تسليح الأكراد - تحول تاريخي في سياسة ألمانيا الخارجية؟
١ سبتمبر ٢٠١٤يرى محللون أن قرار ألمانيا بإرسال أسلحة إلى أكراد العراق، الذين يواجهون مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" يعد تحولا جذريا في الموقف الألماني من الحروب الخارجية. فمنذ نهاية الحرب العالمية الثانية التزمت الحكومات الألمانية بموقف عدم إرسال أسلحة إلى مناطق النزاع كيفما كان الأمر.
الوضع الراهن في العراق يستدعي اتخاذ مثل هذه القرارات، حسب المستشارة الألمانية ميركل التي دافعت اليوم في البرلمان الألماني البوندستاغ عن قرار إرسال أسلحة إلى أكراد العراق، موضحة أنه يخدم أمن أوروبا المعرض للخطر.
وفي هذا السياق أشارت المستشارة الألمانية أن نحو 400 مواطن ألماني توجهوا إلى العراق وسوريا للقتال إلى جانب الإسلاميين المتطرفين الذين يهددون استقرار المنطقة بأكملها. كما عبرت عن تخوفها من أن " أن يعود هؤلاء المقاتلون في يوم ما، ويشنوا هجمات في المدن الأوروبية".
من جهته أكد زعيم كتلة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في البرلمان الألماني توماس أوبرمان أن إرسال أسلحة إلى العراق لا يشكل تغييرا لنموذج السياسة الخارجية الألمانية. وأضاف أوبرمان: "لا يعد ذلك خرقا للمحرمات". مضيفا أن ميليشيات "الدولة الإسلامية" تهدد حياة ملايين المواطنين في شمال العراق، كما تهدد المنطقة بأكملها. واعتبر أن "أخذ موقف استثنائي من المبدأ الذي ينص على ضرورة عدم إرسال أسلحة إلى مناطق النزاع والأزمات هو موقف له مبرراته بالكامل، حيث إنه لابد أولا من ردع ميليشيات "تنظيم الدولة الإسلامية"، حتى يمكن إمداد المدنيين بمساعدات إنسانية".
انتقادات أحزاب المعارضة
وترفض المعارضة وعلى رأسها حزبي الخضر وحزب اليسار الاشتراكي تزويد الأكراد بأسلحة. كما إنها تحذر من أن تصبح ألمانيا طرفا في حرب بمنطقة تتنازع فيها أطراف مختلفة. وفي هذا الإطار اعتبر زعيم حزب اليسار غريغور غيزي هذه الخطوة مخالفة للقانون الدولي وتساءل: لماذا لم تطلب الحكومة الألمانية من مجلس الأمن التدخل لإنشاء منطقة لحماية اللاجئين في شمال العراق، بدلا من إرسال أسلحة إلى هناك. كما اعتبر غيزي أنه من خلال هذا النهج تكون الحكومة الألمانية قد قامت "بخرق قانون التجارة الخارجية وقانون الرقابة على الأسلحة الحربية وكذلك بخرق المبادئ الأساسية للحكومة الألمانية بشأن تصدير الأسلحة". وانتقد غيزي حكومة المستشارة ميركل ومكانة ألمانيا من بين الدول المصدرة للأسلحة ملاحظا:"باحتلال ألمانيا المركز الثالث من بين الدول المصدرة للأسلحة في العالم ، فإن ذلك يعني بالطبع استفادتها من أي حرب".
استخدام الأسلحة لأغراض أخرى؟
الأطراف المؤيدة لتزويد الأكراد بالأسلحة لم تخف هي الأخرى تخوفها من أن يتم استخدام تلك الأسلحة لأغراض أخرى في وقت لاحق، مثلا في حرب محتملة من أجل حصول الأكراد على الاستقلال. وهو أمر قائم في رأي رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي زيغمار غابرييل، الذي اعترف بأن تسليح الأكراد لا يخلو من المخاطر، " لكن ذلك أمر لابد منه". إنه نفس الموقف الذي عبرت عنه المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في حوار مع القناة الألمانية الأولى عندما أكدت أنها لن ترسل جنودا للقتال في العراق كما أنها لن توافق على تزويد حزب العمال الكردستاني بالسلاح.
تجدر الإشارة إلى أن غالبية المواطنين الألمان يعارضون فكرة تزويد تسليح الأكراد وهو ما أكده استطلاع للرأي أجرته مجلة شترن الألمانية، حيث يرفض 63 بالمائة ممن شملهم استطلاع الرأي تزويد الأكراد بأسلحة ألمانية، في حين بلغت نسبة المؤيدين 30 في المائة فقط.