تفجيرات البيجر- ما هو رد حزب الله ومصير الجهود الدبلوماسية؟
٢٠ سبتمبر ٢٠٢٤ما لا يقل عن 37 قتيلًا وحوالي 3000 جريح، العديد منهم من حزب الله ، بالإضافة إلى سفير إيران في لبنان، مجتبى أماني: هذه حصيلة موجة الانفجارات المتزامنة لمئات أجهزة الاستقبال اللاسلكية في مناطق مختلفة من لبنان.
حزب الله يستخدم أجهزة الاستقبال اللاسلكية – المعروفة باسم "البيجر" – لأنه لا يمكن تتبعها على عكس الهواتف المحمولة. وفقًا لتقارير إعلامية، يُعتقد أن إسرائيل قد تمكنت من اعتراض أجهزة البيجر من طراز "غولد أبولو" دون أن تُكتشف، وزرعت فيها متفجرات. ثم أرسلت هذه الأجهزة إلى حزب الله وتم تفجيرها بشكل متعمد. يتهم حزب الله وحليفته إيران إسرائيل بالوقوف وراء هذا الهجوم.
وفي يوم الأربعاء (18 سبتمبر/ أيلول 2024)، بعد يوم من انفجار أجهزة البيجر، لقي ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص حتفهم وأصيب أكثر من مائة آخرين في موجة انفجارات لأجهزة الووكي-توكي. وقد أكدت ذلك الوكالة الوطنية للأنباء اللبنانية والسلطات اللبنانية.
عملية إسرائيلية؟
حتى الآن، لم تعترف إسرائيل رسميًا بمسؤوليتها عن هذه الهجمات. ولكن هذه الانفجارات وقعت في سياق الصراع العنيف المستمر بين إسرائيل وحزب الله منذ هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر الإرهابي وحرب غزة. حيث يقوم حزب الله بقصف الحدود الشمالية لإسرائيل، ما أدى إلى نزوح أكثر من 60 ألف إسرائيلي من منازلهم. وفي المقابل، اضطر حوالي 110 آلاف لبناني إلى الفرار من الجنوب اللبناني إلى أجزاء أخرى من لبنان.
تتحدث وسائل الإعلام الإسرائيلية في الغالب عن مسؤولية إسرائيل عن الهجوم. صحيفة "هآرتس" ذكرت أن قرار تفجير أجهزة "البيجر" قد تم اتخاذه بشكل سريع، وكان من المقرر في الأصل أن تبدأ العملية مع بداية المواجهة الأكبر المتوقعة. ولكن بعد أن اشتبه عنصران من حزب الله في أن الأجهزة معدلة، قررت إسرائيل تفجيرها قبل الموعد المخطط له. وأضافت الصحيفة أن "وحدات حزب الله العملياتية تم اختراقها بشكل كامل وتعرضت لأضرار كبيرة"، مما سيعزز الشعور بعدم الأمان داخل المنظمة ويضعف نظام القيادة والسيطرة فيها في المستقبل القريب.
الدبلوماسية الفاشلة بين إسرائيل وحزب الله
من المنظور الإسرائيلي، تأتي هذه العملية على خلفية غياب أي آفاق لتسوية دبلوماسية مع حزب الله، وفقًا لجيل موريشيانو، المدير التنفيذي لمعهد السياسات الخارجية الإقليمية الإسرائيلي (Mitvim) . ورغم أن إسرائيل اضطرت إلى تفجير أجهزة "البيجر" في وقت أبكر مما كان مخططًا، يقول موريشيانو: "في ظل صراع غير محسوم، والذي من المحتمل أن يتسع، يبدو أن العملية رسالة لحزب الله بأن إسرائيل تعتبر الوضع الحالي حربًا مفتوحة، والاستعداد للتصعيد جزء من هذه الحرب. الأمر لا يتعلق فقط باستغلال فرصة تكتيكية، بل هو تأكيد على أن إسرائيل ستتخذ كل الإجراءات الممكنة للحد من قوة حزب الله القتالية."
وبالنسبة لرد فعل حزب الله، يوضح الصحفي روني شطح، المقيم في بيروت ومدير موقع "The Beirut Banyan"، أن الرد لا يزال غير مؤكد. لكنه يعتقد أن الميليشيا، على الرغم من وقوع ضحايا مدنيين ومعاناة إنسانية كبيرة، لن تسعى إلى انتقام واسع النطاق. "بعد 7 أكتوبر، تتجنب جميع الأطراف العودة إلى سيناريوهات مشابهة لما حدث في يوليو/ تموز 2006 (حينما دخلت إسرائيل وحزب الله في حرب استمرت لشهر كامل) أو الحرب اللبنانية عام 1982." لذلك، من المحتمل أن يستمر النزاع في استهداف المواقع العسكرية فقط، دون توسع أكبر في الحرب. "حزب الله لن يقوم بأي شيء قد يؤدي إلى تصعيد الصراع.، يقول الصحفي روني شطح.
وتعتبر دول عديدة حزب الله اللبناني، أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية. ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول أخرى. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كـ "منظمة إرهابية".
دور الولايات المتحدة
جرت العملية الإسرائيلية في وقت كان فيه آموس هوكشتاين، المستشار السياسي للرئيس الأمريكي جو بايدن، في زيارة للمنطقة. كان هدف هوكشتاين من هذه الزيارة منع اندلاع حرب بين إسرائيل وحزب الله. بداية الأسبوع، أجرى هوكشتاين محادثات مع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت. الهدف من هذه الاجتماعات كان إقناع القيادة الإسرائيلية بعدم شن عملية عسكرية واسعة ضد حزب الله. بعد هذه المحادثات، كان هوكشتاين يعتزم السفر إلى لبنان للقاء ممثلين عن الحكومة اللبنانية، الذين كانوا بدورهم سيجتمعون مع حزب الله للتشاور.
على ما يبدو، لم يكن هوكشتاين على علم بالعملية المرتبطة بأجهزة "البيجر". ومع ذلك، كان وزير الدفاع الإسرائيلي غالانت قد أبلغ نظيره الأمريكي لويد أوستن عن ضربة قريبة، لكنه لم يقدم تفاصيل محددة.
وفقًا لجيل موريشيانو، لا تشكل هذه العملية عبئًا على العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة. إذ يرى أن : "الأمريكيين يؤكدون أنهم لم يكونوا على علم بالتفاصيل المتعلقة بالهجوم، لكن تركيزهم الرئيسي هو الاستمرار في دور الوساطة في المنطقة."
ومع ذلك، يرى الصحفي روني شطح أن الولايات المتحدة تواجه مشكلة في لبنان، تتمثل في غياب جهة اتصال موثوقة. ويقول شطح: "لا يوجد ممثلون سياسيون قادرون على إنهاء الصراع بطريقة تفيد البلاد. ولا يوجد أي من هؤلاء السياسيين قادر على إقناع حزب الله بتقديم تنازلات. وعلى الجانب الآخر، يبدو لي أن الإسرائيليين لا يأخذون دائمًا المصالح الأمريكية في الاعتبار".
التطورات المستقبلية ما زالت غير واضحة. صحيفة هآرتس لم تظهر الكثير من التفاؤل في هذا السياق. فقد كتبت الصحيفة على موقعها الإلكتروني: "الهجوم المنسوب إلى إسرائيل كشف ضعف حزب الله وأهان قادته. هذه ليست نوعية الحوادث التي تنتهي بهدوء في الشرق الأوسط."
شاركت في كتابة التقرير: رولا فرحات، بيروت.
أعده للعربية: عباس الخشالي