تعليق: تركيا تخطو نحو لقب "رجل البسفور المريض"
١٥ مايو ٢٠١٤كثيرا ما تقع حوادث مناجم في المناطق التي يوجد بها الفحم في تركيا لكن هذه الحوادث لا يتم تسجيلها على المستوى المحلي ناهيك عن المستوى الدولي. حادث المنجم الذي وقع يوم الثلاثاء الماضي (13 آيار/مايو 2014) في بلدة سوما غربي البلاد خلف عددا كبيرا من الضحايا لم تشهده تركيا حتى الآن. تجاوز عدد القتلى كافة التوقعات في ظل وجنود بيانات تقريبية حول عدد العمال العالقين في المنجم. ويتراجع عدد الأحياء الذين ينتظرون الانقاذ في حين يرتفع في المقابل عدد القتلى.
وكما هو الحال عقب وقوع حادث كبير من هذا النوع في العالم كله ، يبدأ تبادل الاتهامات وإلقاء المسؤولية من كل طرف على الآخر وهو نفس الأمر الذي يحدث في تركيا حاليا، لكن كل محاولة لاستغلال معاناة البشر لتحقيق هدف سياسي ليست سوى دليل على عدم الاحترام تجاه الله وتجاه من كان مصيرهم الموت وتجاه الناجين. تحاول المعارضة توجيه الأنظار إلى رفض حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، طلبا من المعارضة للتحقيق في مسألة الأمن في المناجم التركية قبل نحو أسبوعين، لكن هذا الأمر لن يفيد ضحايا الحادث.
في الوقت نفسه لن تفيد أيضا التصريحات حول خفض أسعار المعالجة لانتاج كل طن من الفحم ولن تساهم في التخفيف من معاناة الناس. الحديث عن التغطية على الكثير من أوجه الخلل هو وجه واحد للعملة فمن المهم هنا معرفة حجم الرشاوى والتي لا يوجد حولها الآن سوى تكهنات.
ألقى الموضوع بظلاله على التوقعات بشأن ترشح أردوغان لمنصب الرئاسة التركية إذ لم يعد فوزه بالجولة الأولى المقرر لها في العاشر من آب/أغسطس، مسألة مؤكدة. خوض الجولة الثانية في الرابع والعشرين من آب/أغسطس مسألة لا ترضي طموحات أردوغان الذي يرغب في الفوز بالجولة الأولى في أول انتخابات رئاسية يختار فيها الشعب الرئيس. لكن بغض النظر عن كل هذا ففوز أردوغان في الجولة الثانية ليس مضمونا أيضا لاسيما وأن المعارضة يمكن أن تتفق على مرشح توافقي ينافس أردوغان.
ثمة الكثير من الأخطاء في الدولة التركية لكن كل أمل بالتراجع عن الطريق الخاطئ، يعطي الناس الطاقة للعيش في مجتمع يزداد فيه الفساد وهي خسارة لدولة كانت ذات ثقل مهم كقوى سياسية واقتصادية في المنطقة لكنها صارت الآن توصف بشكل متزايد في أوروبا بـ " رجل البسفور المريض".