تفاقم الأزمة السياسية في العراق
١ يونيو ٢٠١٢بعد أن كانت الأزمة تدور حول اتهام رئيس الوزراء بالتفرد بالسلطة، اتخذت في الأسابيع الأخيرة منحى أكثر جدية مع طرح مسالة سحب الثقة من نوري المالكي، الشخصية الشيعية النافذة الذي يحكم البلاد منذ 2006. في هذا السياق يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، إحسان الشمري، إن"الأزمة السياسية بلغت سقفها الأعلى منذ بدايتها، إلا أنها لا تزال حاليا تدور في إطار اللعبة الديمقراطية".
ويضيف أن "البلاد في حالة شلل على كافة المستويات. هناك شلل سياسي واضح يوازيه تلكؤ حكومي وفشل في السلطة التشريعية, بينما الشعب محبط وخائف من التداعيات الأمنية، والاقتصاد يتراجع في ظل المخاوف المتصاعدة للمستثمرين".
وعلى وقع الخلافات بين معسكري رئيس الوزراء وخصومه التي بدأت فصولها عشية الانسحاب الأميركي نهاية 2011 بالاعتراض على "التفرد بالسلطة"، خصوصا من قبل السياسيين السنة، تعيش البلاد حالة من الترقب تنسحب سلبا على فاعلية مؤسسات الدولة الأبرز. و بين هذه المؤسسات البرلمان الذي لم يصوت خلال الأشهر الستة الأخيرة على أي قرار جوهري، باستثناء قانون الموازنة، بينما اجل حسم مسائل محورية أخرى مثل قانون النفط والغاز.
قضية الهاشمي
وأصابت سهام التجاذب السياسي القضاء أيضا ووضعته في قفص الاتهام بالتسييس، خصوصا على خلفية قضية نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي الذي صدرت بحقه مذكرة توقيف في كانون الأول/ديسمبر بعد اتهامه بالتورط بإعمال إرهابية. وتسببت قضية الهاشمي بتوتر بين بغداد وإقليم كردستان حيث كان يقيم قبل توجهه إلى تركيا، وشكل عدم تسلميه إلى القضاء في العاصمة شرارة الصدام بين المالكي ورئيس الإقليم الكردي مسعود بارزاني، و تزامن مع اتهامات بغداد لسلطات الإقليم بتهريب النفط إلى إيران وأفغانستان. في هذا السياق يرى النائب الكردي المستقل محمود عثمان أن "الدولة لم تعد موجودة بعد أن همشت الكتل السياسية البرلمان والدستور، فيما أن الخلافات بدأت تؤثر على التجارة والأمن، وكل شيء". و يضيف عثمان "كيف يعتبرون هؤلاء أنفسهم "رجال دولة" وهم عاجزون عن إيجاد حل؟ هم يتصرفون وكأنهم في صحراء". ويؤكد عثمان "حان الوقت كي يتوقفوا عن التصرف كقادة أحزاب وفئات، وان يتعاملوا كرجال دولة، وان يحسموا أمرهم نحو أي اتجاه يريدون دفع البلاد". وعلى مدى الأشهر الستة الماضية، فشل قادة العراق حتى في الاجتماع بسبب الخلاف على جدول الأعمال. وقد حددت عدة مواعيد لهذا اللقاء إلا أنها تأجلت جميعها واستعيض عنها باجتماعات مصغرة كرست الانقسام العمودي.
و كتب نائب الرئيس العراقي السابق، عادل عبد المهدي، في صحيفة "العدالة" التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي الأربعاء (30 من أيار/ مايو 2012) أن "الأزمة لغز كبير أن لم ينزع فتيله فقد ينفجر ويدمر". واعتبر من جهته باسم الشيخ رئيس تحرير صحيفة الدستور المستقلة أن "الأزمة الطاحنة" باتت تتطلب "قرارات مصيرية وجريئة"، واصفا الوضع الحالي ب"المهزلة السياسية". و حذرت صحيفة الدعوة المقربة من رئاسة الوزراء من أن الصراع "أصبح صاخبا على المصالح الحزبية والفئوية والطائفية والعنصرية، مما لا ينذر بسقوط الحكومة فقط، وإنما بزوال مشروع الدولة العراقية".
ح.ع.ح/أ.ف.ب
مراجعة: زمن البدري