تقرير أمنستي: الحكومات استغلت الوباء والتقنيات لقمع المعارضة
٢٩ مارس ٢٠٢٢
"عام 2021 كان عاما مليئا بالوعود، لكن الواقع جاء بشكل مختلف تماما"، هكذا يلخص فيليب لوثر، المسؤول عن شمال إفريقيا والشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية (أمنستي) نتائج التقرير السنوي للمنظمة.
تبحث المنظمة كل عام التطورات الحقوقية في 154 دولة وتقدم رصدا شاملا لأهم الاتجاهات في وضع حقوق الإنسان حول العالم. في عام 2021 كان هناك أمل للناس في جميع أنحاء العالم "للخروج من الوباء بشكل عادل". لكن وحسب لوثر، المشارك في إعداد التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية، فإن الدول الأكثر ثراءً على وجه الخصوص منعت تصنيع و توزيع اللقاحات على نطاق واسع. ويوضح التقرير أن "أقل من ثمانية بالمائة من سكان إفريقيا البالغ عددهم 1.2 مليار شخص هم من تم تطعيمهم بالكامل حتى نهاية العام، وهو أقل معدل في العالم وبعيدا عن هدف منظمة الصحة العالمية المتمثل في تطعيم 40 بالمائة من السكان."
بيد أن غياب اللقاح لم يكن الشيء الوحيد الذي ترك خيبة أمل في عام 2021، إذ تظهر الدراسة أن العديد من الحكومات استخدمت الوباء لقمع المعارضين وتقييد المجتمع المدني. وبهذا الخصوص يقول لوثر في حوار مع DW "هذا الأمر ينطبق على جميع المناطق وهو أحد الأسباب التي جعلتنا نسلط الضوء عليه في تحليلنا الدولي. فبعض الحكومات استخدمت الوباء عمداً كذريعة لتقييد حرية التعبير". ومن الأمثلة على البلدان التي قمعت فيها الاحتجاجات وتعرض المدافعون عن حقوق الإنسان فيها للخطر، جاء ذكر كمبوديا وروسيا والصين والعديد من البلدان الأخرى.
وبعيدا عن كورونا أيضا تعرض المجتمع المدني حسب منظمة العفو الدولية للضغط، وهو ما تؤكده أيضا منظمات دولية أخرى على غرار منظمة "خبز للعالم" المسيحية غير الحكومية. وتقول زيلكه بفايفر رئيسة قسم حقوق الإنسان والسلام بالمنظمة في حديثها مع DW "هناك العديد من الاستراتيجيات التي تجعل من الصعب على المجتمع المدني العمل في مناطق مختلفة من العالم. وهذا الأمر يستهدف من جهة ناشطين كأفراد يتعرضون للتمييز والتهديد بل للاضطهاد وحتى القتل ". ومن جهة أخرى، هناك استراتيجية لخلق بيئة "تصعب باستمرار من عمل منظمات المجتمع المدني وهذا يصل إلى حد إغلاق المنظمات غير الحكومية، ونحن نرى ذلك مرارًا وتكرارًا." وكمثال على ذلك: إقدام رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا على إغلاق 25 منظمة غير حكومية. إحداها هي منظمة شريكة لـ"خبز للعالم".
توظيف التقنية الرقمية ـ سيف ذو حدين
إحدى الطرق التي تستخدمها الجهات الحكومية وغير الحكومية والتي جاءت في التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية وأكدتها منظمة "الخبز للعالم"، هو الاستخدام المتزايد للتكنولوجيا. ويصف لوثر هذا التطور بأنه "سيف ذو حدين" ويقول بهذا الخصوص "من الواضح أن السلطات تستخدم التكنولوجيا الرقمية في نواحي إيجابية عدة، ولكن الطريقة التي تستخدمها فيما يخص التأثيرات على حقوق الإنسان غالبًا ما تكون سلبية وتنفذ بشكل سري". ويضيف لوثر "في الكثير من الحالات تحاول الحكومات أيضا تعطيل أو التشويش على الأجهزة التي تسمح لمكونات المجتمع المدني بتبادل المعلومات فيما بينهم ونشرها بشكل أفضل".
ويستشهد التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية على ذلك بالعديد من الأمثلة منها: أطول إغلاق للإنترنت عرفته منظمة العفو الدولية على الإطلاق والذي امتد من 4 أغسطس 2019 إلى 5 فبراير 2021 في جامو وكشمير شمال الهند وأيضا استخدام تقنية التعرف على الوجه في الاحتجاجات في موسكو والتي سهلت عملية الاعتقالات. بالإضافة إلى الاستخدام المفرط لبرنامج التجسس بيغاسوس Pegasus ضد الصحفيين والمعارضين ونشطاء حقوق الإنسان.
ويوضح لوثر بالقول "شاهدنا كيف أن السلطات تقوم في وقت محدد وبطريقة تكتيكية بوقف الإنترنت لمنع الناس من تبادل معلومات عن احتجاجات محتملة أو لتنظيم أنفسهم للاحتجاج على القمع في البلاد. فالأمر ليس صدفة وإنما الهدف منه تكميم أفواه المجتمع المدني".
بدورها تؤكد زيلكه بفايفر من منظمة "الخبز للعالم" هذا الأمر، وتعتبر أن الإنترنت وسيلة مهمة لتنظيم المجتمع المدني وتعبئته، وتضيف بهذا الخصوص "لكن في الوقت ذاته نلمس أيضا أن الحكومات وغيرها من الجهات الفاعلة أصبحت تملك أجهزة رقمية متطورة وتنهج إجراءات مشددة ضد الحرية على الإنترنت من خلال الرقابة وإيقاف خدمات الإنترنت وأيضا من خلال المراقبة الجماعية. كما أن الإنترنت، وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي تحولت أيضا إلى فضاء تنتشر فيه الكراهية والعنف بشكل كبير".
الأمل قائما
بعد عام 2021 الذي تميز بالوباء، وتعرض فيه المجتمع المدني للضغوطات وأساءت فيه الأجهزة الحكومية استخدام سلطتها عبر الإنترنت أو غيره، يقدم التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية بصيص أمل، إذ جاء في مقدمة التقرير التي كتبتها الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنياس كالامارد "إذا كان أصحاب السلطة قد افتقروا في عام 2021 إلى الطموح والخيال الواسع لمحاربة أعظم أعداء للبشرية، فإن هذا الأمر لا ينطبق على الناس الذين كان ينبغي عليهم تمثيلهم".
ووفقا لذلك فقد خرج في عام 2021 الناس في 80 بلدا للشوارع للتظاهر من أجل حقوقهم، في روسيا والهند وكولومبيا والسودان ولبنان. وهو يعلمون أن التزامهم هذا يمكن أن يكون له عواقب بعيدة المدى.
وبالنسبة لفيليب لوثر من منظمة العفو الدولية، ينبغي التركيز على شيء واحد في عام 2022 وهو: "يجب أن نبني على شجاعة هؤلاء المتظاهرين".
ليزا هينيل/هـ.د