تساؤلات في ألمانيا حول امتناع برلين عن التصويت لفرض حظر جوي على ليبيا
١٨ مارس ٢٠١١أوضح وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيلّه أمام البرلمان الاتحادي (البوندستاغ) الأسباب التي دعت حكومته إلى الامتناع عن التصويت في مجلس الأمن الدولي لقرار فرض حظر جوي على ليبيا والسماح بشن عمليات عسكرية جوية لحماية المدنيين الليبيين، دون إرسال قوات برية إليها. وقد أثار موقف الحكومة الألمانية جدلا واسعا في ألمانيا وانتقادات خصوصا من حزب الخضر المعارض.
فيسترفيلّه: نؤيد العقوبات لا التدخل بسبب محاذيره
وقال فيسترفيلّه في بيان حكومي أدلى به في حضور المستشارة أنغيلا مركل إن ألمانيا لن تشارك في حرب على ليبيا، وأن حكومته "تتفهم موقف الأطراف التي قررت التدخل العسكري انطلاقا من أهداف جديرة بالاحترام، لكننا بعد أن درسنا الأمر ومخاطره قررنا أننا لن نشارك بجنود ألمان في حرب أو عمل عسكري في ليبيا".
وأوضح الوزير الألماني أن هذا هو السبب الذي جعل بلاده تمتنع عن تأييد قرار مجلس الأمن، لكنه أكد أن بلاده تؤيد بالطبع الشق الآخر من القرار الداعي إلى تشديد العقوبات على نظام القذافي. وأكد فيسترفيله:"نتعاطف مع المواطنين الليبيين، ونعلم أن هناك ضرورة لحمايتهم وزيادة الضغوط على الدكتاتور القذافي"، لكنه اكتفى بالدعوة إلى تكثيف العقوبات والحصار على النظام الليبي.
بلبلة داخل الأحزاب الألمانية والخضر ينتقدون الحكومة
ورغم أن الأحزاب الألمانية الخمسة في البرلمان ترفض من الناحية المبدئية التدخل العسكري الخارجي، وتحذر من نتائجه كما ظهر في حالة العراق، ظهر تفاوت في مواقف الأحزاب الألمانية هذه المرة، حيث انتقد حزب الخضر الحكومة بشدة بسبب امتناع الحكومة عن التصويت قائلا إن الشعب الليبي يتعرض إلى مذبحة. كما ظهر تمايز في موقف المسيحيين حيث دعا البعض إلى إعادة النظر، لو جزئيا، في موقف الحكومة. ورأى بعض الاشتراكيين أن التصويت إلى جانب قرار فرض الحظر لا يعني المشاركة في العمليات العسكرية بصورة آلية، وأن موقف الحكومة ووزير الخارجية اتخذ لأسباب داخلية انتخابية. أما حزب اليسار فأيد بشدة موقف الحكومة.
وأثار الموقف الرسمي الألماني تساؤلات عدة عن أسباب التحفظ والامتناع عن المشاركة في حرب أو في عملية عسكرية نالت موافقة مجلس الأمن الدولي علما أن برلين شاركت في حرب كوسوفو دون الحصول على موافقة مجلس الأمن قبل أن تتمنّع لاحقا عن المشاركة في الحرب التي شنتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على العراق.
الخبير لودرز: برلين لم تفهم بعد أهمية الثورة العربية
وفي حوار مع دويشته فيله علّق الخبير في شؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا ميشائيل لودرز، على الجدل الدائر حول موقف الحكومة الألمانية من قرار مجلس الأمن، بالقول إن من الصعب فهم موقف حكومته الذي يمكن اختصاره بأنها لا تريد التدخل في السياسة الليبية الداخلية.
وأضاف أن الحكومة الألمانية "لم تفهم حتى الآن أهمية الثورة العربية، وهي خائفة من التطورات التي قد تحدث تغييرا في العلاقات القائمة حاليا مع الغرب، وفي الوقت ذاته لا تريد الدخول في عمل عسكري جديد كما حدث في أفغانستان".
وأشار لودرز إلى أن وزير الخارجية رئيس الحزب الليبرالي الحر، فيسترفيلّه جرّ المستشارة ميركل إلى موقف الإمتناع عن التصويت، واعتبر الخبير الألماني أن برلين"تقف الآن معزولة داخل الحلف الأطلسي الذي يضم حلفاءها" متابعا أن بلدان صغيران مثل النرويج وبلجيكا جاهزان الآن على عكس ألمانيا للمشاركة في العمليات العسكرية. ولفت إلى أن رد فعل الرأي العام العربي والليبي "لن يكون إيجابيا تجاه بلدي".
وفي رده على سؤال بشأن رفض غالبية الشعب الألماني المشاركة العسكرية في أفغانستان ومقارنة ذلك بالحالة الليبية، قال لودرز إن فيسترفيلّه يعرف ذلك ويستغله للاستفادة منه انتخابيا في الانتخابات التي ستجري قريبا في ولايتين ألمانيتين. وأضاف أن الوضع في ليبيا "حيث توجد ثورة شعبية حقيقية يختلف عنه في أفغانستان" مشددا على أن لا أحد يطلب وجود قوات غربية أو ألمانية في ليبيا.
وعن مدى تناقض السياسة الألمانية في كوسوفو حيث تدخل الجيش الألماني فيها رغم عدم وجود قرار دولي بذلك والموقف الحالي من ليبيا، قال الخبير لودرز إن التناقض واضح جدا "وعندي انطباع بأن برلين تعتقد أن ليبيا بلد بعيد من الناحية الجيواستراتيجية عن ألمانيا، ولذا يمكن اتخاذ مثل هذا الموقف فيما كوسوفو قريبة منا".
اسكندر الديك
مراجعة: منصف السليمي