تسجيل صوتي يهدد بتوريط أدروغان في فضيحة الفساد
٢٦ فبراير ٢٠١٤بعد مرور إثنتي عشرة ساعةً على نشر تسجيل مكالمة هاتفية يُزعم أنّها لرئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، يدعو فيها ابنه للتخلص من الأموال الموجودة في البيت، وصل عدد الزوّار للموقع الإلكتروني الّذي نشرَ المكالمةَ إلى اثني عشر مليون شخص. وفي مواقع التواصل الاجتماعي علّق الأتراك على الواقعة بالقول: "الأمر مُحرجٌ جداً!"، "الإثارة السياسية وصلت إلى قمّتها"، أو" ألم تكن تركيا تريد الإنضمامَ إلى الإتحاد الأوربيّ؟". تلك كانت ردود الفعل الأساسيّة على موقعي فيسبوك وتويتر. بيدَ أنّ السؤالَ الرئيسي هو، كما كتبت سيدة في تغريدة لها على موقع تويتر: "هل يمكن لشخص ما التحقّق فيما إذا كان الأمر يتعلّق بالفعل بصوت أردوغان".
يرجّح أن المكالمات الهاتفية التي تُنسب لأردوغان مع ابنه تعود إلى 17 و18 ديسمبر/ كانون الأوّل من العام الماضي. فالسابع عشر من ديسمبر/ كانون الأوّل هو اليوم الذي انفجرت فيه فضيحة الفساد المالي التي تورط فيه أبناء وزراء من حزب العدالة والتنمية الحاكم وعدد من رجال الأعمال. ويتعلق الأمر في تلك الفضيحة برشى وصفقات تجاريّة للذهب مع إيران، إضافةً إلى صفقات مشاريع غير قانونيّة.
مطالبة أردوغان بالاستقالة
من جانبها ردّت الحكومة على التسجيل الهاتفي المتداول بسرعة، من خلال بيان صحفيّ تقول فيه: "المقاطع المسجّلة المنسوبة لأردوغان مع ابنه، هي نتيجة مونتاج غير أخلاقي وغير واقعي إطلاقاً". غير أن حزب الشعب الجمهوري الذي يعتبر أكبرَ حزب معارض في تركيا، طالب حكومة أردوغان بالاستقالة. وقال المتحدث باسم الحزب خلوق كوج في حوار مع صحيفة الحياة التركية: "إنه غير مقبولٌ بأن يواصل شخص يتواجد في مركز صفقات مشبوهة وفاسدة، حكم البلاد". مُضيفاً أن "الحكومة الحاليّة فقدت شرعيتها كاملةً". وضمّ حزب الحركة القوميّة صوته لحزب الشّعب الجمهوري، حيث جاء على لسان رئيس الحزب داود باهتشلي: "إذا كانت تلك التسجيلات حقيقيّة وغير مزيّفة، فإنه يجب التشكيك في مصداقية رئيس الوزراء".
وبعد نشر تلك التسجيلات نزل مئات المتظاهرين المعارضين للحكومة إلى شوارع أنقرة ومدن تركية أخرى رافعين شعارات من قبيل: "الرشوة والفساد في كل مكان". وشهدت المظاهرات صدامات مع شرطة مكافحة الشغب، التي استعملت الغاز المسيلَ للدّموع لتفريق المتظاهرين.
توجيه أصابع الاتهام للدولةالعميقة
وتتزايد حدّة الانتقادات لأردوغان ولحزبه منذ ظهور فضيحة الفساد المالي في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، خصوصاً بعد إقدامه على إقالة قضاة عدد كبير من كبار القضاة ووكلاء النيابة العامة وضباط الشرطة. وينظر المنتقدون إلى تلك الإجراءات التي اتخذها اردوغان، كرد فعل منه على حملات التفتيش التي قامت بها الشرطة في إطار التحقيقات بشأن فضيحة الفساد. ويواصل أردوغان توجيه الاتهام لما يسميه "الدولة العميقة"، حيث يقصد بالدرجة الأولى الداعية فتح الله غولان المقيم بالولايات المتحدة الأمريكية، ويتهمه بالوقوف وراء الهجمات التي تلاحقه وحكومته. وكان غولان في السابق حليفاٌ لأردوغان، إذ يرجح أن عدد أنصاره داخل أجهزة الشرطة والعدالة تزايد، وهو ما يرجح تقييم إصلاحات أردوغان في مجال القضاء كمحاولة لإضعاف أتباع غولان داخل تلك الأجهزة.
أما الخبير السياسي التركي جان بكار الذي كان يعمل في وقت سابق كمستشار لقيادة حزب الشعب الجمهوريّ، فيتساءل عن الجهة الحقيقية التي تقف وراء التسجيلات المنسوبة لأردوغان، وهل التسجيل حقيقي؟. يجيب بكار على ذلك في حوار مع DWبالقول: "سواء أتباع حركة غولان أو أتباع أردوغان، لديهم تسجيلات لمكالمات هاتفية لبعضهم البعض، ويحتفظون بها كذخيرة يقومون بنشرها في الوقت المناسب لهم لكشفها للرأي العام". ويعتبر بكار المسألة جزء من الصراع حول السلطة.
وبدوره يؤكّد الباحث في العلوم السياسية والصحافي، جانكيز أكتار، بأنه لم يتم بعدُ التأكد من صحّة التسجيلات. ويوضّح ذلك في حوار مع DWقائلاً: "في حال ثبوت صحّة تلك التسجيلات الهاتفية، فإنها ستُعتبر جزءاً من التحقيقات بشأن فضيحة الفساد. لكن تداعيات الواقعة الجديدة تختلف عن تداعيات فضيحة الفساد، وتتخذ الأزمة الحالية أبعاداً أخرى، إذتطالب المعارضة هذه المرة باستقالة أردوغان" لكنه رغم ذلك لن يستقيل، ويتمسك بمنصبه، حسب أكتار الذي يعيد ذلك إلى عدم وجود "تقاليد إستقالة من هذا النوع في تركيا و أحد يمكنه إجبار اردوغان على الاستقالة، ولن يتراجع أي خطوة إلى الوراء".