحيفة الإسرائيلية أن نتانياهو والرّئيس الإسرائيلي ووزير الدّفاع يعتزمون إجراء اتّصالات بنظرائهم في أنحاء العالم لإقناعهم بأن التقرير "متحيّز وغير متوازن".
كما رفض متحدث باسم حماس في قطاع غزة الاتّهامات الموجّهة إلى حركته مؤكداً أن "إطلاق صواريخ على إسرائيل يمكن أن يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية". وقال إنّه "كان دفاعا عن النّفس وهو حق مقدّس بمقتضى القانون الدولي." واعتبرت الحركة تقرير اللجنة "تقريراً سياسياً وغير متوازن"، مطالبة المجتمع الدولي بإحالة القادة الإسرائيليين أمام القضاء.
الأمم المتحدة تطالب الجانبين بإجراء تحقيقات
على صعيد آخر، طالبت اللجنة الأممية السّلطات في إسرائيل وقطاع غزة "بإجراءات مستقلة تقوم على حسن النية" للتحقيق في الجوانب الخاصة بها في غضون ستة أشهر، وإلاّ سيحيل مجلس الأمن الدولي القضيّة إلى الإدّعاء في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. ومن المقرّر أن تقدّم البعثة تقريرها إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في وقت لاحق هذا الشهر في جنيف.
(ش.ع / أ.ف.ب / د.ب.أ / رويترز)
مراجعة: سمر كرم