تصميم فلسطيني على إقامة المنطقة الصناعية في الضفة
١١ أكتوبر ٢٠١٤منذ أواخر التسعينيات، شرعت السلطة الفلسطينية بإعداد تصاميم لإقامة منطقة صناعية دولية بعد أن حصلت على مساندة من ممولين دوليين لدعم الاقتصاد الفلسطيني، وفي طليعتهم ألمانيا وتركيا. وإذا ما نفذت هيئة المدن الصناعية الفلسطينية التصاميم على أرض الواقع فستكون من أهم المناطق الصناعية، التي تماثل في مستواها المنطقة الصناعية في غزة.
تقع المنطقة الصناعية الحرة على منطقة منبسطة جرداء، من أراضي جنين شمال الضفة الغربية، وتمتد على 900 دونم وتمتاز بمحاذاتها لسهل مرج بن عامر المشهور بانتاج أصناف ممتازة ومتنوعة من الخضروات والفاكهة. وتتميز هذه المنطقة بموقعها الوسيط بين معبر "الشيخ حسين" في الأراضي الأردنية شمالا وميناء حيفا في إسرائيل غربا.
لا أحد يشكك في أهمية المنطقة الصناعية، إلا أن القائمين عليها يسعون جاهدين ومنذ أواخر التسعينيات لتجاوز عقبات عديدة ارتبط جزء كبير منها بالمناخ السياسي العام، إضافة إلى معوقات "منها إتمام شراء الأرض وتعويض مالكي الأراضي. وتشكل ملكية الأراضي ما بين 70 بالمائة لشركة الشمال للمدن الصناعية الدولية، و24 بالمائة يملكها صغار المزارعين و 6 بالمائة يملكها فلسطينيو الشتات والغائبون.
وقد شكلت الحكومة الفلسطينية لجنة من كافة الوزارات المتخصصة لوضع قيمة الدونم بشكل مرادف لقيمته السوقية، وأن لا يقع إجحاف على أصحابها. وعليه فقد قدرت تعويضهم بنحو6.10 دولار للمتر المربع، أي قرابة 10 مليون دولار كمبلغ إجمالي.
ودفعت شركة "توب بيس" التركية المسؤولة عن تطوير المنطقة الصناعية نحو 5 مليون دولار لتعويض 24 بالمائة من مالكي الأراضي، ومن المتوقع خلال الفترة القصيرة القادمة أن يتم تعويض الملاك الآخرين وهم شركة الشمال وحصص الغائبين.
وتسعى الشركة التركية التي وقعت عقد امتياز لتنفيذ المنطقة الصناعية وإعداد المخططات الرئيسية وخطط التسويق خلال عام 2010، بشكل حثيث لتنفيذ المشروع. وهي تعتبر من أهم الشركات التي يملكها إتحاد العام للغرف التجارية والصناعية التركية، التي تدير 38 منطقة صناعية في تركيا.
تحديات تواجه المنطقة الصناعية
أشار الدكتور علي شعث المدير التنفيذي لهيئة المدن الصناعية والمناطق الحرة في حوار مع DW عربية، إلى تحديات تواجه المشروع وعلى رأسها "نقل ملكية الأراضي إلى السلطة الفلسطينية كي تتمكن من الإشراف على تنفيذ مخططات المنطقة الصناعية. لقد احتاج نقل تصنيف قطع من الأراضي تقع في منطقة "سي" لمنطقة "بي" مفاوضات استغرقت وقتا طويلا مع السلطات الإسرائيلية وكذلك الوضع بالنسبة لتوفير 2000 متر مكعب من المياه في اليوم".
ولا تزال إدارة المنطقة الصناعية وبمساعدة الجانب الاستشاري الألماني تبحث عن حلول هندسية للتغلب على مشكلة اختيار المكان المناسب لإنشاء محطة الصرف الصحي.
وذكرت جهات ألمانية مسؤولة في حديث مع DW عربية أن الحكومة الألمانية قدمت قرضا ميسرا بقيمة 14,25 مليون يورو عن طريق بنك التنمية الألماني KFW لدعم الاقتصاد الفلسطيني وخلق مزيد من فرص العمل، وكذلك لتعزيز فرص السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين عن طريق تعزيز العلاقات التجارية بين الطرفيين.
وتعمل هيئة المنطقة الصناعية على إنشاء محطة تحويل كهرباء بالتنسيق مع بنك التنمية الألماني وشراء محول بسعة 45 ميغا واط وفتح شوارع بطول 1700 متر.
المنحة الألمانية تنتظر تحضير المخططات التنفيذية
الخطوة الثانية التي تنتظر تحريك المنحة الألمانية بعد تعويض الملاك كما يوضح السيد شعث في حديثه لـDW عربية هي تحضير المخططات التنفيذية التفصيلية والبدء في تنفيذ البنى التحتية للمدينة الصناعية من قبل شركة "توب بيس" التركية بالتنسيق مع الطرفين الفلسطيني والألماني.
وفي هذا السياق، فإن شركة "توب بيس" وشركة "تمبو" الألمانية تجريان دراسة حول طبيعة الصناعات التي تلائم المنطقة وفيما إذا كانت للصناعات الخفيفة (ملابس) أو المتوسطة أو التكميلية، مع مراعاة معايير الصحة والسلامة الدولية وأن تكون المصانع المراد بناؤها صديقة للبيئة.
وأكد د.علي شعث لـ DW عربية "أن هذه المنطقة ستوفر حسب دراسة الجدوى نحو 20 ألف فرصة عمل، وكذلك نسعى لأن تنتهج فلسطين الأسلوب الألماني من خلال التركيز على مراكز التدريب لنقل الخبرة الألمانية في مجال الصناعة ونظام وان ستوب شوب" أي توفير جميع الخدمات للمستثمر من خلال نافذة واحدة حتى لا تكون أمامه معوقات.
وفي إطار دعم القطاعات الإنتاجية، اعتبر المدير العام للغرفة التجارية في جنين محمد اكميل في حديث مع DW عربية، أن هذه المنطقة الصناعية ستشكل عاملا جاذبا للشركات الأجنبية في ظل وجود خطة ترويجية تستهدف دول الخليج وتركيا وأوروبا وأمريكا الشمالية لتحفيزهم على الاستثمار، إضافة لتوفير عمالة فلسطينية متعلمة ذات مهارة عالية.
وأشار اكميل لآفاق جذب استثمارات تركية للمنطقة، فقد أبدى وفد من اتحاد الغرف التجارية والصناعية التركية استعدادهم لإقامة مصانع ملابس ونسيج وغيرها من الصناعات، بعد زيارة ميدانية للمنطقة.
ومن جانب أخر، تنظم إحدى المؤسسات المحلية، حملة بعنوان "معا من أجل حماية مرج ابن عامر" لتوعية الرأي العام بالمخاطر البيئية للمناطق الصناعية في أراض زراعية، ويعتبر مرج ابن عام من أكثر السهول خصوبة وملاءمة للزراعة. وتدعو الحملة إلى البحث عن بدائل زراعية تساهم في تعزيز الاقتصاد الفلسطيني وتفكيك تبعيته للاقتصاد الإسرائيلي.
حلم المنطقة الصناعية كما يراه د. علي شعث "قاب قوسين أو أدنى من التحقق في حال التزام الأطراف المعنية وعدم تعطيل إسرائيل هذا المشروع الوطني الكبير، تكون أعمال البنية التحية قد اكتملت في منتصف العام المقبل ونرى بعض المصانع قد بدأت بالعمل".