تقرير "مراسلون بلا حدود": حرية الصحافة تتدهور في أوروبا أيضا
٢١ أكتوبر ٢٠٠٩مثل كل سنة قدمت منظمة "مراسلون بلا حدود" في باريس تقريرها السنوي عن وضع حرية الصحافة في 175 دولة في العالم للعام الحالي 2009 والذي يتضمن أيضا لائحة بالمراتب التي احتلتها هذه الدول استنادا إلى معايير محددة. واعتمدت المنظمة التي أجرت تحقيقاتها حول مدى التزام سلطات هذه الدول بالحرية الصحافية معيار التدخلات السياسية والقمعية ضد الصحافة والصحافيين العاملين في المؤسسات الإعلامية ومدى الجهود المبذول منها لاحترام حقوق الإنسان والتسهيلات المقدمة للإعلاميين. وأجرت المنظمة التحقيقات اللازمة بالتعاون مع مؤسسات شريكة ومع صحافيين وباحثين وقانونيين ومدافعين عن حقوق الإنسان في الدول المعنية في الفترة الفاصلة بين أيلول (سبتمبر) 2008 ونهاية آب (أغسطس) 2009ووصلت إلى استنتاجات هامة.
تزايد التدخلات السياسية في فرنسا وإيطاليا
ومن أهم المتغيرات التي طرأت على حرية الصحافة والتعبير في أوروبا مقارنة بلائحة السنة الماضية التدهور الملموس في هذه الحرية بعد تزايد التدخلات السياسية لدى وسائل الإعلام من جانب كبار المسؤولين مثل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في فرنسا التي تراجعت ثماني درجات على اللائحة لتحلَّ في المرتبة الـ 43 ورئيس الحكومة سيلفيو برلسكوني في إيطاليا التي تراجعت خمس درجات لتحتلَّ المرتبة الـ 49. وتراجع أيضا مراتب سلوفاكيا وبلغاريا إلى الحد الذي أشار تقرير المنظمة إلى أن دول أوروبا الجنوبية جاءت في آخر سلّم مجموعة الدول الأوروبية. كما تراجع موقع تركيا المرشحة لدخول الاتحاد الأوروبي عشرين درجة لتهبط إلى المرتبة 122. وفي المقابل تحسَّن ترتيب عدد من الدول الإفريقية ودول أمريكا اللاتينية مثل جنوب أفريقيا وغانا والأوروغواي.
ورغم النتائج السلبية في عدد من الدول الأوروبية لا تزال دول أوروبية أخرى تحتل المراتب الـ 15 الأولى في اللائحة بينها الدانمارك وفنلندا وأيرلندا التي احتلَّت المراكز الثلاث الأولى، يضاف إليها استراليا واليابان وكندا والولايات المتحدة لتكتمل بهم الدول العشرين الأفضل. وجاءت ألمانيا في المرتبة الـ 18 متقدمة درجتين عن عام 2008 فيما ساعد النهج السياسي الجديد للرئيس الأميركي باراك أوباما بلده على تحسين وضعه على اللائحة بمقدار 16 درجة حسب ما ذكر التقرير.
الكويت ولبنان والإمارات تتقدم على إسرائيل
وفي ما يتعلق بحرية الصحافة في المنطقة العربية والشرق الأوسط سجل التقرير تطورات جديرة بالذكر. فقد تقدمت الكويت مرتبة واحدة لتحتل المركز الـ 60 يتبعها لبنان في المركز الـ 61 متقدما خمس درجات عن لائحة العام الماضي. وحلَّت الإمارات العربية المتحدة في المرتبة 86 وقطر في المرتبة 94 وعُمان في المركز الـ 106 تتبعها الأردن (111). هذا وجاءت البحرين في المركز (119) والمغرب (127)، والجزائر (141)، ومصر (143) والعراق (145) والسودان (148) وتونس (154) وليبيا (156). أما مناطق السلطة الفلسطينية فجاءت في المركز الـ (161) متبوعة بالسعودية (163) وسورية (165) واليمن (167). أما إسرائيل فتراجعت 47 درجة دفعة واحدة لتحتل الآن المركز الـ 93، وحلَّت إيران في ذيل اللائحة تقريبا في المرتبة الـ 172 متقدمة على تركمنستان وكوريا الشمالية وأرتيريا فقط.
وجاء في التقرير أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزَّة أثَّر سلبا على حرية الصحافة والصحافيين في إسرائيل التي لم تعد تترأس للمرة الأولى لائحة دول الشرق الأوسط في ما يخص حرية الصحافة. وحلّت إسرائيل بدرجات عدة خلف الكويت ولبنان والأمارات العربية المتحدة. وبالنسبة إلى مركز إيران المتدهور ذكر التقرير أن القمع والملاحقات والاعتقالات التي تعرض لها الصحافيون خلال العام الجاري بسبب الانتخابات الرئاسية التي جرت، وكذلك تشديد الرقابة الحكومية على وسائل الإعلام أرجع البلد ست درجات على اللائحة إلى الوراء.
تدخل السلطات في العمل الإعلامي
وشددت المتحدثة الصحافية باسم فرع "مراسلون بلا حدود" في ألمانيا أنيا فيول في حديث مع الموقع العربي لـ "دويتشه فيله" على عدم التقليل من شأن التدهور الحاصل في مجال حرية الصحافة في أوروبا والعالم قائلة "إن الأمر يعود إلى تزايد تأثير الممارس من جانب السلطات السياسية على وسائل الإعلام، خصوصا القطاع العام منها". وأضافت في هذا السياق "أن مثلي ساركوزي وبرلسكوني يدلان على وجود نزعة قوية للتأثير في عمل هذه الوسائل وتوجيهها من خلال وضع قوانين جديدة لتنظيم الإعلام في البلاد والسيطرة عليها".
الكاتب: اسكندر الديك - برلين
مراجعة طارق أنكاي