تعليق: إمدادات الأسلحة إلى سوريا ينبغي أن لا تبقى من التابوهات
١٤ مارس ٢٠١٣منذ عامين يتواصل الاقتتال والاغتيال في سوريا. ومنذ عامين، لم تنجح محاولات المجتمع الدولي في وقف إراقة الدماء. فقد لقي سبعون ألف مدني على الأقل مصرعهم، وشُرد أكثر من مليون شخص أو هربوا خوفا على حياتهم. وفي ظل هذه المأساة، ومن وجهة نظر إنسانية، وجب الأخذ في الاعتبار الحلول التي كانت مستبعدة لحد الآن ولأسباب مفهومة.
الأسباب الوجيهة التي تبرر منع مد المعارضة المسلحة في سوريا بالأسلحة، يمكن قراءتها من خلال تصريحات كثيرة لوزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله. فيسترفيله يرى الخطر في "حريق واسع النطاق في المنطقة " ويحذر من "سباق تسلح من جميع الجهات". وهنا يضع، ربما، في اعتباره على الخصوص روسيا وإيران اللتان تدعمان عسكريا النظام السوري بقيادة بشار الأسد .
مخاطر مهولة
وفي الواقع، قد تكون المخاطر مهولة. فقد يزيد حجم إراقة الدماء. وقد تقع الأسلحة في "آيادي غير أمينة"، أي في أيدي الميليشيات الإسلامية المتطرفة التي أصبحت منذ وقت طويل جزءا لا يتجزأ من الثورة ضد النظام. هناك خطر حقيقي من أن تستعمل هذه الميليشيات الأسلحة الغربية ضد إسرائيل أو في الداخل ضد الأقليتين العلوية والمسيحية. وهذا أمر لا يطاق البتة.
صحيح أن منظمة العفو الدولية قد وثقت لتوها مرة أخرى أن النظام هو من مارس الجزء الأكبر من الفظائع، لكن جزءا من المعارضة المسلحة هو الآخر يرتكب بشكل متزايد انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. ومع ذلك، يقول فيسترفيله أنه لا يستبعد أن "يتغير تقييم الوضع". وهو ما حصل فعلا في فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية منذ مدة طويلة. فباريس ولندن تلحان على مد المعارضة المسلحة السورية بالأسلحة. وإذا لزم الأمر باتخاذ قرار فردي. وقد تحدثت عدة وسائل إعلام مشهورة عن أن تدريبات جارية لعناصر المعارضة السورية في الأردن على أيدي قوات من الجيش الأمريكي والبريطاني.
ما هو الخطر الأكثر جسامة؟
هناك أيضا أسباب وجيهة للسياسية التي ينتهجها الأمريكيون والبريطانيون والفرنسيون. فمن جهة يمكن لإمداد المعارضة بالأسلحة أن يقصر من أمد الصراع الدامي، الذي قد لا يمكن حسمه في أسوأ الأحوال إلا عسكريا. ومن جهة أخرى، يمكن أن تكون فرصة لتصحيح التطور الخطير داخل حركات الانتفاضة السورية. حيث يزداد نفوذ قوى متطرفة منذ مدة طويلة بسبب التحفظ الغربي.إذ تحصل هذه القوى على أسلحة من مصادر مشبوهة مثل السعودية التي ينظر إليها كمساعد متضامن، في حين تلام الدول الغربية على أنها تراقب القتل مكتوفة الأيدي.
لا ينبغي اتخاذ قرار تزويد المعارضة السورية بالأسلحة بشكل متهور. فحتى وإن توفرت الظروف المثالية لذلك، يبقى هذا القرار بالغ الخطورة. لكن، ومع ذلك لا ينبغي أن يبقى موضوع الإمدادات العسكرية من التابوهات لوقت أطول. فمواصلة مواجهة القتل دون حيلة بمبادرات فاشلة، قد يكون في نهاية المطاف أكثر خطورة.