تفشي "وباء الكوكائين" ـ برلين تخسر حرب القضاء على المخدرات
٢٣ يونيو ٢٠١٩قدمت شرطة برلين وخبراء الإدمان وممثلو النوادي الليلية في العاصمة الألمانية دعوات إلى برلمان برلين لمناقشة عاجلة لسياسة مكافحة المخدرات فيها، وذلك بسبب ارتفاع عدد جرائم المخدرات في عام 2018 وبنسبة 7.4 بالمائة. بالإضافة إلى أن الكوكائين و"إكستازي" والقنب صارت متاحة في أماكن أكثر في العاصمة، حسب ما ذكرت صحيفة "بوتسدامر نويسته ناخريشتن" الألمانية. وطالب خبراء باتخاذ إجراءات صارمة حتى ضد حمل وتعاطي كميات صغيرة من الكوكائين.
ونقلت الصحيفة عن أولاف شريم رئيس قسم التحقيق في قضايا المخدرات في مكتب التحقيق الجنائي ببرلين قوله:" هناك إشارات على تفشي وباء الكوكائين، يجب أن نجد طريقة جديدة للتعامل مع الكميات الصغيرة للكوكائين".
ولا يسمح قانون مكافحة المخدرات بتتبع كميات قليلة من المخدرات. ووافقت حكومة ولاية برلين على السماح بحمل 15 غراما من القنب للاستخدام الشخصي، وغالبا ما يتم وقف الإجراءات القانونية بحق حاملي هذه الكمية، وذلك أيضا لتخفيف ضغط العمل الكبير المفروض على الشرطة والسلطات القضائية. وذكر أولاف شريم للصحيفة أن حوالي 75 بالمائة من جميع قضايا المخدرات في برلين تتعلق بقضايا استهلاك.
أما في كواليس الحياة الليلية الصاخبة في العاصمة الألمانية، فيتم تعاطي المخدرات آلاف المرات، كما ذكرت صحيفة "تاغيس شبيغل" البرلينية التي أجرت تحقيقا استقصائيا مطولا عن هذا الموضوع ونشرته بعنوان "برلين تخسر الحرب على المخدرات". ويتم مثلا تعاطي المخدرات في غرف المراحيض التابعة للنوادي الليلية، ويكون هناك شخصان أو ثلاثة أو أربعة في نفس الوقت في غرفة المرحاض لتعاطي المخدرات، فيما تنتظر مجموعة أخرى دورها أمام الغرفة.
ولم تنفع محاولات المدينة المتكررة في منع هذه المشاهد. وعلى الرغم من المراقبة المكثفة في المطارات والموانئ ، ورغم جميع الدوريات التي تقوم بها الشرطة للقبض على تجار المخدرات، انخفضت أسعار الكوكائين في أوروبا على مر السنين، وذلك بسبب ارتفاع الكميات المعروضة منه، وهذا ما يشمل برلين أيضا، نقلا عن الصحفية
وقبل الوحدة الألمانية كانت منطقة شرق برلين لا تعرف الكوكائين وكان يتم تهريبه من غرب برلين إلى شرقها. أما الآن فيتم بيعه عبر "تكسيات للكوكائين" و"باعة متجولين" ويتم الاتصال بهم هاتفيا. ويتم نقل "البضاعة" خلال ساعة واحدة فقط للمستهلك. وتباع أنبوبة صغيرة مليئة بالكوكائين بنحو 60 يورو، نقلا عن صحيفة "تاغيس شبيغل" البرلينية.
يضاف إلى أن جرائم حيازة الكوكائين قد ارتفعت في العام الماضي بصورة كبيرة وبنسبة 17 بالمائة ووصلت إلى 1400 جريمة. وذكر التقرير السنوي الصادر عن مرصد مراقبة المخدرات في بروكسل التابع للاتحاد الأوروبي أن آثار الكوكائين التي تم قياسها في مياه التصريف الصحي في برلين قد تضاعفت خلال ثلاث سنوات. وذكر خبراء المرصد الأوروبي أن آثار الكوكائين في مياه الصرف الصحي بمدن أوروبية كبيرة أخرى مثل دورتموند الألمانية وأمستردام الهولندية وبريستول البريطانية كانت أكبر بكثير مما وجد في برلين، وهو ما يشير إلى وجود توجه عام وواضح في أوروبا وأن استهلاك الكوكائين مرتفع بشكل قياسي.
ويتم النقاش حاليا في ولاية برلين لإيجاد حلول لقضية المخدرات. ودعا بعض الساسة وخاصة من قبل الائتلاف اليساري الحاكم في برلين إلى تخفيف الإجراءات المتبعة ضد مستهلكي كميات صغيرة من المخدرات، فيما دعت أحزاب معارضة في برلمان المدينة متمثلة بالحزب المسيحي الديمقراطي وحزب الأحرار والبديل اليميني الشعبوي، باتخاذ إجراءات أكثر صرامة.
ونقلت صحيفة "تاغيس شبيغل" عن نوربرت سيوما رئيس نقابة الشرطة في برلين قوله:" نعتقد أن تقنين أي نوع من المخدرات يعد أمرا خطيرا جدا، لأنه سيجلب في كل الأحوال تأثير سلبي في سلوك الأشخاص". ومن يتعاطى هذه المخدرات لا يمكنه التحكم بحواسه بصورة طبيعية ويعرض الآخرين للخطر. بالإضافة إلى أنه من غير الواضح فيما إذا كان تقنين بيع المخدرات سيقود إلى جرائم بعدد أقل، لأنه سيتعين على المستهلكين أخيرا دفع أسعار المخدرات".
ز.أ.ب/ع.ج.م